تحدّث مختصون إعلاميون، في جلسة نقاشية أقيمت في معهد الإعلام الأردني، عن محاولة سلطات الاحتلال الإسرائيلي إخفاء جرائمها في الحرب على قطاع غزة عبر استهداف الصحفيين والتضييق عليهم.

ودعا المختصون خلال جلسة بعنوان "حماية الصحفيين، الحفاظ على الحقيقة"، إلى تطوير الرواية الفلسطينية، وأشاروا إلى الحاجة إلى التربية الإعلامية ودحض الأخبار الكاذبة، ومواجهة السردية الإسرائيلية.

وعُرضت خلال الجلسة شهادات من مراسلين ميدانيين غطوا العدوان الإسرائيلي الحالي في غزة وجنوب لبنان، أشاروا خلالها إلى معضلة التوفيق بين الجانب الشخصي والواجب المهني، والخطر المحدق بهم خلال إيصالهم صوت سكان القطاع إلى العالم.

"الأبطال اليافعون"

وتحدثت مؤسسة معهد الإعلام الأردني الأميرة ريم علي عن محاولة إسرائيلية لإسكات الصحفيين في قطاع غزة ومنعهم من نقل الأحداث بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وقالت الأميرة ريم، إن محاولة إسرائيل إخفاء جرائمها أدت لبروز الصحفيين والناشطين المحليين في القطاع، والذين ينقلون الأحداث ووصفتهم بـ"الأبطال اليافعين".

وذكرت الأميرة ريم أن دولا غربية قدمت دعما سابقا لمعهد الإعلام بهدف تعزيز حرية التعبير في الأردن، لكنها تعاني حاليا من حرية رأي محدودة بشأن الحرب على غزة.

"رواية قاصرة"

وقالت المديرة العامة لقناة "المملكة" دانة الصياغ، إن الرواية العربية قاصرة، "وتراجعت وتقوقعت" في روايتها عن القضية الفلسطينية، مقابل تطور في السردية الإسرائيلية.

ورأت الصياغ أن الرواية الإسرائيلية اختطفت الرواية العربية، وأصبحت تتحدث عن المعاناة والقتل.

ولفتت إلى وجود تحدٍ في غرف الأخبار يتمثل في ضرورة تطوير الأدوات والشراكات والبحث عن أعين جديدة، والاستماع بشكل أكبر.

وقالت الصياغ إن الرواية الغربية اختلفت مؤخرا لكن الرواية الأهم هي رواية الصحفيين مثل مراسل "الجزيرة" وائل الدحدوح والمؤثرين المحليين في منصات التواصل الاجتماعي، وقالت إن تلك المنصات أصبحت المكان الأهم لسرد الرواية خصوصا في ظل وجود حوارات بشأنها.

وأكدت أن تأثير الصحفيين في منصات التواصل الاجتماعي أقوى.

وقالت الصياغ: نشعر بالعجز أمام المعاناة اليومية للصحفيين في قطاع غزة، ونحاول يوميا التأقلم مع المعطيات الميدانية في القطاع المحاصر.

وأكدت أهمية التربية الإعلامية، وقالت إنها لم تكن يوما أكثر أهمية من الوقت الحالي، وذلك في ظل انتشار الأخبار الزائفة خصوصا من قبل الإعلام الإسرائيلي.

"استمرار الرسالة هو الأهم"

مراسل "المملكة" الميداني في قطاع غزة باسل العطار والذي يعمل في المهنة منذ 2010، قال إن الحرب الحالية "مختلفة" من حيث التغطية الإخبارية.

وأشار العطار لعدم وجود مكان للصحفيين، مضيفا: اضطررنا للنوم في الطرقات وممرات المستشفى، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على المواد الغذائية.

وقال إن الصحفيين عانَوا من انقطاع الاتصالات المتكرر في القطاع، والذي حدّ من وصول رسائلهم الإعلامية إلى العالم.

وعند انقطاع الاتصالات في المرة الأولى، تحدث العطار عن وقوفه أمام الكاميرا المتصلة بالأقمار الاصطناعية بدون وجود قدرة على الاستماع لطاقم القناة، وتسجيله لرسالة إعلامية من طرف واحد، على أمل أن تصل إلى القناة وعرضها للمشاهدين، وقال إن استمرار الرسالة هو الأهم.

وتحدث عن صعوبة المواءمة بين الجانبين العملي والشخصي، خصوصا في ظل استهداف الصحفيين الذي شكل ضغطا وقلقا إضافيا على الصحفيين وعائلاتهم.

"انحياز ممنهج"

ورأت الأستاذة في الجامعة الأميركية في الشارقة عبير النجار، وجود انحياز ممنهج من قبل وسائل إعلام غربية، مع عدم إبراز المعاناة الفلسطينية خلال تغطية الحرب الإسرائيلية على القطاع.

وأشارت إلى منع الصحفيين الأجانب من الوصول إلى قطاع غزة، وطلبها من الصحفيين الأجانب في إسرائيل الاطلاع على المواد الإعلامية والمراسلات، إضافة إلى تهديد الصحفيين وأقاربهم في قطاع غزة.

في المقابل، تحدثت النجار وهي عميدة سابقة لمعهد الإعلام الأردني، عن تنامي الوعي والنقد في غرف الأخبار في وسائل الإعلام الغربية للعودة إلى المعايير الإعلامية المهنية.

"نصف الحقيقة"

الأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية جاد ملكي، رأى أن من يقول إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الصحفيين، فإنه لا يقول الحقيقة بل "نصف الحقيقة"، لأن إسرائيل ترتكب الكثير من الجرائم الأخرى.

وقال ملكي إن "العدو خائف لأنه ينفذ جرائم حرب وإبادة جماعية"، ودعا لاعتماد "نظرية الإعلام المقاوم"، وتوثيق الجرائم ونشر حقيقة الاحتلال الإسرائيلي، ودحض الأخبار الكاذبة.

ودعا ملكي وهو محاضر في معهد الإعلام الأردني أيضا، إلى التمسك بالمعايير الإعلامية حتى في حال ابتعاد الدول الغربية عنها.

المملكة