يحيي الأردن والعالم، الأربعاء، الذكرى السنوية الثلاثين لليوم العالمي لحرية الصحافة، في وقت تتعرض فيه حرية الإعلام والتعبير وسلامة الصحفيين، لهجوم متزايد، مما يؤثر على حقوق الإنسان الأخرى.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا إلى ضرورة أن تتوقف التهديدات والاعتداءات ضد الصحفيين واحتجازهم وسجنهم بسبب قيامهم بعملهم، مؤكدا أن العالم يقف إلى جانب الصحفيين في سعيهم إلى الدفاع عن الحقيقة.

وحذر غوتيريش، في رسالة بهذه المناسبة التي تصادف 3 أيار من كل عام، من أن حرية الصحافة "تتعرض للهجوم في كل ركن من أركان العالم"، مشيرا إلى أن الحقيقة مهددة بالمعلومات المضللة وخطاب الكراهية "وكلاهما يسعى إلى طمس الفرق بين الحقيقة والوهم، وبين العلم والمؤامرة".

وطالب بضرورة وضع نهاية للأكاذيب والمعلومات المضللة ووقف استهداف الحقيقة ورواة الحقيقة، مشيرا إلى أن هذا اليوم العالمي شكل على مدى العقود الثلاثة الماضية فرصة يحتفل فيها المجتمع الدولي بعمل الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وأن هذا اليوم يسلط الضوء على حقيقة أساسية "ألا وهي أن حريتنا تعتمد في كليتها على حرية الصحافة".

وأضاف غوتيريش أن حرية الصحافة أساس الديمقراطية والعدالة، قائلا "إنها تمنح كل واحد الحقائق التي نحتاج إليها لتكوين الآراء والمطالبة بالحقوق".

وأشار إلى أن ازدياد تمركز وسائل الإعلام في أيدي قلة قليلة والانهيار المالي لعشرات المؤسسات الإخبارية المستقلة، وزيادة القوانين واللوائح الوطنية التي تخنق الصحفيين، كل ذلك يزيد من تضييق طوق الرقابة ويهدد حرية التعبير.

- التحدث بصوت واحد -

وحذر غوتيريش من أن الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام يُستهدَفون بصورة مباشرة أثناء قيامهم بعملهم الحيوي، سواء أكان ذلك على الإنترنت أم خارج نطاقها، "وغدا تعرضهم للمضايقة والترهيب والاحتجاز والسجن أمورا اعتيادية".

وأضاف "قتل ما لا يقل عن 67 من العاملين في مجال الإعلام في عام 2022 - وهي زيادة مدهشة بنسبة 50% عن العام الذي سبقه، وتعرض ما يقرب من ثلاثة أرباع الصحفيات للعنف على الإنترنت، وتعرضت واحدة من كل أربع صحفيات للتهديد الجسدي".

وقال الأمين العام إن الأمم المتحدة وضعت قبل عشر سنوات خطة عمل بشأن سلامة الصحفيين الهدف منها هو حماية العاملين في وسائل الإعلام ووضع حد للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحقهم، داعيا العالم- بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة وفي كل المناسبات التي يحل فيها- إلى أن يتحدث بصوت واحد للتصدي لتلك الجرائم.

- حرية كفلها الدستور الأردني-

ووفق جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته منظمة "مراسلون بلا حدود" خلال عام 2023، حلّ الأردن في المرتبة 146 (من أصل 180 بلداً)، فيما كان يحتل المرتبة 120 عام 2022.

وأكد الدستور الأردني في نص المادة (15) منه، أن الدولة تكفل حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون.

ووفق المادة أيضا، تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون، ولا يجوز تعطيل الصحف ووسائل الإعلام ولا إلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون.

ويهدف التصنيف العالمي لحرية الصحافة إلى المقارنة بين درجة الحرية التي يتمتع بها الصحفيون ووسائل الإعلام في البلدان الـ180 التي يشملها التحليل، حيث يعتمد هذا الأخير على تعريف حرية الصحافة الذي وضعته مراسلون بلا حدود وفريق الخبراء التابع لها، في سياق المراجعة المنهجية لنسخة عام 2022.

- انتهاكات إسرائيلية -

قال أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إن مجموع الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين في فلسطين عام 2022، بلغ نحو 907 انتهاكات، منها اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة، والصحفية غفران الوراسنة العاملة في إحدى إذاعة محلية فلسطينية، واعتقال 40 صحفيا، من بينهم 17 صحفيا ما زالوا في سجون الاحتلال.

ولفت إلى أن شهر نيسان الماضي شهد 50 انتهاكا بين اعتقال ومداهمة ومنع من التغطية الإعلامية، وأخيرا أصدر الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير قرارا بإغلاق إذاعة (صوت فلسطين)، تبعه قرار إغلاق مؤسسة إعلامية فلسطينية مقرها في بيت حنينا في شمال مدينة القدس.

وأشار إلى أن الرسالة الواجبة على مختلف وسائل الإعلام مهنية أخلاقية من أجل نصرة الشعب الفلسطيني، وفضح الممارسات العدوانية الإسرائيلية، مطالبا المنظمات الشرعية والقانونية العالمية التدخل الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بما في ذلك انتهاك حرية الإعلام.

ودعا الإعلام العالمي الحر إلى التركيز على فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والتنبه من التضليل الإخباري الإسرائيلي، بما في ذلك المعلومات والمواد الإخبارية الإسرائيلية الملفقة، والتي يجري تسريبها لوسائل الإعلام، ما يتطلب توفير قاعدة معلومات إعلامية موثوقة لوسائل الإعلام المعنية بالخبر الفلسطيني بشكل عام والمقدسي بشكل خاص، وتوفير الحماية القانونية العالمية للإعلام العامل في فلسطين المحتلة.

- 1668 صحفيا قتلوا خلال 20 عاما -

وذكرت المنظمة غير الحكومية "مراسلون بلا حدود" في تقرير نشر نهاية العام 2023، قالت فيه إن 1668 صحفيا قتلوا في العالم بين عامي 2003 و2022، أي 80 صحفيا سنويا في المتوسط، واحتل العراق وسوريا المراتب الأولى فيه بين أخطر الدول لهذه المهنة.

وقال التقرير إنه "بمقتل ما مجموعه 578 (صحفيا) خلال عشرين عاما" سجل في هاتين الدولتين اللتين تشهدان نزاعا "وحدهما سقوط أكثر من ثلث المراسلين الذين قتلوا".

وتقدمتا على المكسيك (125) والفلبين (107) وباكستان (93) وأفغانستان (81) والصومال (78). ويشكل الرجال أكثر من 95% من هؤلاء القتلى.

وخلال العقدين الماضيين تعود "أحلك الأعوام" إلى 2012 و2013 إذ "قتل 144 و142 صحفيًا على التوالي لا سيما بسبب الصراع في سوريا"، حسب "مراسلون بلا حدود".

ويلي هاتين الذروتين "هدوء تدريجي ثم أرقام منخفضة تاريخيًا اعتبارا من 2019"، على حد قول المنظمة المدافعة عن حرية الصحافة.

ويعود تاريخ اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى مؤتمر عقدته يونسكو في ويندهوك في عام 1991. وكان المؤتمر قد عُقد في الثالث من أيار باعتماد إعلان ويندهوك التاريخي لتطوير صحافة حرّة ومستقلّة وتعدديّة.

وبعد مرور ثلاثين سنة على اعتماد هذا الإعلان، لا تزال العلاقة التاريخية بين حريّة التقصّي عن المعلومات ونقلها وتلقيها من جهة، وبين المنفعة العامة، من جهة أخرى، تحظى بالقدر ذاته من الأهمية.

المملكة