تدفع الصراعات المستمرة والناشئة إلى تزايد في عدد الضحايا ومنهم الفارون قسرا الباحثون عن أمل بعيدا عن ديارهم، كاللاجئين والنازحين، في الوقت الذي يتراجع فيه الدعم الدولي للاجئين والمجتمعات المضيفة.

ويصادف الثلاثاء، يوم اللاجئ العالمي، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد الفارين قسرا في العالم أكثر من 110 ملايين شخص، مع نهاية أيار 2023 نتيجة الاضطهاد والصراع والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والأحداث المخلة بالنظام العام على نحو خطير.

ووفق تقرير الاتجاهات العالمية الصادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) منتصف الشهر الحالي، وصل عدد الفارين قسرا إلى 108.4 ملايين شخص مع نهاية عام 2022، ويمثل ذلك زيادةً سنويةً تبلغ 19.1 مليون شخصٍ مقارنةً بنهاية 2021، وتعد تلك الزيادة الأكبر على الإطلاق بين عامين متلاحقين حسب إحصائيات مفوضية اللاجئين.

ولم يُظهر المسار التصاعدي للنزوح القسري العالمي أي علامة على التباطؤ في عام 2023، وأدت الاضطرابات المسلحة في السودان إلى حدوث تدفقات جديدة خارج السودان وداخلها، مما دفع الإجمالي العالمي لأكثر من 110 ملايين شخص، حتى نهاية الشهر الماضي، مقابل 51.2 مليون شخص في 2013.

وتقول المفوضية، إن الدول المضيفة للاجئين السوريين تعاني أساساً من الفقر والبطالة وأزمات جديدة، وتقليص التمويل يزيد من مخاطر ارتفاع مستويات الجوع وانعدام الأمن الغذائي.

وتعهّدت جهات مانحة الخميس بتقديم مساعدات للاجئين السوريين بـ5.6 مليارات يورو خلال مؤتمر بروكسل، الشهر الحالي، الذي نظّم برعاية الاتحاد الأوروبي.

وتقول الأمم المتحدة، إن أكثر من 12 مليون سوري فرّوا من منازلهم؛ بسبب النزاع في بلادهم منهم 5.4 ملايين يعيشون لاجئين في دول مجاورة.

صراعات مستمرة وناشئة

وترى المفوضية أن الصراعات المستمرة والناشئة دفعت إلى نزوح كثير من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وأدت الحرب الروسية في أوكرانيا في شباط 2022 إلى واحدة من أكبر أزمات النزوح منذ الحرب العالمية الثانية.

وبنهاية 2022، كان هناك 11.6 مليون أوكراني في عداد الفارين قسراً، بما في ذلك 5.9 ملايين شخص نزحوا داخل أوكرانيا، و5.7 ملايين شخص اضطروا للفرار إلى دول أخرى.

استمرت الصراعات وحالات انعدام الأمن في مناطق أخرى من العالم أو تجددت، مثلما كان الوضع في جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وميانمار، حيث اضطر أكثر من مليون شخصٍ للنزوح في كل من هذه البلدان.

لاجئون من الروهينغا على متن قارب أثناء استجوابهم من قبل حرس الحدود في بنغلاديش، 9 تشرين الثاني 2017. (رويترز)


أكثر من 35 مليون لاجئ

ووصل عدد اللاجئين حتى نهاية 2022 إلى 35.3 مليون لاجئ، منهم 5.9 ملايين لاجئ تحت ولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا).

وهناك أيضا 62.5 مليون نازح داخليا، و5.4 ملايين طالب لجوء، وفق التقرير الأممي.

ويوجد 76% من اللاجئين في بلدان ذات دخل منخفض ومتوسط، كما يقيم 70% من اللاجئين في دول متاخمة لبلدانهم، ويعيش 70% من اللاجئين وسواهم من الأشخاص المحتاجين للحماية الدولية في دول متاخمة للبلدان التي يتحدرون منها.

اللاجئون الفلسطينيون

وبعد عقود من التهجير واللجوء والطرد ونزع الملكية خلال نكبة فلسطين 1948، ارتفع عدد لاجئي فلسطين من 750 ألفا في عام 1950 إلى 5.9 ملايين في نهاية عام 2022.

ووفق إحصائيات وكالة أونروا، فإن لاجئي فلسطين المسجلين لديها في الأردن بواقع 2.366 مليون، ولبنان 488 ألفا وسوريا 581 ألفا، و2.455 مليون في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتعترف أونروا بـ58 مخيما للاجئين الفلسطينيين، منها 10 مخيمات في الأردن، و12 في لبنان، و19 في الضفة الغربية، و8 في قطاع غزة، و9 في سوريا.

وتحذر وكالة أونروا، بشكل متكرر من أزمة تمويل "مزمنة" وإخفاق في جمع الأموال اللازمة للوكالة، وعبرت عن مخاوفها من الآثار الإنسانية والسياسية والأمنية الهائلة على المنطقة وخارجها، نتيجة الأزمة المالية.

"جهات تهرع نحو الصراعات"

وتشير المفوضية إلى أن تواصل الصراعات الجديدة يجبر السكان على الفرار في 2023، بما في ذلك الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، واستشراء العنف في ميانمار، واستمرار انعدام الأمن وحالة الجفاف في الصومال.

وأثر الارتفاع العالمي المفاجئ في تكاليف الطاقة وأسعار البضائع بشكل سلبي على العديد من البلدان الهشة أصلاً؛ الأمر الذي تفاقم أكثر نظراً للتبعات الباقية لوباء فيروس كورونا.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن "هذه الأرقام توضح أن بعض الجهات تهرع نحو الصراعات وتتباطأ للغاية في البحث عن الحلول، وهو ما يؤدي إلى حدوث دمار ونزوح ومعاناة بالنسبة لملايين الأشخاص الذين تهجروا قسراً عن ديارهم".

وجاءت تقديرات عدد اللاجئين الأفغان أعلى بشكل حاد بحلول نهاية 2022، وذلك بسبب تقديرات محدثة للأفغان الذين تستضيفهم إيران، وبيّن التقرير المراجعات التصاعدية التي أجرتها كولومبيا وبيرو لأعداد الفنزويليين، والذين يتم تصنيفهم في الغالب على أنهم "أشخاص آخرون بحاجة إلى حماية دولية" وتستضيفهم تلك البلدان.

339 ألف عائد

وفي 2022، عاد أكثر من 339 ألف لاجئ إلى 38 دولة، وسجلت حالات كثيرة من العودة الطوعية إلى جنوب السودان وسوريا والكاميرون وساحل العاج، كما عاد 5.7 مليون نازح داخلياً في عام 2022 إلى منازلهم، لا سيما في إثيوبيا وميانمار وسوريا وموزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقدرت المفوضية عدد الأشخاص عديمي الجنسية أو من جنسية غير محددة مع نهاية 2022، بنحو 4.4 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وذلك بزيادة قدرها 2% عن نهاية 2021.

المملكة