قررت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني تثبيت أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية عند مستواها الحالي دون تغيير.

وقال البنك المركزي في بيان صحفي الخميس، إن اللجنة ناقشت خلال اجتماعها الثالث لهذا العام، التطورات الاقتصادية والنقدية في المملكة، التي أظهرت متانة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواصلة زخم الأداء الإيجابي بالرغم من الظروف السائدة في المنطقة.

المختص المالي سركيس نزار قال لـ "المملكة" الخميس، إن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ثبت يوم أمس أسعار الفائدة عند أعلى مستويات لها منذ نحو 23 عاما.

وقال، إن تثبيت الفائدة جاء بعد بيانات مخيبة للآمال بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي الأميركي التي شملت ارتفاعا في معدل التضخم بحسب مؤشر أسعار المستهلكين من 3.2% إلى 3.5%، وأيضا الارتفاع الإجمالي لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي ليصل إلى 2.8%.

وتابع نزار: "هذه الحقائق جعلت الاحتياطي الفيدرالي مجبرا على تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة جدا في محاولات عديدة لخفض الفائدة مستقبلا؛ ولخفض معدلات التضخم حاليا".

وأضاف: "الظروف التي حفزت الفيدرالي على إبقاء الفوائد مرتفعة جدا؛ هو الارتفاع الذي حصل بالفائدة على مدى تداولات العام الماضي، ولن تستجب معدلات التضخم هذه السنة للارتفاعات الكبيرة بالفائدة، بل استقرت معدلات التضخم في مستويات تعتبر مرتفعة على مدى هذه السنة؛ مما أجبر الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء الفوائد المرتفعة".

ويرى نزار أن معدل التضخم الذي ارتفع بداية، ثم النشاط الاقتصادي الذي ما زال لا بأس به في الولايات المتحدة شجع الاحتياطي الفيدرالي على تأجيل أي تعديلات في السياسة النقدية؛ ربما إلى الأشهر المقبلة تحديدا في شهر أيلول المقبل.

وحول تأثير القرار الأخير بما يتعلق بتثبيت معدلات الفائدة على الاقتصاد العالمي قال نزار: "العديد من الدول بما فيها الأردن مرتبطة بالفيدرالي الاحتياطي الأميركي بموضوع الفائدة، ولا شك أن هناك مصطلحا جديدا بدأنا نسمع به كثيرا وهو الهبوط الناعم بالاقتصاد، وهذا يعني أن خفض معدلات التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار الاستهلاكية سيتطلب تضحيات هي النمو الاقتصادي، وحاليا نشهد فترة من التباطؤ الاقتصادي في الدول التي ما زالت أسعار الفائدة فيها مرتفعة جدا".

وتابع: "البنوك المركزية بشكل عام وخصوصا التي تتبع خطى الفيدرالي أمام خيارين صعبين الأول هو مخاطر التراجع في النمو الاقتصادي وثانيا عودة الارتفاع الحاد بأسعار الاستهلاك لكن على ما يبدو حاليا من الأفضل أن ننظر إلى الارتفاع المحتمل الحاد في أسعار الاستهلاك ومنع حصوله مجددا".

"إذا قارنا مستويات الارتفاع بالأسعار بين عامي 2022 و2023 سنلاحظ بأن هنالك فوائد تبعت سياسات البنوك المركزية بالتالي بيدو أن البنوك المركزية حاليا تركز على ارتفاع الأسعار أكثر من النمو الاقتصادي الذي يبدو بأنه أفضل" وفق نزار.

ولدى سؤاله حول سبب انتهاج البنك المركزي الأردني سياسة الفيدرالي الأميركي سواء كانت بالتثبيت أو بالرفع أو حتى بالتخفيض قال نزار: "هنا سأشير إلى أهداف سياسة البنك المركزي الأردني التي تنص بحسب الموقع الرسمي للمركزي هي الحفاظ على الاستقرار النقدي في المملكة أي المقصود به استقرار المستوى العام لأسعار السلع والخدمات واستقرار أيضا سعر صرف الدينار الأردني".

وتابع: "يجب الأخذ بعين الاعتبار أن نظام سعر صرف الدينار الثابت مع الدولار هو الركيزة الأساسية للسياسة النقدية في البنك المركزي الأردني، وللحفاظ على سعر الصرف الثابت والركيزة الأساسية للبنك المركزي الأردني بالحفاظ على سعر الصرف الثابت مع الدولار الأميركي؛ يجب هناك بالضرورة أن يتبع البنك المركزي الأردني في سياساته سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي".

وقال نزار: "في عام 2022 تحديدا في الربع الأول كانت معدلات الارتفاع بالأسعار يعني التضخم عند 4.2%".

وتابع: "إذا انتقلنا للربع الأول من هذه السنة سنلاحظ بأن ارتفاعات الأسعار وصلت إلى 1.7%؛ وهذا إنجاز كبير بالنسبة للبنك المركزي الأردني للحفاظ على استقرار الأسعار للسلع والخدمات".

وفي استعراضه لأرقام التضحم يرى نزار أن ذلك يعني أنه يجب إبقاء معدلات الفائدة مرتفعة رغم أنها ستؤثر على قطاعات اقتصادية عديدة، وستؤثر على المواطنين المقترضين المدينين.

ووصلت الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي إلى مستوى قياسي جديد بلغ 19.1 مليار دولار حالياً، أي ما يكفي لتغطية مستوردات المملكة من السلع والخدمات مدة 8.3 شهر. وارتفعت الودائع لدى البنوك في نهاية شهر شباط 2024 بنحو 2.2 مليار دينار، وبنمو نسبته 5.1% على أساس سنوي، لتبلغ 44.3 مليار دينار. وارتفعت التسهيلات الائتمانية الممنوحة بالدينار من البنوك بنحو 744.2 مليون دينار، وبنمو نسبته 2.6% على أساس سنوي؛ ليصل إجمالي رصيدها إلى 33.7 مليار دينار. فيما تؤكد أحدث مؤشرات المتانة المالية، كما هي في نهاية عام 2023، تمتع الجهاز المصرفي الأردني بالقوة والمنعة.

وأسهمت مواصلة تطبيق السياسات الاقتصادية المتوازنة من الحكومة والبنك المركزي خلال العامين الماضيين في احتواء الضغوط التضخمية في المملكة؛ مما أدى الى استقرار التضخم في الفترة الأخيرة عند معدلات مقبولة وملائمة للنشاط الاقتصادي؛ إذ بلغ التضخم 1.7% خلال الربع الأول من عام 2024، منخفضاً من 4.2% في عام 2022. هذا وقد حقق الاقتصاد الوطني معدل نمو اقتصادي حقيقي بلغ 2.6% لعام 2023، مرتفعاً بـنسبة 0.2 نقطة مئوية عن مستواه المسجل في العام الماضي.

وأشارت البيانات الأولية إلى انخفاض ملموس في عجز الحساب الجاري؛ ليصل إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقابل 7.8% في عام 2022. ويأتي ذلك في ضوء تراجع العجز في الميزان السلعي بنسبة 11%، وارتفاع فائض حساب الخدمات بنسبة 62.8% مدفوعًا بزيادة الدخل السياحي بنسبة 27.4% في عام 2023. أما خلال الفترة المتاحة من عام 2024 فقد أظهرت البيانات ارتفاع حوالات العاملين خلال الشهرين الأولين من عام 2024 بنسبة 4.6%؛ لتصل إلى 593.8 مليون دولار، في حين بلغ الدخل السياحي 1.6 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2024، بالمقارنة مع 1.7 مليار دولار خلال ذات الربع من العام الماضي.

وأكد البنك المركزي أنه يتابع بشكل حثيث التطورات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، وتوجهات البنوك المركزية إقليميًا ودوليًا حول أسعار الفائدة، وسيواصل دراسة انعكاساتها على الاقتصاد الوطني.

المملكة