مع حلول وقت الظهيرة في منطقة محاجر الجير والطوب الأبيض في محافظة المنيا في صعيد مصر، ينهي عمّال الدوام الصباحي ورديتهم ويجلسون جميعا لتناول الغداء بانتظار دفعة بعد الظهر.
فمنذ الخامسة صباحا يتجه عبيد أبو ابرام (34 عاما) بصحبة 16 عاملا إلى المحجر الخاص للقيام بعمله الذي بدأه في سن الرابعة عشرة وورثه عن أبيه وشقيقه.
يدير العمال معدات تقطيع الحجارة وتقسيمها، غير مبالين بحجم الأخطار الناتجة عن مهنتهم، والتي قد تصل إلى الوفاة.
بتركيز شديد، يقوم العمّال وقد غطّوا أجسادهم ووجوههم بالكامل، بنحت أشكال الحجارة من التكتل الجبلي بعد تفجير الجبال بالديناميت ثم يستخدمون آلات التقطيع الحادة، فينتشر الغبار الأبيض الناتج عن التكسير إلى حد لا يرى فيه العمّال بعضهم البعض.
وبعد انتهاء الدوام في وسط المحجر، يجلس أبو ابرام مسؤول دوام الصباح مع عماله فوق بطانية بُسطت على أرضية غرفة مبنية من الطوب الأبيض وسقيفة من سعف النخل، يمضون بها فترات راحتهم، وراحوا يأكلون البيض والجبن والخبز.
ويقول أبو إبرام لفرانس برس "إصابات العمل هنا قاسية ... إما الموت أو الإصابات المستدامة".
ويضيف "كانت المعدات في السابق مغطاة وآمنة، ولكن مع الوقت فقدت غطاءها وباتت تشكل خطرا على من لا يحتاط".
ويدخل الطوب الأبيض في صناعات عديدة مثل الزجاج والورق والأسمنت.
وخلال الأعوام القليلة الماضية، أغلقت الحكومة المصرية عددا من المحاجر التي تعمل من دون تراخيص لوقف التعدي على مصادر البلاد الطبيعية، الأمر الذي اثّر على رزق مئات العمّال.
ويؤكد أبو إبرام أنه تم إغلاق "قرابة 400 محجر بمنطقة شرق النيل ويعمل حاليا بين 350 و 400 محجر آخر".
ويتقاضى العامل يوميا نحو مئة جنيه (6.2 دولارات). ويرغب أبو إبرام بكسب مزيد من المال لكن لا خيارات أخرى له على ما يؤكد.
"أنا أعمل هنا منذ 20 عاما، وقد خلفت أبي وأخي وليس لي مجال آخر. ولا أحب الشكوى كثيرا".
أ ف ب