كلمة رئيس الوفد الرسمي الأردني للاستعراض الدوري الثالث الشامل لحقوق الإنسان، باسل الطراونة: 

 

ندركُ في الأردنِ أنّ التقدمَ في حالةِ حقوقِ الإنسانِ عاملٌ رئيسٌ في تحقيقِ الاستقرارِ وتعزيزِ الأمنِ والسلامِ العالميين، وتجذيرِ إحساسِ الأفرادِ والمجتمعاتِ بالمواطنةِ الحقةِ؛ ولذلك فقد أولى الأردنُ هذا الجانبَ أهميةً خاصةً وأفردَ له حزمةً من التشريعاتِ والإجراءاتِ التي ألقتْ بظلالِها على الشعورِ الجمعيِ بالإحساسِ بالانتماءِ الحقيقيِ والعدالةِ في الوصولِ إلى الفرصِ والحقوقِ.

ويُسعدُني أن أكونَ – والوفدَ المرافقَ - بينكم اليوم، لمناقشةِ تقريرِ المملكةِ الأردنيةِ الهاشميةِ الثالثِ ضمنَ آليةِ الاستعراضِ الدوريِ الشاملِ أمامَ مجلِسكمُ الموقرِ لأُبين أهمَ المستجداتِ والتطوراتِ المحرزةِ على حالةِ حقوقِ الإنسانِ منذُ الاستعراضِ السابقِ في العامِ 2013، مؤكداً أن هذه الآليةَ الأممية أتاحتْ فرصـــةً للمملكة لتقييم حالةِ حقوقِ الإنسانِ تقييماً موضوعياً سعياً إلى الوصولِ إلى حالةٍ مُثلى بخصوصِ حقوقِ الإنسانِ، على الرغمِ مما تعانيه المملكةُ بسببِ التحدياتِ والظروفِ المحيطةِ، مؤكداً على ترحيبِ المملكةِ بالتعاونِ معَ جميعِ الشركاءِ لإنجاحِ المهمةِ الإنسانيةِ النبيلةِ التي يضطلعُ بها مجلسُ حقوقِ الإنسانِ.

تولي المملكةُ الأردنيةُ الهاشميةُ حمايةَ وتعزيزَ منظومةِ حقوقِ الإنسانِ أهميةً كُبرى، وتعملُ على ترسيخِها مستندةً في ذلك إلى إرثٍ حضاريٍ كبيرٍ وإرادةٍ سياسيةٍ مستنيرةٍ ومنفتحةٍ بقيادة جلالةِ الملكِ عبدِ اللهِ الثاني بنِ الحسينِ أرستْ مبادئَ لدى المؤسساتِ الوطنيةِ، جعلتْ التحولَ الديمقراطيَ والإصلاحَ الشاملَ الرامي إلى الارتقاءِ بحقوقِ الإنسانِ نهجاً ثابتاً لا يتزعزعُ، وتُرجمتْ على أرضِ الواقعِ بإشرافٍ ملكيٍ مباشرٍ إلى ممارساتٍ حيةٍ تؤكدُ الحرصَ على تطبيقِ مفهومِ التنميةِ المستدامةِ، والاستثمارِ في الإنسانِ وحمايةِ وصونِ حقوقهِ لضمانِ الحياةِ الكريمةِ له.

لقد حققــتِ المملكةُ خلالَ السنواتِ الأربعِ الماضيةِ إنجازاتٍ تاريخيةً هامةً غير مسبوقةٍ على صعيــدِ الإصلاحِ وتعزيزِ حقوقِ الإنسانِ والحرياتِ الأساسيةِ، وذلك على الرغم مما تشهـــدهُ المنطقةُ من تحولاتٍ واضطراباتٍ وتداعياتٍ أمنيةٍ خطيرةٍ، لم تثْنِ عزيمةَ الأردنِ عن متابعةِ مسيرةِ الإصلاحِ والنهوضِ بحالةِ حقوقِ الإنسانِ، بل شكلتْ هذه التحدياتُ فرصةً للمملكةِ لإثباتِ صدقِ توجهِها وعزمِها واحترامِها لحقوقِ الإنسانِ وسعيِها الدؤوبِ لتعزيزِها، من خلالِ الموازنةِ بينِ الأمنِ والسلامِ ومكافحةِ الإرهابِ وحقوقِ الإنسانِ وترسيخِ مبادئِ سيادةِ القانونِ.

إن نهجَ المملكةِ القائمِ على التشاركيةِ والتعاونِ بينَ سلطاتِ الدولةِ وإبرازِ دورِ المجتمعِ والحرصِ على إدماجِ الجميعِ وعدمِ إقصاءِ الآخرِ، يعدُ ضمانةً لمنظومةٍ متكاملةٍ لحقوقِ الإنسانِ، حيثُ تمَ التركيزُ على المناطقِ النائيةِ والمناطقِ الأقلِ حظاً.

كفل الدستورُ الأردنيُ حمايةَ الحقـــوقِ والحرياتِ الأساسيةِ للأفرادِ في جميعِ مناحي الحياةِ المدنيـــةِ، والسياسيـــةِ، والاقتصاديةِ، والاجتماعيةِ، والثقافيـــةِ، وتضمنُ قواعدَ متفقةً مع المعاييرِ الدوليةِ التي تشكلُ بمجموعِها حمايةً فعليةً لحقوقِ الإنسانِ ومنعِ أيِ اعتداءٍ على الحقوقِ والحرياتِ أو المساسِ بها أو الانتقاصِ منها، وأعلتْ من شأنِ الإنسانِ وكرامتهِ، كما أعطتِ الحــقَ للأردنيين في إنشـــاءِ النقاباتِ والأحزابِ السياسيـــةِ، وكفلتْ حـــقَ التعليــمِ وإلزاميتهِ ومجانيتهِ، وحقَ العملِ لجميعِ الأردنيينِ، وحظرتِ المساسَ بالإنسانِ وحقوقهِ ســـواءَ أكانَ بدنياً أم معنوياً، وأضفتْ هذه القواعدُ حمايةً قانونيةً للأمومةِ والطفولةِ والشيخوخةِ والمرأةِ وذوي الإعاقةِ، كما كفلتْ هذه القواعدُ حريةَ الرأيِ والتعبيرِ وحريةِ الصحافةِ والطباعةِ والنشرِ، ووسائلِ الإعلامِ، والإبداعِ الأدبيِ والفنيِ والثقافيِ والرياضيِ، وضمنتْ حريةَ المراسلاتِ البريديةِ والبرقيةِ، والمخاطباتِ الهاتفيةِ، وغيرِها من وسائلِ الاتصالِ، وأكدتْ على اعتبارها سريةً لا تخضعُ للمراقبةِ أو الاطلاعِ أو التوقيفِ أو المصادرةِ إلا بأمرٍ قضائيٍ حمايةً لحقٍ ثابتٍ مستقرٍ.

تنفيذاً للتوجيهاتِ الملكيةِ الساميةِ للارتقاءِ بمنظومةِ حقوقِ الإنسانِ بما يعززُ مكانةَ الأردنِ في رعايتِه وحمايتِه لها، ويؤكد الإيمانَ الأردنيَ بأهميةِ الإنسانَ والحفاظِ على حقوقِه باعتبارِه الموردَ الأغلى، وإعمالاً لمبادئِ الدستورِ ومبادئِ ميثاقِ الأممِ المتحدةِ والمواثيقِ الدوليةِ التي صادقَ عليها الأردنُ، جاء إعدادُ الخطةِ الوطنيةِ الشاملةِ لحقوقِ الإنسانِ (2016-2025) بالتنسيقِ معَ الجهاتِ الرسميةِ وغيرِ الرسميةِ ومنظماتِ المجتمعِ المدنيِ، بعدَ دراسةٍ معمقةٍ لحالةِ حقوقِ الإنسانِ في المملكةِ لمعالجةِ أوجهِ الخللِ القائمةِ على صعيدِ التشريعاتِ والسياساتِ والممارساتِ للنهوضِ بحالةِ حقوقِ الإنسانِ والارتقاءِ بها بما يتوافقُ معَ الثوابتِ الوطنيةِ ودستورِ المملكةِ وبما يراعي التزاماتِ المملكةِ بهذا الخصوص.

وضماناً لمتابعةِ ورصدِ حالةِ حقوقِ الإنسانِ في الأردنِ، وتحديدِ فرصِ التحسينِ والإشرافِ على تنفيذِ الخططِ والاستراتيجياتِ، فقد تمَ استحداثُ منصبِ المنسقِ الحكوميِ لحقوقِ الإنسانِ في رئاسةِ الوزراءِ بتاريخ 6/3/2014 والذي يعدُ مؤشراً على اهتمامِ الحكومةِ بقضايا حقوقِ الإنسانِ واستحداثِ آلياتٍ رسميةٍ ووطنيةٍ للتعاملِ مع هذا الجانبِ، إذ قام مكتبُ المنسقِ الحكوميِ لحقوقِ الإنسانِ بعدةِ إجراءاتٍ ومتابعاتٍ ساهمتْ في تعزيزِ قضايا حقوقِ الإنسانِ وشكّلتْ ترجمةً فعليةً لتوجهاتِ الحكومةِ للتعاملِ مع منظومةِ حقوقِ الإنسان، وضمنَ النهجِ التشاركيِ والحواريِ مع مؤسساتِ المجتمعِ المدنيِ وجميعِ الفعالياتِ الحكوميةِ وغيرِ الحكوميةِ والمنظماتِ الدوليةِ وغيرِها حيثُ بلغَ عددُ فعالياتِ اللقاءاتِ الحواريةِ والنقاشيةِ التي عقدها مكتبُ المنسقِ الحكوميِ مع جميعِ الشركاءِ 223 فعاليةً منذُ الاستعراضِ الثاني حتى العامِ 2018، وفي هذا الإطارِ تم تشكيلُ فريقِ التنسيقِ الحكوميِ لحقوقِ الإنسانِ (ضباطِ الارتباطِ) المكونِ منْ (110) ضباطِ ارتباطٍ من كوادرِ الوزاراتِ والمؤسساتِ والدوائرِ الحكوميةِ والأمنيةِ والأكاديميةِ، والذي يعدُ تجربةً نوعيةً، وقد تمَ عقدُ العديدِ من اللقاءاتِ الدوريةِ المتتاليةِ معَ عددٍ من مسؤولي المؤسساتِ الوطنيةِ المعنيةِ بحقوقِ الإنسانِ وعددٍ من مؤسساتِ المجتمعِ المدنيِ لضمانِ استمراريةِ التواصلِ والتشاركيةِ، بالإضافةِ إلى إصدارِ تقاريرَ دوريةٍ وبياناتٍ إعلاميةٍ تظهرُ مدى التطورِ المحرزِ سواءٌ أكان على صعيدِ التشريعاتِ أو الممارساتِ أو السياساتِ تتعلقُ بمدى الإنجازِ الحكوميِ حيالَ مواضيعِ حقوقِ الإنسانِ، كما صدرَ قرارُ مجلسِ الوزراءِ بتاريخِ 14/10/2018 يقضي بترفيعِ المنسقِ العامِ الحكوميِ لحقوقِ الإنسانِ إلى رتبةِ وزيرٍ، وهذا يدلُ على الاهتمامِ الكبيرِ في تعزيزِ وتمكينِ عملِ المنسقِ العامِ الحكوميِ والتأكيدِ على مأسَستِه. وقد وجهَ مجلسُ الوزراءِ اللجنةَ القانونيةَ الوزاريةَ لدراسةِ جميعِ التشريعاتِ المتعلقةِ بحقوقِ الإنسانِ وتحديدِ الأولوياتِ ضمنَ برنامجٍ زمنيٍ للأعوامِ (2019ـ 2020)، كما قرر رئيسُ الوزراءِ بتاريخِ 28/10/2018 تشكيلَ لجنةٍ عليا برئاسةِ وزيرِ العدلِ وعضويةِ وزراءَ ومسؤولينَ من المؤسساتِ الوطنيةِ والسلطاتِ التشريعيةِ والقضائيةِ والنقاباتِ حول تحليلِ منظومةِ الاتفاقياتِ الدوليةِ المتصلةِ بحقوقِ الإنسانِ ومقارَنتِها ومقاربتِها مع نصوصِ القانونِ الوطنيِ وبيانِ مدى الحاجةِ إلى التدخلِ بالتعديلِ والتغييرِ أو سنِ القوانينِ بما يتماشى مع متطلباتِ الاتفاقياتِ الدوليةِ.

ولتعزيزِ التواصلِ بين المؤسساتِ الرسميةِ وتنسيقِ الجهودِ، تم استحداثُ إداراتٍ لحقوقِ الإنسانِ في العديدِ من الوزاراتِ والمؤسساتِ الحكوميةِ، إضافةً إلى تشكيلِ لجانٍ متخصصةٍ لمتابعةِ تنفيذِ التوصياتِ الصادرةِ عن آلياتِ الحمايةِ الوطنيةِ والإقليميةِ والدوليةِ، كاللجنةِ الخاصةِ بمتابعةِ تنفيذِ التوصياتِ الصادرةِ عن آليةِ الاستعراضِ الدوريِ الشاملِ وتوصياتِ الميثاقِ العربيِ لحقوقِ الإنسانِ في جامعةِ الدولِ العربيةِ، والتوصياتِ الخاصةِ بالمركزِ الوطنيِ لحقوقِ الإنسانِ، ومتابعةِ إنفاذِ برامجِ الخطةِ الوطنيةِ معَ الشركاءِ وإجراءِ حواراتٍ دائمةٍ، كما تمَ إصدارُ العديدِ من التعاميمِ تنفيذاً لهذهِ الغايةِ.

بتاريخِ 15/9/2018 تم إطلاقُ المنصةِ الالكترونيةِ الحكوميةِ لتلقي الشكاوى الكترونياً، وسيكون هناك نافذةٌ خاصةُ بتلقي الشكاوى المتعلقةِ بحقوقِ الإنسانِ ومتابعتِها من قبلِ مكتبِ المنسقِ العامِ الحكوميِ لحقوقِ الإنسانِ.

وتطبيقاً عملياً للممارسةِ الديمقراطيةِ، أجرى الأردنُ عامَ 2016م الانتخاباتِ البرلمانيةِ بموجبِ قانونِ انتخابٍ جديدٍ وعصريٍ وهو الأمرُ الذي يعد حدثاً هاماً على طريقِ الديمقراطيةِ والإصلاحِ الشاملِ بإشرافٍ وإدارةٍ من الهيئةِ المستقلةِ للانتخابِ التي ضمنتْ ومؤسساتُ الدولةِ إجراءَ هذه العمليةِ الانتخابيةِ في إطارٍ من الحريةِ والنزاهةِ والشفافيةِ ووفقاً لأفضلِ الممارساتِ الدوليةِ، ومراقبةِ العديدِ من الهيئاتِ المحليةِ والدوليةِ، وهو ما عززَّ من وجودِ شريحةِ الشبابِ كناخبينَ حيث تمكنَ كلُ من بلغَ السابعةَ عشرةَ من ممارسةِ حقِه الدستوريِ في انتخابِ من يمثلُه، وقد شهدتْ نسبةُ تمثيلِ المرأةِ ارتفاعاً في البرلمانِ الثامنِ عشر، إذ بلغتْ 15.4% في حينْ كانت 10.6% في المجلسِ السابقِ سنة 2012.

كما أجرتِ المملكةُ – بتاريخ 15/8/2017- الانتخاباتِ البلديةِ، وانتخاباتِ مجالسِ المحافظاتِ في ظلِ قانونِ اللامركزيةِ رقم (49) لعام 2015 الذي طُبقُ لأولِ مرةٍ في تاريخِ المملكةِ ويهدفُ إلى تطبيقِ نهجِ اللامركزيةِ على مستوى المحافظاتِ من خلال منحِ الإداراتِ المحليةِ صلاحياتٍ أكبرَ، والتوسع في تبني الانتخاباتِ الديمقراطيةِ نهجاً لعملِ الدولةِ ولزيادةِ المشاركةِ الشعبيةِ في صنعِ القرارِ التنمويِ، وبلغتْ نسبةُ الفائزاتِ بالمجالسِ المحليةِ 32.0% ونسبة ُالفائزاتِ بمجالسِ المحافظات 13% من إجمالي عددِ المقاعدِ الخاصةِ بالتنافسِ، في حين فازتْ 32 سيدة عن طريقِ المقاعدِ المخصصةِ للنساءِ "الكوتا"، كما بلغ عددُ السيداتِ اللواتي ترأسن مجالسَهن المحليةَ 51 سيدةً.

وفي إطارِ تعزيزِ منظومةِ النزاهةِ وتكثيفِ جهودِ الرقابةِ وتوحيدِها، تم دمجُ كلٍ من (هيئةِ مكافحةِ الفسادِ) و(ديوانِ المظالمِ) في مؤسسةٍ وطنيةٍ واحدةٍ تسمى (هيئةُ النزاهةِ ومكافحةِ الفسادِ)، وقد صدرتْ بقانونٍ خاصٍ يُعدُ خطوةً إصلاحيةً مهمةً على صعيدِ توحيدِ المرجعياتِ في العملِ المتعلقِ بمكافحةِ الفسادِ والتحقيقِ في الشكاوى والتظلماتِ وتعزيزِ منظومةِ النزاهةِ الوطنيةِ.

وانطلاقاً من إيمانِ الإرادةِ السياسيةِ الأردنيةِ بأهميةِ حقوقِ الإنسانِ في تجذيرِ الإحساسِ بسيادةِ القانونِ، تضمنتْ الأوراقُ النقاشيةُ لجلالةِ الملكِ - وخاصةً الورقةَ النقاشيةَ السادسةَ بعنوانِ: "سيادةُ القانونِ أساسُ الدولةِ المدنيةِ" – ما يؤكدُ على أنّ الدولةَ المتقدمةَ هي التي تحمي حقوقَ الإنسانِ، وهذا هو الأساسُ الحقيقيُ الذي تُبنى عليه الديمقراطياتُ والاقتصاداتُ المزدهرةُ والمجتمعاتُ المنتجةُ، وهو الضامنُ للحقوقِ الفرديةِ والعامةِ والكفيلُ بتوفيرِ الإطارِ الفاعلِ للإدارةِ العامةِ، كما أنّ من صُلبِ مبدأِ سيادةِ القانونِ خضوعُ جميعِ الأفرادِ والمؤسساتِ والسلطاتِ لحكمِ القانونِ، وأنّ واجبَ كلِ مؤسسةٍ هو حمايــــةُ وتعزيزُ سيادةِ القانونِ بوصفهِ أساسِ الإدارةِ الحصيفةِ التي تعتمدُ العدالةَ والمساواةَ وتكافؤَ الفرصِ، كما أن تفعيلَ هــــذه المنظومةِ هو الأساسُ في معالجةِ مظاهرِ الغلوِ والتطرفِ التي بدأتْ تغزو المنطقةَ مستهدفــــــةً الشبابَ بشكــــلٍ رئيسٍ نتيجـــــةٍ الظروفِ العالميةِ والإقليميةِ والمحليةِ، مشكّلةً تحدياً في المنطقةِ والعالمِ، ما حمّلَ الأردنَ مسؤولياتٍ وأعباءَ إضافيةً للحفاظِ على حالةٍ متقدمةٍ لحقوقِ الإنسانِ .

تم عقدُ عدةِ لقاءاتٍ معَ القطاعِ الشبابيِ والطلابيِ والنسائيِ في الجامعاتِ والمعاهدِ والمدارسِ لغاياتِ إدماجِ مفاهيمِ حقوقِ الإنسانِ، بالإضافةِ إلى تشكيلِ لجنةٍ مشتركةٍ لغاياتِ إعدادِ منهاجِ حقوقِ الإنسانِ وإدخالِه في النظامِ التعليميِ لجميعِ الفئاتِ.

وللتأكيد على منظومةِ التشريعاتِ الناظمةِ لحقوقِ الإنسانِ في القضاءِ الأردنيِ، تم تشكيلُ اللجنةِ الملكيةِ لتطويرِ الجهازِ القضائيِ وتعزيزِ سيادةِ القانونِ، وعملت على دراسةِ واقعِ القضاءِ ووضعتْ استراتيجيةً شاملةً لمعالجةِ التحدياتِ ومواصلةِ عمليةِ التحديثِ والتطويرِ والارتقاءِ بأداءِ السلطةِ القضائيةِ وتطويرِ أدواتِ العملِ بصورةٍ نوعيةٍ وتحديثِ الإجراءاتِ والتشريعاتِ للارتقاءِ بعمليةِ التقاضي وإنفاذِ الأحكامِ بما يضمنُ مواءمةَ معاييرِ حقوقِ الإنسانِ في التشريعاتِ الوطنيةِ .

صدرَ (القانونُ المعدلُ لقانونِ أصولِ المحاكماتِ الشرعيةِ) الذي يتضمنُ إجراءاتٍ لتسهيلِ عمليةِ التقاضي وتيسيرِ سبلِ الوصولِ للعدالةِ الناجزةِ وحمايةِ حقِ التقاضي والتأكيدِ على المعاييرِ المتعارفِ عليها للمحاكمةِ العادلةِ، وتمكينِ المتقاضينَ من استئنافِ القراراتِ غيرِ الفاصلةِ في الدعوى والتي تؤثرُ على حقوقَهم وتوسيعِ نطاقِها.

كما صدر (قانونُ معدلٌ لقانونِ تشكيلِ المحاكمِ الشرعيةِ) الذي تضمنَ استحداثَ محكمةٍ عليا شرعيةٍ وتتولى التدقيقَ على القراراتِ الصادرةِ عن المحاكمِ الشرعيةِ، وتم استحداثُ درجةٍ ثانيةٍ للتقاضي أمامَ المحاكمِ الشرعيةِ بحيثُ أصبحتْ محاكمُ الاستئنافِ الشرعيةِ- وفقاً للقانونِ المعدلِ- محاكمَ موضوعٍ، وإنشاءُ نيابةٍ عامةٍ لدى المحاكمِ الشرعيةِ التي من شأنِها العملُ على حمايةِ حقوقِ القاصرينَ وفاقدي الأهليةِ وناقصيها.

صدر النظامُ الخاصُ بصندوقِ تسليفِ النفقةِ رقــم (48) لسنة 2015، إذ تمَ رصدُ مبلغِ مليونَ دينارٍ من الميزانيةِ العامةِ للدولةِ للعامِ 2017 لغاياتِ تنفيذِ أحكامِ هذا النظامِ، كما تم صرفُ ما نسبته 100% من الطلباتِ المقدمةِ والمستوفيةِ للشروطِ، وهناك إسنادُ قادمٌ للصندوق.

لقد قامتِ الحكومةُ الأردنيةُ بتشكيلِ لجنةٍ حكوميةٍ متخصصةٍ لمراجعةِ قانونِ منعِ الاتجارِ بالبشرِ، وعلاوةً على ذلكَ تعملُ الحكومةُ على مراجعةِ العديدِ من التشريعاتِ ذاتِ الصلةِ بمنظومةِ حقوقِ الإنسانِ وهي الآنَ تمرُ في المراحلَ الدستوريةِ والتشريعيةِ لإصدارِها، ومنها قانونُ النزاهةِ ومكافحةِ الفسادِ، وقانونُ ضمانِ الحقِ في الحصولِ على المعلومةَ، وقانونُ الكسبِ غيرِ المشروعِ، التي من شأنِها أن تسهمَ في تعزيزِ مناخٍ تتحققُ فيه النزاهةُ الوطنيةُ بأبهى صورِها فضلاً عن تطوير منظومةِ حقوقِ الإنسانِ.

أما بخصوصِ إعفاءِ المغتصبِ من العقوبةِ حالَ زواجِه من الضحيةِ فقد توافقَ المجتمعُ والسلطةُ التشريعيةُ على تعديلِ قانونِ العقوباتِ بإلغاءِ الحكمِ- الذي يُعفي من العقوبةِ- والواردِ في المادةِ 308 من قانونِ العقوباتِ.

وانطلاقاً من إيمانِنا في الأردن بدورِ المرأةِ وأهميةِ حصولِها على حقوقِها غيرَ منقوصةٍ، استهدفَ مشروعُ "تمكينِ المرأةِ في القطاعِ العامِ" زيادةَ فرصِ النساءِ في تولي المناصبِ القياديةِ وبناءِ قدراتِهن وتزويدِهن بالمهاراتِ وتعزيزِ مشاركتِهن في رسمِ السياساتِ وصنعِ القرارِ، وقد تم تدريبُ 360 موظفةً من القياداتِ المتوسطةِ خلالَ عامي 2015 و2016، وصدر نظامُ العملِ المرنِ رقم (22) لسنة 2017 المستندِ إلى قانونِ العملِ، وتعليماتُ الدوامِ المرنِ الصادرِ بتاريخ 16/9/2018 المستندِ إلى نظامِ الخدمةِ المدنيةِ، وتم إطلاقُ الخطةِ الوطنيةِ لتفعيلِ قرارِ مجلسِ الأمنِ رقم 1325 المرأة والأمنِ والسلامِ، وشكل مجلسُ الوزراءِ "لجنةً وزاريةً لتمكينِ المرأةِ" بعضويةِ الوزراءِ المعنيين لدعمِ مشاركةِ المرأةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والسياسيةِ وفي الحياةِ العامةِ، كما تبنتِ الحكومةُ خطةَ التنميةِ المستدامةِ لعامِ 2030 تأكيداً على التزامِ الحكومةِ بإدماجِ النوعِ الاجتماعيِ ضمنَ عملِها، وتم تشكيلُ لجنةٍ قطاعيةٍ للمساواةِ ومراعاةِ النوعِ الاجتماعيِ، بهدفِ وضعِ إطارِ عملٍ لتطبيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ، كما صدر القانونُ المعدلُ لقانونِ التقاعدِ العسكريِ رقم 12 لسنة 2015، الذي منحَ المرأةَ العاملةَ المزايا نفسَها الممنوحةَ للرجلِ عندَ التقاعدِ من الوظيفةِ، ونصّ قانونُ الضمانِ الاجتماعيِ رقم (1) لسنة 2014 – فيما يتعلق بإنصافِ المرأةِ العاملةِ- على توريثِ راتبِ المرأةِ المتوفاةِ كاملاٍ لأبنائِها المستحقينَ كما هو حالُ راتبُ الرجلِ، كما صدر (نظامُ التعيينِ على الوظائفِ القياديةِ رقم (3) لسنة 2013) لضمانِ النزاهةِ والشفافيةِ والعدالةِ والمساواةِ في التعيينِ في الوظائـــــفِ القياديةِ وبما يعززُ إشغالَ النساءِ لتلكَ الوظائف.

كما يجري العملُ على تحديثَ الاستراتيجيةِ الوطنيةِ للمرأةِ 2013-2017 للفترةِ 2020-2030 لتتضمنَ الهدفَ الخامسَ (حولَ المساواةِ بينَ الجنسينِ وتمكينِ المرأةِ) من أهدافِ التنميةِ المستدامةِ بالتعاونِ مع هيئةِ الأممِ المتحدةِ للمرأة وبدعمٍ من الإسكوا، بالإضافةِ إلى إعدادِ (مشروعِ قانونِ موازناتِ الوحداتِ الحكوميةِ للسنةِ الماليةِ 2018) لمراعاةِ النوعِ الاجتماعيِ، وتعكفُ الحكومةُ على إجراءِ تعديلاتٍ لتقليصِ الفجوةِ في الأجورِ وذلك من خلالِ (مشروعِ قانونٍ معدلٍ لقانونِ العملِ) ليتواءم معَ المعاييرِ الدوليةِ، كما تعملُ الحكومةُ على دعمِ وتفعيلِ إنشاءِ حضاناتٍ في القطاعِ الخاصِ، وقد نُفذَ بالتعاون مع المؤسساتِ الوطنيةِ ذاتِ العلاقةِ مشاريعُ منها مشروعٌ خاصٌ بدعمِ وتفعيلِ إنشاءِ الحضاناتِ في القطاعينِ العامِ والخاصِ (2017 - 2020) الذي يستهدفُ المرأةَ العاملةَ والطفلَ وتعزيزَ حقوقِهما من خلال توفيرِ بيئةِ عملٍ محفزةٍ للمرأةِ وبيئةٍ تعليميةٍ إثرائيةٍ آمنةٍ للأطفالِ منذ الميلادِ إلى أربعِ سنوات، وصدر نظامُ الحضاناتِ الجديدِ لعامِ 2018 وتضمنتْ أحكامُه تنظيمَ وتسهيلَ إنشاءِ حضاناتٍ لدى جميعِ الجهاتِ الرسميةِ والتطوعيةِ والخاصةِ بحيثُ يخلقُ بيئةَ عملٍ ملائمةً للمرأةِ ويشجعُ على دخول المرأة سوق العمل .

لقد تضمنَ قانونُ الحمايةِ من العنفِ الأسريِ رقم 15 لسنة 2017 بنوداً إصلاحيةً تهدفُ للحفاظِ على كيانِ الأسرةِ والتبليغِ عن أيِ حالةِ عنفٍ أسريٍ، وتولي إدارةُ حمايةِ الأسرةِ تسويةَ النزاعِ في قضايا العنفِ الأسريِ في الجنحِ بإجراءاتٍ رسمها القانونُ تنتهي بمصادقةِ المحكمةِ خلالَ مدةٍ أقصاها سبعةُ أيامٍ، شريطةَ موافقةِ الطرفينِ، ويمنع إجراؤها فـــــــي الجناية علماً بأن القانونَ شمل أطرافَ الجنايةِ بالخدماتِ التي يجبُ تقديمُها. وتوفر الخدماتُ الشرطيةُ والقضائيةُ والاجتماعيةُ والصحيةُ والإيوائيةُ لضحايا العنفِ الأسريِ من النساءِ والأطفالِ، وقد ألزم القانــــــونُ المحكمةَ بالنظر في قضايا العنفِ الأسريِ بصفةِ الاستعجالِ، وبشكلٍ سريٍ، وتم توفيرُ تقنيةِ الربطِ التلفزيونـــــيِ لحمايةِ الأحـــــداثِ، وقضايا العنفِ الأسريِ، وشددتِ العقوباتُ على جرائمِ الاغتصابِ وهتكِ العرضِ والخطــــفِ والأفعالِ المنافيةِ للحياءِ وفقاً لتعديلاتِ قانونِ العقوباتِ لسنة 2017. وصدر نظامُ دورِ إيواءِ المعرضاتِ للخطرِ رقم (171) لسنة 2016 بهدفِ تأمينِ الحمايةِ والإيواءِ المؤقتِ للمنتفعةِ وتقديمِ الرعايةِ الاجتماعيــــةِ والخدماتِ المعيشيـــــــةِ والنفسيـــــــةِ والصحيةِ والإرشاديةِ والثقافيةِ والقانونيـــــةِ اللازمةِ لها. وانضمت المملكةُ عامَ 2014 لمبادرةِ الأممِ المتحدةِ للالتزامِ بالقضاءِ على العنفِ ضدَ المرأةِ. وصدر (نظامُ دورِ المعرضاتِ للخطرِ) والذي أنشئت بموجبه دارُ آمنة لحمايةِ النساءِ المعرضاتِ للخطرِ، بحيثُ يتمُ تقديمُ خدماتٍ متكاملةٍ في هذه الدارِ وأهمُها الحمايةُ وإعادةُ دمجِهن في المجتمع.

وتكريساً للإيمان بحقوقِ ذوي الإعاقةِ باعتبارهم مكوناً أصيلاً من مكونات النسيج الاجتماعي، تضمن قانونُ حقوقِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ رقم (20) لسنه 2017 تحسينَ مستوياتِ المعيشةِ وظروفِها للأشخاصِ ذوي الإعاقة، وذلك من خلالِ الاستفادةِ من المعونةِ النقديةِ المتكررةِ وغيرِها من أشكالِ الدعمِ النقديِ الذي يقدمُه صندوقُ المعونةِ الوطنيةِ، إضافةً إلى النصِ على تمويلِ المشاريعِ التشغيليةِ للأشخاصِ ذوي الإعاقةِ ولأسرِهم بتخصيصِ نسبةٍ من القروضِ الميسرةِ، إلى جانبِ التزامِ الجهاتِ الحكوميةِ وغيرِ الحكوميةِ بتخصيصِ نسبةٍ تصلُ إلى (4 %) من الشواغرِ للأشخاصِ ذوي الإعاقةِ وفقاً لأحكامِ المادةِ (25) من قانونِ حقوقِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ، وعملتِ الحكومةُ على تضمينِ الاستراتيجياتِ وخططِ مكافحةِ الفقرِ تدابيرَ تكفلُ شمولَ وإدماجَ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ في محاورِها وأنشطتِها وبرامجِها، و فيما يتعلقُ بتحسينِ وصولِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ إلى المرافقِ العامةِ وميدانياً فقد تم العملُ على تحديثِ كودةِ متطلباتِ البناءِ الخاصِ بالأشخاصِ ذوي الإعاقةِ بما يتوافقُ مع المعاييرِ الدوليةِ، ونصّ قانونُ حقوقِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ على وضعِ خطةِ وطنيةٍ لتصويبِ أوضاعِ المباني والمرافقِ ودورِ العبادةِ والمواقعِ السياحيةِ التي تقدم خدماتٍ للجمهورِ وإشراكِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ ومنظماتِهم في وضعِ تلكَ الخطةِ، إضافةً إلى إنشاءِ خطِ الطوارئ (114) للأشخاصِ الصمِ بما يتيحُ لهم إمكانيةَ إجراءِ مكالماتِ فيديو في حالاتِ الطوارئِ مع مركزِ القيادةِ والسيطرةِ في مديرية الأمن العام. وبخصوصِ تحسينِ الوصولِ للمدارسِ وتحقيقاً لما ورد في قانونِ حقوقِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ، وُضعتْ خطةٌ وطنيةٌ عشريةٌ شاملةٌ لدمجِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ في المؤسساتِ التعليميةِ للعملِ على تحقيقِ دمجِ ذوي الإعاقةِ في المؤسساتِ التعليميةِ.

وفي إطارِ النهوضِ والتقدمِ في حمايةِ حقوقِ الطفلِ، فقد نصَّ قانــــونُ الأحداثِ رقم 32 لسنة 2014 على وجودِ محاكمَ ونيابـــــةٍ خاصـــــةٍ بالأحداثِ وشرطةٍ خاصةٍ للتعاملِ مع الأحداثِ ورفعِ سنِ المسؤوليةِ الجزائيةِ لعمرِ (12) سنة واللجوءِ للتوقيـــــف كملاذٍ أخيــــرٍ، وصدرتِ الأنظمةُ والتعليماتُ التنفيذيةُ لقانونِ الأحداثِ لتطبيقِ العقوباتِ غيرِ السالبةِ للحريةِ بالإضافةِ إلى عزلِ الأحداثِ عـــــن البالغين بالإجراءات، وتقديمِ الخدماتِ للحـــدثِ الفتـــــاة حسب احتياجاتهـــــا من خلالِ أخصائيـــةٍ نفسيــــــةٍ واجتماعيةٍ مؤهلةٍ كونها عنصراً أساسياً للسيْر في القضيةِ وصحةِ إجراءاتِها والنصِ على عدمِ اعتبارِ الجرمِ قيداً جرمياً على الحدث، وعمل المجلسُ الوطنيُ لشؤونِ الأسرةِ كمؤسسةٍ وطنيةٍ على إعدادِ مسودةِ الاستراتيجيةِ الوطنيةِ لعدالةِ الأحداثِ (2017-2019) بالتشاركِ مع الجهاتِ الرسميةِ ومنظماتِ المجتمعِ المدنيِ واليونيسيفِ والتي انتهت باعتمادِها بالعملِ التنفيذيِ داخلِ المملكةِ وتعميمِها، بالإضافةِ للأعمالِ التشاركيةِ الجاريةِ حالياً لإعدادِ مقترحِ مسودةِ قانونِ حقوقِ الطفلِ.

نظمتِ التشريعاتُ الأردنيةُ حريةَ استخدامِ الانترنتِ في ظلِ الانتشارِ الواسعِ لمواقعِ التواصلِ الاجتماعيِ والمدوناتِ الالكترونيةِ، وذلك ضمنِ توازنٍ يراعي حريةَ الرأيِ والتعبيرِ، والحدِ من بعضِ الظواهرِ مثلِ اغتيالِ الشخصيةِ وانتهاكِ الخصوصيةِ والترويجِ للإرهابِ وغيره، بحيث تكفلُ التشريعاتُ حقَ الصحافةِ بممارسةِ دورِها المهنيِ المصونِ ضمنَ المحدداتِ المهنيةِ.

أطلقتِ الحكومةُ الاستراتيجيةَ الإعلاميةَ الوطنيةَ للأعوامِ 2011 - 2015، وجاءتْ تلبيةً لمطالبِ الجسمِ الصحفيِ المحليِ، وهدفتْ إلى تمكينِ الإعلامِ الوطنيِ بشقيّهِ العامِ والخاصِ من التعبيرِ بمهنيةٍ رفيعةٍ ومسؤوليةٍ وطنيةٍ عن قضايا الوطنِ والمواطنِ. وبموجبِ قانونِ "ضمانِ حقِ الحصولِ على المعلوماتِ" فإن جميعَ الوزاراتِ والمؤسساتِ الرسميةِ تلتزمُ بالإفصاحِ عن المعلوماتِ وحريةِ تداولِها، وإتاحةِ المجالِ أمامَ المواطنِ والصحفيِّ للحصولِ على تلك المعلوماتِ مع الأخذِ بعين الاعتبارِ أن هناك مشروعاً لتعديلِ القانونِ، ومن ابرزِ ما جاء فيه تقليصُ المدةِ للحصولِ على المعلومةِ من 30 يوماً إلى 15 يوماً، وتوسيعُ عضويةِ مجلسِ المعلوماتِ لتشملِ نقيبَ المحامينَ ونقيبَ الصحفيين، وإعطاءُ الحقِ في الحصول على المعلوماتِ للمقيمِ أيضاً وليس للمواطن فقط ، وقد منح (قانونُ المطبوعاتِ والنشرِ) للصحفيِ حقَ حضورِ الاجتماعاتِ العامةِ وجلساتِ الجمعياتِ العموميةِ للأحزابِ والنقاباتِ العموميةِ وغيرِها من المؤسساتِ العموميةِ، وجلساتِ المحاكمِ العلنيةِ ما لم تكنْ سريةً بحكمِ القوانينِ أو الأنظمةِ أو التعليماتِ الساريةِ، كما حظر التدخلَ بأي عملٍ يمارسُه الصحفيُ في إطارِ مهنتِه أو التأثيرِ عليه أو إكراهِه على إفشاءِ مصادرِ معلوماتِه بما في ذلك حرمانُه من عملِه أو من الكتابةِ أو من النشرِ بغيرِ سببٍ مشروعٍ .

كما تم تشكيلُ لجنةٍ تُسمى (لجنةُ الشكاوى) للنظرِ في النزاعاتِ الإعلاميةِ قبلَ اللجوءِ للقضاء، وقد تلقت اللجنةُ من تاريخِ تشكيلها لغاية تاريخِه (21) شكوى تم النظرُ بها وإيجادُ حلولٍ لها. كما تضمنتِ الخطةُ الوطنيةُ الشاملةُ لحقوقِ الإنسانِ (2016-2025) في هدفها السابعِ "تعزيزُ حمايةِ الحقِ في حريةِ الرأيِ والتعبيرِ" النصَّ على مراجعةِ قانونِ العقوباتِ بإلغاءِ العقوبةِ السالبةِ للحريةِ واحترامِ حقوقِ الآخرينَ أو سمعتِهم وحياتِهم الخاصةِ، ومحاربةِ أيِ دعوةِ إلى الكراهيةِ القوميةِ أو العرقيةِ أو الدينيةِ، ومنعِ توقيفِ الصحفيِ نتيجةَ إبداءِ رأيِه بالقولِ والكتابةِ وغيرِها من وسائلِ التعبيرِ في التشريعاتِ ذاتِ العلاقةِ، وأنّ أيَ إجراءٍ قد يتمُ اتخاذُه بخصوصِ الصحفيِ يكونُ لمخالفتِه قانونَ العقوباتِ الذي يضمنُ حقوقَ الصحفيِ والأشخاصِ الآخرينَ وليس لإبدائه رأياً، وذلك تماشياً معَ أحكامِ المادةِ (19) من العهدِ الدوليِ الخاصِ بالحقوقِ المدنيةِ والسياسيةِ.

وعلى صعيدِ التشريعاتِ الخاصةِ بالعقوباتِ البديلةِ التي تهدفُ إلى معالجةِ موضوعِ التوقيفِ القضائيِ وطولِ أمدِهِ قبلِ المحاكمةِ وفي أثنائِها ولتنفيذِ توصياتِ تقريرِ اللجنةِ الملكيةِ لتطويرِ الجهازِ القضائيِ وتعزيزِ سيادةِ القانونِ، تم تعديلُ قانونِ العقوباتِ وخاصةً النصوصَ القانونيةَ التي تسمحُ بتطبيقِ العقوباتِ البديلةِ والمجتمعيةِ واستخدامِ بـدائلِ التوقيفِ "الحبسِ الاحتياطيِ" لا سيما في الجُنحِ البسيطةِ من قانونِ العقوباتِ، وقد تم إقرارُ الرقابةِ الالكترونيةِ (الإسوارة) والتي تُعدُ نقلةً نوعيةً وإضافةً مميزةً في مجالِ تطويرِ العدالةِ الجنائيةِ في مكافحةِ الجريمةِ.

وفي تطورٍ آخرَ تم النصُ على إنشاءِ صندوقٍ في وزارةِ العدلِ يُسمى (صندوقُ المساعدةِ القانونيةِ أمامَ المحاكمِ) تُدفعُ منه أجورُ المساعدةِ القانونيةِ المستحقةِ بموجبِ هذا القانونِ والأنظمةِ والتعليماتِ الصادرةِ، وأعطى الحقَ للجهاتِ الرسميةِ المختصةِ أو أيٍ من المؤسساتِ المعنيةِ أو أيِ مواطنٍ أو مقيمٍ في المملكةِ غيرِ قادرٍ على تعيينِ محامٍ بتقديمِ طلبٍ إلى وزيرِ العدلِ لتوفيرِ المساعدةِ القانونيةِ لهُ وفقَ أحكامِ التشريعاتِ النافذةِ وبالتنسيقِ معَ نقابةِ المحامين، وبلــــغ عددُ المستفيدينَ من صندوقِ المساعدةِ القانونيةِ الذين تم تقديمُ المساعدةِ القانونيةِ لهم منذ تاريخِ 1/1/2016 حتى 1/4/2018 (340) شخصاً.

لقد تمَ تغليظُ العقوبةِ على جريمةِ التعذيبِ بحيث أصبحَ الحدُ الأدنى سنةً والحدُ الأعلى ثلاثَ سنواتٍ وذلك وفقاً لما ورد في المادةِ 208 من قانونِ العقوباتِ المعدل. وقد تضمنتِ الخطةُ الوطنيةُ الشاملةُ لحقوقِ الإنسانِ في محورِ الحقوقِ المدنيةِ والسياسيةِ تعديلاً للتشريعاتِ بما يكفلُ توسيعَ مفهومِ جريمةِ التعذيبِ لتنسجمَ مع اتفاقيةِ مناهضةِ التعذيبِ وتشديدِ العقوباتِ على مرتكبيها.

وفيما يتعلقُ بالبيئةِ الاحتجازيةِ ومواءمتِها للمعاييرِ الدوليةِ والوطنيةِ لحقوقِ الإنسانِ، تم إعادةُ تأهيلِ أماكنِ الاحتجازِ المؤقتِ، وتحسينُ نوعيةِ الخدماتِ المقدمةِ للمحتجزينَ والإجراءاتِ الأوليةِ في التعاملِ مع الأشخاصِ المحتجزينَ من حيثُ إبلاغُهم بجميعِ حقوقِهم، وبالإجراءاتِ التي ستتمُ معهم أثناءَ وجودِهم قيدَ الاحتجازِ وتوثيقُ جميعِ هذه الإجراءات. وفي هذا الإطار صدر دليلُ عملِ مدونةِ الممارساتِ التي تحكمُ وتنظمُ عمليةَ احتجازِ وتوقيفِ الأشخاصِ وتحديداً ما يتعلقُ منها بضماناتِ المحاكمةِ العادلةِ، كما تم في عام 2015 تعديلُ قانونِ الأمنِ العامِ واستحداثُ مديريةِ القضاءِ الشرطيِ ومحكمةِ استئنافٍ شرطيةٍ لاستئنافِ القراراتِ الصادرةِ عن محكمةِ الشرطةِ وبما يتفقُ تماماً مع المعاييرِ الدوليةِ للمحاكمةِ العادلةِ وحقوقِ الإنسانِ، علما بأنه وبموجبِ قانونِ الامنِ العامِ المعدلِ أُضيف قاضٍ مدنيٌ إلى هيئاتِ المحكمةِ.

كما تم إجراءُ زياراتٍ ميدانيةٍ جماعيةٍ دوريةٍ وبحضورِ هيئاتٍ دوليةٍ ومؤسساتِ مجتمعٍ مدنيٍ وإعلامٍ وصحافةٍ وهيئاتٍ دبلوماسيةٍ بتنظيمٍ من مكتبِ المنسقِ العامِ الحكوميِ لحقوقِ الإنسانِ وبالتنسيقِ معَ الأمنِ العامِ إلى عددٍ من مراكزِ الإصلاحِ والتأهيلِ تهدفُ إلى التفقدِ والاطلاعِ على واقعِ المراكزِ وآلياتِ استقبالِ المحكومينَ وظروفِ احتجازِهم وبرامجِ التأهيلِ المعدةِ لهم خلالَ مدةِ إقامتِهم فيها، ومدى الاهتمامِ بتحسينِ الخدماتِ المقدمةِ لهم.

في إطارِ التزامِ المملكةِ بتقديمِ التقاريرِ التعاقديةِ أمامَ اللجانِ الدوليةِ فقد نوقشَ عددٌ من هذه التقارير.

وفي إطارِ التزامِ المملكةِ بالنهوضِ ودعمِ المؤسساتِ الوطنيةِ الراعيةِ لحقوقِ الإنسانِ فقد تم رفعُ المخصصاتِ الماليةِ لكلٍ من اللجنةِ الوطنيةِ الأردنيةِ لشؤونِ المرأةِ لتصبحَ موازنتُها (700 ألف دينار أردني) بما يعادلُ مليونَ دولارٍ أمريكيٍ سنوياً، كما تم رفعُ مخصصاتِ المركزِ الوطنيِ لحقوقِ الإنسانِ لتصبحَ موازنتُه (750 ألف دينار أردني) بما يعادلُ مليونا وسبعين ألف دولارٍ أمريكيٍ سنوياً.

وقد شكلَ تدفـقُ اللاجئيـنَ إلى الأردنِ بشكـلٍ عـامٍ واللاجئيـنَ السوريين بشكلٍ خاصٍ تحدياً كبيــراً للأردنِ جراءَ الضغطِ الهائلِ الذي فرضَه تدفُقُهم على مواردِ الدولـةِ المحـدودةِ أصلاً وعلـى البنيةِ التحتيةِ، ما كان له أثرُه الواضـحُ على جميعِ المستوياتِ خاصـةً على الخدماتِ الصحيةَ والتعليميةَ وخدماتِ المياهِ والإسكانِ وفرصِ العملِ للمواطنينَ الأردنيين. وفي هذا السياقِ، يدعـو الأردنُ المجتمعَ الدولـيَ إلى تحمـلِ مسؤولياتــِه القانونيـةِ والأخلاقيةِ في مساندةِ الأردنِ علـى الوفاءِ بالتزاماتـِه المترتبةِ على استضافتِهم، وإيجادِ حلٍ يضمنُ عودةَ اللاجئينَ السوريينَ إلى بلادِهم وبما يحفظُ سلامتَهم وحقوقَهم الإنسانيةَ وفقاً للمبدأ الدوليِ القاضي بالتعاونِ وتقاسمِ الأعباءِ بين الدولِ .

وفي هذا الإطار قامتِ الحكومةُ الأردنيةُ بإعدادِ خطةِ الاستجابةِ الأردنيةِ للأزمةِ السوريةِ بهدفِ التخفيفِ من وطأةِ الأوضاعِ على الأشقاءِ السوريين المقيمين بالمملكةِ، والتي يتم تحديثُها سنوياً، واعتمدتِ الحكومةُ الأردنيةُ- في خططِها المتتاليةِ للاستجابةِ- نهجاً يجمعُ بين الجهودِ الإنسانيةِ والإنمائيةِ في إطارٍ وطنيٍ واحدٍ يخدمُ احتياجاتِ اللاجئينَ السوريينَ وأفرادِ المجتمعاتِ المضيفةِ المتضررينَ من الأزمةِ السوريةِ على حدٍ سواء، وقد شملتِ الخططُ المتتاليةُ مشاريعَ تنمويةً في قطاعاتِ التعليمِ، والعملِ، والطاقةِ، والبيئةِ، والصحةِ، والعدلِ، والسكنِ، والمياهِ، والنقلِ، والحمايةِ الاجتماعيةِ، وسبلِ العيشِ الكريمِ، بالإضافةِ إلى متطلباتِ دعمِ الخزينةِ لتغطيةِ الزيادةِ الحاصلةِ على الكلفِ الأمنيةِ والدعمِ الحكوميِ للسلعِ والموادِ المختلفةِ والخسائرَ المترتبةِ جراءَ تداعياتِ الأزمةِ السوريةِ. فقد بلغ – على سبيلِ المثالِ- حجمُ التمويلِ المقدمِ بالنسبةِ لخطةِ الاستجابةِ للأزمةِ السوريةِ للعام 2017 نحو1.7 مليار دولارٍ أمريكيٍ أي ما نسبتُه 65 % من الاحتياجاتِ الواردةِ في الخطةِ للعامِ 2017.

كما عملتِ الحكومةُ الأردنيةُ من خلالِ وزارةِ العملِ على ترسيخِ مبادئِ حقوقِ الانسانِ في سوقِ العملِ وتطبيقِ الاستراتيجيةِ الوطنيةِ لحقوقِ الانسانِ وتنظيمِ قطاعِ العمالةِ المهاجرةِ ومنها العمالةُ المنزليةُ حيث يوجد حوالي 48 الفَ عاملةِ منزلٍ بشكلٍ قانونيٍ، كما عملت على إنشاءِ قسمٍ خاصٍ لتشغيلِ العمالةِ السوريةِ، وبلغ عددُ تصاريحِ العملِ الصادرةِ للسوريينَ منذُ العامِ 2016 وحتى تاريخِه (105404) تصاريح، وتم اتباعُ إجراءاتٍ ميسرةٍ لحصولِهم على تصاريحِ العملِ، ولضمانِ وجودِ العاملِ في بيئةِ عملٍ آمنةٍ تم استحداثُ مديريةٍ خاصةٍ بالسلامةِ والصحةِ المهنيةِ وتم رفدُها بمفتشينَ اصحابِ خبرةِ واختصاصٍ.

ومن التحدياتِ الأخرى التي تواجهُ الأردنَ عدمُ التوصلِ حتى تاريخِهِ لحلٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ، وهو الأمرُ الذي يسهمُ في زيادةِ التأثيراتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والأمنيةِ على المملكـــــــــةِ، بالإضافةِ إلى التهديداتِ الإرهابيةِ التي تستهدفُ الأردنَ بسببِ موقِعِهِ الجغرافيِ ومواقِفِهِ السياسيةِ الثابتةِ والقائمةِ على الاعتدالِ، والتطوراتُ في المنطقةِ، وقلةُ المواردِ المائيةِ، إذ يُصنفُ الأردنُ كثاني أفقرِ دولةٍ في العالمِ في المياهِ، إضافةً الى الحاجةِ لتوفيرِ المواردِ والخبراتِ اللازمةِ لتنفيذِ محاورِ وأهدافِ التنميةِ المستدامةِ ومؤشراتِها المرتبطةِ بحقوقِ الإنسان.

كما سيتمُ تضمينُ نتائجِ توصياتِ الاستعراضِ الدوريِ الشاملِ الثالثِ في إطارِ خطةٍ وطنيةٍ تنفيذيةٍ لتحسينِ حالةِ حقوقِ الإنسانِ في الأردنِ ومواءمتِها مع محاورِ الخطةِ الوطنيةِ الشاملةِ لحقوقِ الإنسانِ 2016-2025 بمشاركةِ كافةِ الفئاتِ الفاعلةِ من أصحابِ المصلحةِ في المجتمعِ الأردنيِ وبالتنسيقِ مع المنسقِ العامِ الحكوميِ لحقوقِ الإنسانِ ضمنِ مؤشراتِ أداءٍ محددةٍ وخطةٍ زمنيةٍ حسبَ الأولويات.

ختاماً؛ وبعدَ أن أوجزنا حالةَ حقوقِ الإنسانِ في المملكةِ الأردنيةِ الهاشميةِ؛ نتطلعُ اليومَ إلى حوارٍ بناءٍ ومثمرٍ يمكنُنا من تسليطِ الضوءِ على الإنجازاتِ التي تحققتْ في بلدِنا في بناءِ الدولةِ المدنيةِ، دولةِ المؤسساتِ التي تعتمدُ نظاماً يفصلُ بين السلطاتِ، ويحمي حقوقَ الإنسانِ، ويعززُ سيادةَ القانونِ والديمقراطيةِ، ويرسخُ مبادئَ العدالةِ والمساواةِ والشفافيةِ، كما نتطلعُ باهتمامٍ إلى الاستماعِ إلى ملاحظاتِكم التي ستُثْري مسيرةَ المملكةِ بقيادةِ صاحبِ الجلالةِ الهاشميةِ الملكِ عبدِاللهِ الثاني ابنِ الحسينِ المعظم، حفظه الله ورعاه.

المملكة