يُعد منح حق اللجوء للأشخاص الفارين من الاضطهاد في بلدان أخرى من أقدم السمات المميزة للحضارة؛ إذ عُثر على نصوص تدل على اللجوء مكتوبة منذ 3500 سنة، وذلك أثناء حقبة ازدهار أولى الإمبراطوريات الكبرى في الشرق الأوسط مثل الحثيين والبابليين والآشوريين والمصريين القدماء.

وبحلول يوم اللاجئ العالمي، الثلاثاء، يتجاوز عدد الفارين قسرا في العالم 110 ملايين شخص؛ نتيجة الاضطهاد والصراع والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والأحداث المخلة بالنظام العام على نحو خطير، وذلك مع نهاية أيار 2023.

نجاح ونجاة

يوم اللاجئ العالمي هو يوم عالمي حددته الأمم المتحدة تكريماً للاجئين في جميع أنحاء العالم، ويصادف 20 يونيو من كل عام، وأُقيم أول احتفال على مستوى العالم لأول مرة في 20 يونيو 2001، بمناسبة الذكرى الخمسين على اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئ.

كان هذا اليوم يعرف سابقا بيوم اللاجئ الإفريقي، قبل أن تخصصه الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً باعتباره يوماً عالمياً للاجئين حول العالم وذلك في كانون الأول 2000.

يراد لهذا اليوم أن يسلط الضوء على قوة وشجاعة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم هرباً من الصراعات أو الاضطهاد، ويعد مناسبة لحشد التعاطف والتفهم لمحنتهم والاعتراف بعزيمتهم من أجل إعادة بناء حياتهم، وفق الأمم المتحدة.

في هذا اليوم، تُحكى قصص اللاجئين وحقوقهم واحتياجاتهم وأحلامهم، ويساعد في حشد الإرادة السياسية والموارد حتى يتمكن اللاجئون من النجاح وليس فقط النجاة، وفق المفوضية.

ويعد من المهم حماية وتحسين حياة اللاجئين كل يوم، ولذلك فإن المناسبات الدولية كيوم اللاجئ العالمي تساعد على تحويل الاهتمام العالمي نحو محنة الفارين من الصراعات أو الاضطهاد.

"الأمل بعيداً عن الديار"

ﻳﺮﻛﺰ ﻳﻮم اﻟﻼﺟﺊ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ في عام 2023 ﻋﻠﻰ إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة إدماجهم، ويُتخذ من "الأمل بعيداً عن الديار" و"من أجل عالمٍ أكثر شمولاً للاجئين" شعارين في العام الحالي.

وترى المفوضية أن ﺷﻤول اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ وﺟﺪوا ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻣﺎن ﺑﻌﺪ اﺿﻄﺮارﻫﻢ ﻟﻠﻔﺮار ﻣﻦ اﻟﺼﺮاعات واﻻﺿﻄﻬﺎد يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ فاعلية ﻟﺪﻋﻤﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﻌﺎﻫﻢ ﻹﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، وﻟﺘﻤﻜﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ، ﻛﻤﺎ أن ذﻟﻚ ﻳﻤﺜﻞ الطريقة المثلى ﻹﻋﺪادﻫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻮدة لدﻳﺎرﻫﻢ وإﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺴﻨﻰ ﻟﻬﻢ اﻟﻈﺮوف ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺄﻣﺎن وﻃﻮاﻋﻴﺔ، أو تحقيق اﻻزدﻫﺎر إن أﻋﻴﺪ ﺗﻮﻃﻴﻨﻬﻢ في ﺑﻠﺪان أﺧﺮى، بحسب المفوضية الأممية.

اتفاقية 1951

تعد اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئ وبروتوكولها لعام 1967 هما الوثيقتان القانونيتان الأساسيتان اللتان تشكلان جوهر عمل المفوضية، مع وجود 149 دولة طرفًا في أي من الاتفاقية والبروتوكول أو في كليهما.

تعرف الاتفاقيتان مصطلح "اللاجئ" وتحدد حقوق اللاجئين، فضلاً عن الالتزامات القانونية للدول بتوفير الحماية لهم.

وتوضح الاتفاقية أن اللاجئ هو كل من وجد "بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيتها، ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف".

ويتمثل المبدأ الأساسي في عدم الإعادة القسرية، الذي يؤكد على أنه لا ينبغي إعادة اللاجئ إلى بلد يمكن أن يواجه فيه تهديداً خطيراً لحياته أو حريته، ويعد ذلك الآن قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي، وفق المفوضية.

وتعمل المفوضية بصفتها "الوصي" على اتفاقية 1951 وبروتوكولها لعام 1967، ويُفترض أن تتعاون الدول معها لضمان احترام وحماية حقوق اللاجئين.

للمفوضية ولاية لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية والأشخاص النازحين داخلياً، وتقدم المساعدة على أساس يومي لملايين الأشخاص حول العالم وغالبيتهم في الخطوط الأمامية للصراعات.

الحقوق المشمولة في اتفاقية 1951

أكدت الاتفاقية على الحق في الحماية من الإعادة القسرية وحظر الطرد إلا تطبيقا لقرار متخذ وفقا للأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون، على أن يُتاح للاجئين حق الاعتراض، وألا تفرض الدول على اللاجئين عقوبات جزائية بسبب دخولهم إقليمها أو وجودهم فيه دون إذن.

وتشمل الحقوق، الحق في العمل والسكن والتعليم والحصول على الإغاثة والمساعدة العامة وممارسة الطقوس الدينية والتقاضي الحر أمام المحاكم وحرية التنقل ضمن أراضيها والحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر.

المصطلحات

اللاجئون، هم الأفراد الذين يضطرون لمغادرة ديارهم؛ حفاظا على حرياتهم أو إنقاذا لأرواحهم. وهم لا يتمتعون بحماية دولتهم وغالباً تكون حكومتهم هي مصدر تهديدهم بالاضطهاد، بحسب الأمم المتحدة.

ملتمس اللجوء (طالب اللجوء)، هو شخص يقول إنه لاجئ غير أن ادعاءه أو طلبه لا يكون قد تمّ تقييمه أو البت فيه بشكل نهائي، وغالباً ما يتم الخلط بين مصطلحي ملتمس اللجوء واللاجئ.

النازحون (اللاجئون داخليا)، هم أشخاص أو جماعات تجبر أو تضطر للفرار من ديارهم أو من أماكن إقامتهم المعتادة بدون عبور حدود دولية معترف به، لتجنب عواقب صراع مسلح، أو حالات لتفشي العنف، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، أو كوارث طبيعية، أو كوارث من صنع البشر.

ويحتفظ النازحون كمواطنين بكامل حقوقهم، بما في ذلك الحق في الحماية، وفقاً لقوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وغالباً ما يُطلق بشكل خاطئ تسمية "لاجئين" على الأشخاص النازحين.

أما العائدون، فهم الأفراد اللاجئون سابقا، والذين قرروا أن يعودوا عودة طوعية وآمنة وكريمة، إلى ديارهم التي اضطروا إلى مغادرتها قسرا.

ويحتاج الأفراد في هذه الفئة إلى الدعم المستمر لإعادة إدماجهم وضمان توفير المناخ المساعد لهم على بناء حياة جديدة في أوطانهم الأصلية.

المملكة