شدد الاتحاد الأوروبي الخميس على أن إشراكه وكييف ضروري لإنجاح أي خطة للسلام مع روسيا، وذلك غداة كشف أوكرانيا تلقيها مقترحا أميركيا جديدا لإنهاء الحرب يلزمها بالتنازل عن أراض.
وفيما ارتفعت حصيلة الضربات الروسية على غرب أوكرانيا إلى 26 قتيلا وأكثر من 90 جريحا. سلّمت موسكو كييف الخميس جثامين ألف شخص، مشيرة إلى أنها عائدة لجنود أوكرانيين قُتلوا في المعارك.
وسبقَ هذه التطورات الميدانية اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ورأت مسؤولة السياسة الخارجية في التكتل كايا كالاس قبله أن تحقيق السلام في أوكرانيا غير ممكن إلا بمشاركة الأوروبيين والأوكرانيين.
و قالت ردا على سؤال عن خطة السلام الأميركية التي تدعو كييف إلى القبول بالتنازل عن أراض تحتلها روسيا وخفض عديد جيشها إلى النصف: "لكي تنجح أي خطة، يجب إشراك الأوكرانيين والأوروبيين، وهذا واضح جدا".
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لدى وصوله لحضور الاجتماع أن "السلام لا يمكن أن يعني الاستسلام". وشدد على أن "الأوكرانيين سيرفضون دائما أي شكل من أشكال الاستسلام"، مؤكدا حرص الأوروبيين على مبدأ السلام "العادل" و"الدائم".
وأضاف "نريد سلاما دائما يقترن بالضمانات اللازمة لمنع أي عدوان إضافي من جانب روسيا بقيادة فلاديمير بوتين".
أما نظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي فاعتبر أن الأولوية تتمثل في الحد من قدرة روسيا على إلحاق الضرر.
وقال في بروكسل أيضا: "آمل ألا تُفرض قيود على قدرة الضحية على الدفاع عن نفسها، بل على المعتدي الذي ينبغي الحد من قدراته العدوانية".
وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول أن "كل المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار، وكذلك أي تطورات سلمية أخرى في أوكرانيا، لا يمكن مناقشتها والتفاوض عليها إلا مع أوكرانيا، ويجب إشراك أوروبا".
ورأى مسؤول أوكراني كبير طلب عدم نشر عدم اسمه في تصريح لوكالة فرانس برس أن الخطة الأميركية الجديدة تلحظ الشروط التي سبق أن طرحتها روسيا، وهي مطالب اعتبرتها السلطات الأوكرانية بمثابة استسلام.
وأوضح مصدر آخر أن مسودة الاقتراح تنص على "الاعتراف بشبه جزيرة القرم ومناطق أخرى سيطرت عليها روسيا" و"خفض عديد الجيش إلى 400 ألف جندي".
وأُبلغت السلطات الأوكرانية بهذه الخطة الأميركية، لكنها لم تكن تعلم ما إذا كانت مدعومة من الرئيس دونالد ترامب أم أنها صادرة عن القريبين منه.
وأشار مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي طلب عدم الإفصاح عن هويته، إلى أن هذه الخطة تستعيد خصوصا السردية الروسية. ورأى أن موسكو تحاول صرف الانتباه في وقت بدأت العقوبات وخصوصا الأميركية على صادراتها النفطية تُؤتي ثمارها.
- ألف جثمان-
وجاء الحديث عن المقترح الأميركي الجديد، بعيد لقاء بين زيلينسكي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، حيث أعرب الرئيس الأوكراني عن أمله باستئناف عمليات تبادل السجناء مع روسيا "بحلول نهاية العام".
وقال مسؤول أوكراني لوكالة فرانس برس إن الاجتماع الذي عُقد بدون حضور روسي يهدف إلى "إعادة إشراك" الولايات المتحدة في عملية السلام المتعثرة، رغم أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لم يكن حاضرا، في ظل مواصلة روسيا ضرباتها على المدن الأوكرانية والبنية التحتية للطاقة.
وفي انتظار ما ستؤول إليه الجهود والخطط لتحقيق السلام، ما تزال عمليات تبادل جثامين الجنود وأسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا النتيجة الوحيدة للمفاوضات التي جرت بين الطرفين منذ بدء الغزو الروسي في شباط/ فبراير 2022.
وجاء في منشور لمركز أسرى الحرب التابع للحكومة الأوكرانية عبر تطبيق تلغرام "جرت اليوم إجراءات الإعادة إلى الوطن. أُعيد إلى أوكرانيا ألف جثمان، قال الجانب الروسي إنها لجنود أوكرانيين".
وتعود آخر عملية تسلم جثامين إلى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، وشملت ألف جثمان أيضا.
وبذلك تكون أوكرانيا تسلمت من روسيا أكثر من 15 ألف جثمان منذ مطلع العام. في المقابل، أعادت أوكرانيا إلى روسيا مئات الجثامين خلال الفترة ذاتها.
-26 قتيلا-
في غضون ذلك، شهدت أوكرانيا خلال الليل واحدة من أعنف الهجمات هذا العام استهدفت بشكل خاص مناطق في غرب البلاد عادة ما تكون بمنأى نسبيا عن جبهات القتال، وهي لفيف وإيفانو فرانكيفسك وتيرنوبل.
في تيرنوبل، قُتل ما لا يقل عن 26 شخصا بينهم ثلاثة أطفال، وجُرح 92 آخرون، وفق حصيلة جديدة لعمال الإنقاذ. ويستمر البحث عن ناجين محاصرين تحت أنقاض المباني.
وقال الجيش الأوكراني إن روسيا ضربت المدينة بعشرة صواريخ كروز، مشيرا إلى أن نحو 476 طائرة روسية مُسيّرة و48 صاروخا استهدفت البلاد خلال الليل، أُسقط منها 442 و41 على التوالي.
وأفادت وزارة الداخلية بأن القصف "ألحق أضرارا بالمباني السكنية والمنشآت الصناعية والمستودعات"، ما تسبب في "حرائق واسعة النطاق".
وأكد زيلينسكي أن هذه الضربات تُظهر أن "الضغط على روسيا لم يكن كافيا". وقال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا ساخرا "هكذا تبدو +خطط السلام+ الروسية في الواقع".
من جهته، أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الأربعاء عن "صدمته" إزاء الغارة الجوية الروسية على ترنوبيل.
وأدان المستشار الألماني فريدريش ميرتس "التكثيف الهائل" للضربات الروسية. وقال في مؤتمر صحفي "لا علاقة لهذا بأهداف عسكرية. إنها حرب إرهاب بحتة ضد السكان المدنيين الأوكرانيين".
أ ف ب
