اتفق مختصون، الأحد، على وجود فرصة متاحة أمام الإصلاح السياسي والحياة الحزبية في الأردن لكنها تواجه تحديات تتعلق بعدم نضج تجربة الأحزاب وضعف بعضها وتركيزها على قضايا خدمية وبرامج بعيدة عن الارتباط السياسي، ومعاناة أحزاب من التضييق.

وعقد المنتدى الإعلامي التابع لمركز حماية وحرية الصحفيين مناظرة، الأحد، تحت عنوان "فرص الإصلاح السياسي في الأردن..التجربة الحزبية الجديدة نموذجاً".

"نقاط مضيئة"

وقال مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي إن نافذة الفرص متاحة أمام الإصلاح لكنها ضيقة وأمامها تحديات جسيمة، مشيراً إلى وجود توصيات بالاتجاه الصحيح وليست كافية من قبل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.

الإعلامي عمر كلاب تحدث عن فرص لنجاح الإصلاح والحياة الحزبية، وقال إن التجربة ستطور نفسها بنفسها وستسير نحو فضاءات أكثر إنتاجية، ودعا إلى الإصلاح التدريجي والسير مرحلة بمرحلة.

أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، حسن البراري، تحدث عن نقاط مضيئة في الحياة الحزبية لكنها غير كافية، وقال إنه لم ير أردنيا ضد الإصلاح.

البراري وهو عضو سابق في اللجنة الملكية عبر عن اتفاقه مع رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في الأوراق النقاشية، وقال: "نسمع خطابا تقدميا من الملك، لكن القوانين التي وضعت من خلال مخرجات اللجنة تعرضت للتقزيم من قبل التعديلات الحكومية"

الرنتاوي تحدث عن وجود حراك سياسي أفضل بكثير مما كان عليه قبل عامين، و"تنافس ومزاحمة ورغبة وشباب أكثر ميلا للانخراط في الأحزاب"، مضيفاً "هناك فرصة".

"مبالغ فيه وغير وارد"

لكن البراري قال: "إذا كان الإصلاح المطلوب هو وجود ملكية دستورية ووجود حكومات برلمانية انتخابية فالأردن بعيد جدا بالرغم من وجود مسار تم تدشينه".

الرنتاوي وهو عضو سابق في اللجنة الملكية، قال إن "الحديث عن الذهاب لملكية دستورية مبالغ فيه وغير وارد وتحدث عن أمله في الوصول للتجربة السياسية المغربية على الأقل".

الإصلاح والطلب الشعبي

وتساءل كلاب عن وجود طلب على إصلاح سياسي أم إن الطلب يركز على الإصلاحات الاقتصادية، وقال إن المجتمع الحزبي في الأردن تراجع ذاتيا في السابق، والأردن لم يعتد على بناء حزبي محلي.

وبرأي الرنتاوي فإن "الإصلاح ينتزع انتزاعا وهو ثمرة توازنات قوى سياسية ومجتمعية أساسية"، مشيرا إلى عدم وجود دوافع سياسية واجتماعية وحزبية للإصلاح.

ووصف الرنتاوي المجتمع الدولي بـ"النفاق"، وتحدث عن عدم رغبة المجتمع الدولي بالإصلاح في المنطقة برمتها، وما يهمه الاستقرار والأمن والعلاقات الأمنية والاستراتيجية.

البراري اعتبر بدوره أن "المصالح الأميركية طويلة الأمد في المنطقة والمتعلقة بالإصلاح والديمقراطية مؤجلة والاهتمام الحالي يتركز على الاستقرار ضمن رؤية قصيرة الأمد".

وقال الرنتاوي إن "الإصلاح إما أن يأتي نتيجة حركة نهوض شعبي تقوده قوى حزبية وسياسية أو بالتزامن مع موجة عالمية من الديمقراطية"، و"إذا لم يكن هناك طلب شعبي قوي لن يكون هناك إصلاح".

إرادة "ليست ناجزة"

يرى الرنتاوي عدم وجود إرادة سياسية جمعية، بمعنى أن الدولة لا تتحرك ككتلة واحدة تجاه الإصلاح، وقال إن الإصلاح يحتاج مناخ حريات، مشيرا إلى أن "إرادة مراكز صنع القرار ليست ناجزة".

وتحدث الرنتاوي عن تفريغ الأحزاب والنقابات المهنية من إنتاج النخب، وقال "الدولة هي وحدها مصدر إنتاج النخب وهي نخب تكنوقراط مفرغة من السياسة"، وأشار إلى وجود "رسائل اطمئنان تشوبها أحيانا رسائل ترويع".

وتحدث كلاب عن "خشية ذوات على نفسهم من الحياة الحزبية لأنها ستنتج نخبا جديدة"، ولذلك سارعت نخب قديمة إلى تشكيل أحزاب.

سياسي أم برامجي؟

يرى الرنتاوي أن الحزب يجب أن يكون سياسيا له خطط لكل القطاعات، وقال إن الحزب يجب أن يكون سياسيا وذا خلفية فكرية وذا هوية اجتماعية ويشتق من كل ما سبق خططه لكل القطاعات.

وأضاف الرنتاوي أن "الحديث عن البرامج أضاع السياسة والأحزاب التي ليس لديها مشروع لن تستمر".

عمر كلاب استنكر تسمية أحزاب بأنها "برامجية"، وقال إن الأحزاب سياسية ولها برامج.

ويرى كلاب أن الأحزاب في الأردن نمت سابقا على حافتي الشمولية والقضية الفلسطينية، ورأى مدير مركز القدس أن من الطبيعي نشوء أحزاب متأثرة بالقضية الفلسطينية لأن الأردن دوما كان في قلب القضية الفلسطينية.

"فجوة ثقة" و"ضعف بنيوي"

البراري يعتقد وجود "فجوة ثقة أفقية نحو الأحزاب"، وقال إن "الناس لا يثقون في الحكومة والبرلمان والأحزاب".

وتحدث عن معاناة الأحزاب من "ضعف بنيوي ومالي عدا حزب جبهة العمل الإسلامي وهو الوحيد الذي تنطبق عليه مواصفات الحزب".

ووصف البراري الحياة الحزبية بأنها "تبدو ضعيفة لكنها البداية"، وقال إن "الأحزاب ليس لها امتداد شعبي ولن يكون لها ذلك الامتداد بين ليلة وضحاها".

ودعا الرنتاوي بكل مؤسساتها إلى الوقوف على مسافة واحدة من الأحزاب، وأكد أهمية حماية حياد الدولة في الانتخابات.

كلاب، أشار إلى وجود معيقات أمام الأحزاب، وقال إن المجتمع الأردني لم ينضج تجاه الأحزاب، ولفت إلى غياب المعلومة عن الأحزاب، وتساءل عن وجود توافق على الأولويات الوطنية.

ويرى البراري وجود تضييق أمني على الانتساب لأحد الأحزاب، وقال الرنتاوي إن "الصورة خدشت بسبب ما حصل مع حزب الشراكة والإنقاذ".

الانتخابات المقبلة

وقال الرنتاوي إن معظم الأحزاب وجدت صعوبة في تأمين الأعضاء المؤسسين، مضيفاً أن الاستقرار يتطلب عملا سياسيا منظما، وتوقع أن تراهن بعض الأحزاب على البنية العشائرية والاجتماعية في الانتخابات المقبلة.

ورأى أن المنافسة على المقاعد المخصصة للأحزاب ستكون صعبة في الانتخابات المقبلة، وقال إن "أحزاب ميثاق وإرادة وجبهة العمل وتقدم ستكون لها حصص في البرلمان ... الكتلة الرئيسية في البرلمان من الدوائر المحلية".

وبشأن المرحلة الحزبية المقبلة، قال الرنتاوي: "لا أتفاءل كثيرا كما لا أتشاءم ... أنا "متفائل".

كلاب قال إنه "لا خيار سوى بالحياة الحزبية"، وتوقع أن تحصد أحزاب مقاعد أعلى من المتوقع في الانتخابات.

التمويل يجب أن يكون ودعا الرنتاوي إلى وجود دعم مالي سخي ومرتبط بنتيجة الانتخابات، وقال إنه حق للأحزاب، وأكد كلاب بدوره، أهمية سخاء التمويل بعد نتائج الانتخابات.

حكومة حزبية مقبلة؟

الرنتاوي، قال بشأن الانتخابات النيابية المقبلة: "لن تكون هناك حكومة حزبية لكن إذا كان هناك نمط معين من الشخصيات والأحزاب الناجحة في الانتخابات قد تكون هناك حكومات حزبية".

أما كلاب فلم يستبعد وجود حكومة حزبية، وقال إن "الشارع الأردني جاهز لتلقف أي حياة حزبية".

وعبر كلاب عن خشيته على الأحزاب من الخلاف في اليوم الأول من إعلان القوائم الانتخابية.

أما البراري فتوقع أن يكون رئيس الحكومة المقبل من أحد الأحزاب، ورأى أنها ستكون رسالة من الدولة لاستعادة ثقة المواطن لتشجيع المشاركة.

المملكة