وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي ليل الخميس – الجمعة، على خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هدفها "السيطرة" على مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر الذي يعاني أزمة إنسانية حادة ودمارا هائلا بعد 22 شهرا من الحرب.

وأفاد مكتب رئيس الوزراء بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي "يستعدّ للسيطرة على مدينة غزة مع توزيع مساعدات إنسانية على السكّان المدنيين خارج مناطق القتال".

وأضاف في بيان أنّ "مجلس الوزراء الأمني أقرّ، في تصويت بالأغلبية، خمسة مبادئ لإنهاء الحرب هي: نزع سلاح حماس، إعادة جميع الأسرى - أحياء وأمواتا، نزع سلاح قطاع غزة، السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة، إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية".

وأكّد أنّ "أغلبية ساحقة من وزراء الحكومة اعتبروا أنّ الخطة البديلة" التي عُرضت على الكابينت للنظر فيها "لن تهزم حماس ولن تعيد الأسرى"، من دون مزيد من التفاصيل.

وينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي حاليا عمليات برية في قرابة 75% من مساحة غزة، ويقود معظم عملياته من نقاط ثابتة في القطاع أو انطلاقا من مواقعه على امتداد الحدود، كما وينفذ قصفا جويا ومدفعيا متواصلا في مختلف أنحاء القطاع بشكل يومي.

وألحقت الحرب التي اندلعت في 7 تشرين الأول 2023، دمارا هائلا في مختلف أنحاء القطاع، ودفعت سكانه الذين يناهز عددهم 2,4 مليون شخص، إلى النزوح مرة واحدة على الأقل، بحسب الأمم المتحدة التي تحذّر في الآونة الأخيرة، كما العديد من المنظمات الإنسانية، من خطر المجاعة في القطاع.

وكانت إسرائيل احتلت قطاع غزة في العام 1967، وانسحبت منه في العام 2005 بشكل أحادي وفككت 21 مستوطنة كانت قد أقيمت على أراضيه.

"لن يكون نزهة"

وندد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد بالقرار، معتبرا أنه "كارثة ستجّر معها العديد من الكوارث".

وحذّر في منشور على منصة إكس من أن القرار سيؤدي إلى "مقتل المحتجزين والعديد من الجنود، ويكلّف دافعي الضرائب الإسرائيليين مليارات الدولارات، وإفلاس دبلوماسي".

وأتى القرار الإسرائيلي بعد ساعات من تأكيد نتنياهو عزمه السيطرة على القطاع من دون "حكمه".

وقال رئيس الوزراء لشبكة فوكس نيوز الأميركية ردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل تنوي السيطرة على كامل القطاع "نعتزم ذلك"، مضيفا "لا نريد الاحتفاظ (بغزة). نريد إقامة منطقة أمنية لكننا لا نريد حكمها".

ورأت حماس أنّ ما طرحه نتنياهو "من مخططات لتوسيع العدوان على غزة يؤكّد أنه يسعى فعليا للتخلّص من أسراه والتضحية بهم، من أجل مصالحه الشخصية وأجنداته الأيديولوجية المتطرّفة".

واعتبرت أن "هذه التصريحات تمثّل انقلابا صريحا على مسار المفاوضات" مشددة على أن "أي توسيع للعدوان على شعبنا لن يكون نزهة، بل سيكون ثمنه باهظا ومكلفا على الاحتلال وجيشه".

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت في الأيام الماضية عن مسؤولين مقربين من رئيس الوزراء، عزمه على توسيع نطاق العملية العسكرية لتشمل مناطق مكتظة يُعتقد بوجود محتجزين فيها مثل مدينة غزة ومخيمات اللاجئين في المناطق الوسطى، في عملية ستستغرق أشهرا وستتطلب استدعاء قوات احتياط.

وأشارت التقارير إلى أن احتلال كامل مساحة القطاع كان يلقى رفض رئيس أركان الجيش إيال زامير الذي قال إن ذلك هو كمن "يسير بقدميه نحو فخ"، وعرض في اجتماع حضره نتنياهو خيارات أخرى.

لكن وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس أكد أن الجيش ملزم بتنفيذ أي قرارات تتخذها الحكومة في ما يتعلق بقطاع غزة.

"كارثة إنسانية أكبر"

وتواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطا متزايدة لإنهاء الحرب مع تزايد القلق دوليا من الأزمة الإنسانية الحادة في القطاع، والغضب في أوساط الإسرائيليين بشأن مصير المحتجزين المتبقين.

وأبحرت الخميس قوارب تقل عائلات محتجزين قبالة غزة للمطالبة بالإفراج عنهم.

أما أهالي غزة، فعبّروا عن مخاوفهم من الحديث عن توسيع إسرائيل لعمليتها.

وناشدت النازحة أمل حمادة العالم التحرك "قبل أن نُمحى عن الوجود". وقالت الشابة البالغة 20 عاما الخميس "إذا بدأت عملية برية جديدة فستكون كارثة إنسانية أكبر".

وأكدت حمادة، وهي نازحة من مدينة غزة دير البلح (وسط) "لم تعد لدينا طاقة للهروب أو النزوح أو حتى الصراخ".

وفي غضون ذلك، يتواصل قصف الاحتلال الإسرائيلي موقعا عشرات الشهداء.

وارتفعت حدة الانتقادات الدولية لإسرائيل في الأسابيع الأخيرة نتيجة تواصل معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، بعد تحذيرات الأمم المتحدة من مجاعة بدأت تتكشف في القطاع.

99 وفاة بسبب سوء التغذية

وأعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن 99 شخصا توفوا بسبب سوء التغذية في قطاع غزة منذ بداية العام بينهم 29 طفلا دون الخامسة.

ورجح المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس "أن تكون هذه الأرقام أقل من العدد الفعلي".

وأطبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 2 آذار الماضي حصارها المفروض على القطاع، ومنعت دخول أي مساعدات أو سلع تجارية، ما تسبب بأزمة إنسانية.

وفي أواخر أيار عادت وسمحت بدخول كميات محدودة من الطعام تولت توزيعها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، وترفض وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى التعامل معها.

ثم سمحت قبل أسبوع بدخول شاحنات يقل عددها كثيرا عن الاحتياجات اليومية المقدرة بقرابة 600 شاحنة.

أ ف ب + المملكة