استطاعت جميلة الحبايبة بإصرارها وعزيمتها، أن تثبت كفاءتها لتصبح "أول دليلة سياحية" في جرش ومن أقدمهنّ على مستوى الأردن، رغم مسؤولياتها كأم وتحديات وصعوبات واجهتها لتعمل جنبا إلى جنب مع زوجها.

جميلة الحبايب، وكنيتها "أم نادر"؛ من مواليد عام 1957 في محافظة جرش، وهي من أسرة محافظة، تلقت تعليمها الأساسي، وأنهت الثانوية العامة وتزوجت عام (1975)، قبل أن تسافر مع زوجها إلى كندا وتنجب 6 أولاد 3 منهم إناث.

وتلقى جميع أولاد أم نادر، التعليم الجامعي، لحرصها وزوجها بأن العلم والتعلم سلاح للشخص وجواز سفر يستطيع من خلاله الدخول إلى هذا العالم والخوض في سوق العمل، تاركة لأولادها حرية اختيار التخصص الجامعي.

تقول أم نادر إنها عادت من كندا إلى الأردن، وبدأت وزوجها البحث عن عمل لتأمين حياتهما وحياة أبنائهما وتعليمهم، مضيفة أن "الصدفة" قادتها إلى العمل دليلةً سياحية، بعد أن ذهبت مع زوجها ليقدّم للعمل دليلا سياحيا كونه يجيد اللغة الإنجليزية.

أم نادر رافقت زوجها إلى وزارة السياحة لاستلام كتاب يقدّم من خلاله امتحان في الجامعة الأردنية للعمل دليلا سياحيا، وتفاجأ الموظف الذي أعطى زوجها الكتاب بإجادتها للغة الإنجليزية ونصحها للتقدّم للامتحان مع زوجها.

وتتحدث أم نادر عن الفرصة التي حوّلت حياتها في وقت كانت مترددة في الوصول إلى هذه الوظيفة، إذ تقول "لو طلب مني الموظف الرجوع غدا لاستلام الكتاب، فلن أرجع، وطلبت منه أن يساعدني بإعطاء الكتاب مع زوجي الآن لأتقدم معه للامتحان".

"بدون تردد، طبع لي الكتاب وقال لي بإمكانك أن تتقدمي مع زوجك للامتحان لتصبحي دليلة سياحية"، تقول أم نادر إنها تفاجأت باستجابة الموظف بعد أن كانت مترددة.

وتوضح أم نادر أن زوجها كان الداعم الأول لها، مشيرة إلى أنها أخذت الكتاب ورافقت زوجها إلى الجامعة الأردنية وتقدمت للامتحان مع زوجها.

وأضافت "أخذت عهدا على نفسي لو رسبت في ذلك الامتحان بأن لا أعيده، ولكن نتائج الامتحان أظهرت نجاحي وزوجي ودخلنا دورة لمدة 6 أشهر ضمن برنامج مكثف لنصبح بعدها أدلاء سياحيين".

أم نادر، تقول "من هنا بدأ مشوار التحدي، لأن أتحدى نفسي وأثبت أنني قادرة أمام أبنائي ومجتمعي على العمل دليلة سياحية وأنها من السيدات القلائل على مستوى الأردن في ذلك الحين (عام 1996)، التي يعملن في هذا المجال والأولى على مستوى محافظة جرش".

تشير أم نادر، إلى أنها بدأت العمل دليلة سياحية محلية، والوحيدة بين مجموعة رجال بينهم زوجها، وأنها أول سيدة تعمل داخل الموقع الأثري وفي المحافظة، موضحة أن الكثير من التحديات والصعوبات واجهتها خلال عملها وحياتها.

في عام 2001، بدأت أم نادر العمل دليلة سياحية على مستوى الأردن، وليس فقط على المستوى المحلي في جرش، وترافق الوفود السياحية في جميع أنحاء المملكة ومعظم المواقع السياحية والأثرية.

أم نادر، تقول إن رئيس جمعية الأدلاء السياحيين الأسبق والراحل محمد النوافلة، دعمها لأنه كان يؤمن بدور المرأة وبعملها في مجالات عديدة، وخاصة هذا المجال.

وعن أولادها، تشير إلى أن ابنها نادر من المتفوقين في دراسته واختار دراسة الهندسة ثم غيّر تخصصه بعد عامين من التفوق، إلى تخصص الإرشاد السياحي، ويعمل حاليا في المهنة التي أخذها عن والديه.

وتعدّ أم نادر، مهنة الدليل السياحي، بأنها جعلتها سفيرة لبلدها من خلال نقل قيم البلد وعاداته وحضارته إلى السيّاح من كل بلاد العالم، وتترك انطباعا جميلا عن الأردن وتاريخه الحضاري وحاضره المضياف.

وتشير أم نادر، إلى أنها وخلال عملها، رافقت العديد من المسؤولين الذين زاروا الأردن من مختلف أنحاء العالم، تاركة انطباعا وصوره عن وسطية الأردن وحضارته، قائلة "إن الزوار تفاجأوا أيضا بعملها دليلة سياحية كونها سيدة محجّبة".

نالت أم نادر تكريما سياحيا من وزارة السياحة والآثار وجمعية الأدلاء السياحيين، إضافة إلى شهادة "الدليل المرموق" في عام 2013، كما تحتفظ برسائل التقدير التي تصلها من الزوار الذين ترافقهم في جولاتهم السياحية.

المملكة