افتتح وزير التربية والتعليم رئيس اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم عزمي محافظة، الاثنين، حفل انطلاق مشروع النموذج العربي للجودة والتميز في التعليم في الأردن.

وبين محافظة في كلمته خلال الحفل الذي نظمه مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم، بالتعاون مع اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم إن انعقاد اللقاء في الأردن هو رسالة واضحة على أن الوطن العربي يمتلك الإرادة والقدرة على صياغة مبادرات كبرى تتجاوز حدود الأقطار لتخاطب مصلحة الأمة كلها.

وأضاف، "لا ننظر لمشروع النموذج العربي كمبادرة محلية أو وطنية، بل باعتباره إطارًا استراتيجيًا شاملاً يعكس طموحات الدول العربية في بناء منظومات تعليمية حديثة وفاعلة، وهو مشروع يستند إلى قيمنا المشتركة، ويستحضر هويتنا العربية الجامعة، ويترجم التزامنا الجماعي بضرورة الاستثمار في التعليم باعتباره المدخل الأساس لتحقيق التنمية المستدامة والنهضة الشاملة، مبينًا أن ما يميز هذا المشروع أنه لا يقتصر على صياغة رؤية نظرية، بل يسعى إلى تحويل الأفكار إلى سياسات عملية وممارسات واقعية، من خلال برامج تدريبية نوعية تركز على بناء قدرات القيادات التعليمية وصنّاع القرار وخبراء التعليم".

وأشار محافظة إلى أن "عالمنا يواجه اليوم تحولات عميقة فرضتها الثورة الرقمية والتطورات التكنولوجية المتسارعة، إلى جانب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتزايدة، مبينًا أن هذه التحولات تمثل تحديات كبرى لجميع الدول، لكنها في الوقت نفسه تفتح أمامنا آفاقًا واسعة إذا ما أحسنًا الاستعداد لها بالتعليم النوعي والمهارات العصرية، حيث تبرز هنا أهمية مشروع النموذج العربي الذي يهدف إلى إعداد جيل عربي واثق بهويته، متمكن من لغته، ومجهز بالمعرفة والقدرات التي تمكنه من المنافسة والإبداع والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل وطنه وأمته".

وأضاف أن المشروع يأتي منسجمًا مع رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، والتي وضعت التعليم والتدريب وتنمية القدرات البشرية في صميم النموذج التنموي الجديد، مبينًا أن الرؤية الملكية السامية تنطلق من قناعة راسخة بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية لأي بلد، وأن الاستثمار في الشباب وتمكينهم بالعلم والمعرفة هو الطريق الأضمن لتعزيز التنافسية الوطنية والإقليمية، وتوسيع فرص النمو، وبناء اقتصاديات قوية قادرة على مواجهة التحديات، ومؤكدًا أن ما نطرحه اليوم في إطار مشروع النموذج العربي لا ينفصل عن هذه الرؤية، بل يتكامل معها، ويعزز البعد العربي المشترك في مسيرة الإصلاح والتحديث.

وأكد أن انطلاقة مشروع النموذج العربي اليوم تحمل أبعادًا استراتيجية مهمة؛ فهي من جهة تشكّل منصة لتبادل الخبرات بين القيادات التعليمية من مختلف الدول العربية، ومن جهة أخرى تؤسس لشبكة من الكفاءات القادرة على قيادة التغيير في نظمنا التعليمية.

وفي ختام كلمته، أعرب محافظة عن تقديره لكل من ساهم في الإعداد لهذا اللقاء وفي بلورة مشروع النموذج العربي، وشكره للشركاء في المنظمات الدولية والعربية، وجميع المشاركين من خبراء وتربويين وقيادات تعليمية، مؤكدًا أن الانطلاقة اليوم تشكل بداية لمسار طويل يتطلب منا المثابرة والالتزام والعمل بروح الفريق الواحد، حتى نرى مشروع النموذج العربي وقد أصبح واقعًا حيًا ينعكس أثره في مدارسنا وجامعاتنا ومجتمعاتنا.

من جانبه، بين المدير العام لمركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم عبد الرحمن المديرس، أن النموذج العربي للجودة والتميز في التعليم يمثل ثمرة تعاون علمي وتربوي نوعي، يهدف إلى تمكين الدول العربية من بناء نظم تعليمية أكثر جاهزية واستجابة لتحديات المستقبل.

وأشاد بالشراكة ما بين المركز، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، ووزارة التربية والتعليم، والجهود التنسيقية الكبيرة التي بذلتها اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم، معربًا عن تطلعاته بأن يكون هذا النموذج منطلقًا لتحولات تعليمية نوعية تُسهم في جودة وتميز التعليم في المنطقة العربية.

وأعرب في ختام كلمته عن شكره للحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم واللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم على الجهود الكبيرة في التنظيم والتنسيق، وعلى ما قدمته من دعم حقيقي لإنجاح هذا الحدث الذي نعتز بانطلاقه من المملكة الأردنية الهاشمية.

بدوره، بين مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) محمد ولد أعمر، في كلمة مسجلة، أن هذا النموذج يشكل أداة مرنة وعملية لتدقيق جودة الأداء التعليمي، ويعكس التزامنا المشترك بتطوير التعليم العربي وفق أعلى المعايير العالمية.

من جانبه، بين أمين سر اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم سلطان الخليف، أن إطلاق هذا النموذج العربي للجودة والتميز في التعليم يشكل خطوة رائدة نحو بناء بيئة تعليمية محفزة، تضع الطالب والمعلم والمؤسسات التعليمية في قلب عملية التطوير، وتعزز التنافس الإيجابي، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين الدول العربية.

وأضاف أن هذا الاطلاق يشكل محطة مهمة لترسيخ رؤية عربية موحدة تواكب تطلعات المجتمع وتنهض بقدرات الأجيال، مشيرًا إلى جهود اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع شركائها في اليونسكو والإلكسو والإيسيسكو والمراكز الإقليمية التابعة لها حيث أولت أهمية خاصة لتبني مبادرات ترتقي بالأنظمة التعليمية وتضع الجودة والابتكار في صميم العمل التربوي.

وتضمنت فعاليات حفل الانطلاق، عرض تعريفي للنموذج العربية للجودة والتميز في التعليم، قدمته مساعدة مدير عام مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم أمين اللجنة الإشرافية العليا للنموذج فاطمة إبراهيم رويس، إضافة إلى عرض مرئي لإطلاق النموذج العربي.

ويُعد النموذج العربي للجودة والتميز في التعليم من أبرز المشاريع الاستراتيجية المستدامة التي أقرها مؤتمر وزراء التربية والتعليم العرب الرابع عشر، المنعقد في الدوحة في يناير 2025، حيث تم اعتماده رسميًا ودعوة الدول العربية لتطبيقه ورفعه إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للترحيب به.

ويهدف النموذج إلى تعزيز تنافسية مخرجات التعليم العربي عالميًا، ودعم تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030، وتطوير معايير عربية للجودة في التعليم تستند إلى أفضل الممارسات الدولية، إضافة إلى تمكين الدول من تشخيص واقعها التعليمي واتخاذ إجراءات تحسين فعالة.

وسيصاحب إطلاق النموذج في الأردن؛ تنفيذ سلسلة من البرامج التدريبية لبناء القدرات والتي تستهدف تأهيل القيادات التعليمية، واللجان الإشرافية، والمقيمين، وسفراء التميز، بهدف تعريفهم بمنهجيات النموذج ومعاييره ومؤشراته وأدواته القياسية، بما يضمن جاهزية عالية لتطبيقه وفق خصوصية السياق الوطني الأردني.

المملكة