اضطر المزارع بشير النعيمات إلى دفع كلف إضافية لحماية محصوله من الخضراوات من الحشرات بسبب شح مياه الري في أجواء منطقة غور الأردن الحارة التي تلامس درجات حرارتها في الصيف 50 درجة مئوية.

"مع ارتفاع الحرارة وقلة مياه الري تتعرض الخضراوات مثل البندورة إلى أضرار بسبب الحشرات. إضافة إلى ذلك، يتكبد المزارع كلفة عالية لرش المزروعات بالمبيدات الحشرية، فقد تتراوح كلفة رش بيتين بلاستيكيين من (60-20) دينارا"، يقول النعيمات لموقع قناة المملكة الإلكتروني.

ويضيف المزارع أن قلة الأمطار قد تقلل المساحات المزروعة في هذا الصيف.

"مزروعات وادي الأردن الصيفية مثل الملوخية والبامية والذرة تحتاج إلى كميات وفيرة من المياه، وفي حال قلّت كمية المياه الواردة لسقاية المزارع قد يضطر من يزرع 30 دونماً من البامية على سبيل المثال إلى تخفيض المساحة المزروعة للنصف"، وفقاً للنعيمات.

وتقدر كمية المياه التي تزودها الحكومة للمزارعين بحوالي 530 مليون متر مكعب (م3) سنوياً من جميع المصادر المائية "السطحية والجوفية والمعالجة"، حسب وزارة المياه والري.

وتعطي الوزارة أولوية التزويد لمياه الشرب، كما يقول أمين عام الوزارة علي صبح، الذي يضيف أن الوزارة تسعى إلى الاستمرار في ضخ 460-470 مليون م3 سنوياً للمنازل، مقابل تقليل كمية المياه المخصصة للزراعة والصناعة.

يعني ذلك لجوء الوزارة إلى تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي للأغراض الزراعية، لكن الوزارة لم تتخذ قراراً بعد بشأن كميات المياه التي ستزود للقطاع الزراعي بها.

وبحسب وزارة المياه والري فإن هناك 33 محطة تنقية لعلاج الصرف الصحي.

 

الأردن من أقل الدول التي تستخدم المياه للزراعة، رغم أن الكمية المخصصة سنوياً للقطاع تعادل نحو نصف الاستخدامات الأخرى المقدرة في الموازنة المائية وزير الزراعة خالد حنيفات

ويشرح وزير الزراعة خالد حنيفات أن 150 مليون متر مكعب من المياه "مدورة وتستعمل للزراعات المقيدة، كما يستخدم 150 مليون متر مكعب من المياه السطحية والحصاد المائي، و230 مليون متر مكعب من المياه الجوفية".

والزراعات المقيدة هي المزروعات التي لا تستهلك طازجة مثل الأشجار الحرجية ونباتات الزينة والأعلاف.

لكن حنيفات يشدد على أن العائد الزراعي، رغم التحديات التي تواجهه، "يعد من أعلى العوائد عالمياً مقارنة بكمية المياه المتوفرة له، إذ يصل إلى نحو 4 مليون طن من الخضار والفواكه واللحوم".

"قلة الأمطار تؤثر سلباً على البقوليات مثل القمح والشعير والعدس والحمص مما يؤدي إلى رفع ثمن كلف العلف، على سبيل المثال لنقص المراعي،" وفق حنيفات.

مجلس الوزراء قرر مؤخرا إعادة دعم القمح والشعير الذي تشتريه الحكومة من المزارعين بزيادة 50 ديناراً لكل طن.

كما تقدم الوزارة قروضاً من دون فوائد لتشجيع الزراعة في البيوت البلاستيكية، واستخدام أساليب الري الحديثة مثل الري بالتنقيط، والري بالحقن، وفق حنيفات.

توفر أساليب الزراعة الحديثة 40%-60% من كميات المياه المستخدمة في ري المزروعات. وزارة الزراعة

ويرى نقيب المهندسين الزراعيين السابق، محمود أبو غنيمة، أن الحل يكمن في استخدام أنظمة الري الحديثة وإعادة تدوير المياه المستعملة في الزراعة.

ويقول: "رغم قلة مياه الأمطار، لم يصل الوضع الزراعي في الأردن إلى مرحلة أن يكون أو لا يكون بفضل أنظمة الري الحديثة التي تساهم في تقليل الكميات المستخدمة لري المزروعات".

ويتأثر الوضع الزراعي في الأردن "بظروف المنطقة المحيطة التي أدت إلى إيقاف الأسواق التصديرية للمناطق الملتهبة وتكديس المنتجات المحلية في الأردن"، وفق أبو غنيمة.

الضخ يزداد سنوياً بنسبة 4%-5% نتيجة الانتشار السكاني والعمراني أمين عام وزارة المياه للتوعية المائية، عدنان الزعبي

الأرقام الحكومية تشير إلى أن المساحات المزروعة بالمحاصيل الحقلية والحبوب والخضراوات والأشجار المثمرة والزيتون بلغت 2.745 مليون دونم، ما يشكل نحو 3% من مساحة الأردن الكلية البالغة 89 مليون دونم.

تلك التحديات مجتمعة، وفق النعيمات، تجبر مزارعين على ترك مهنة الزراعة "بسبب الخسائر التي يتعرضون لها نتيجة إغلاق الحدود السورية وعدم وجود بدائل للتصدير".

وفي اجتماع عقد مؤخرا بين ممثلين عن المزراعين وأمين عام سلطة وادي الأردن، قال رئيس اتحاد المزارعين عدنان خدام "إن السلطة وافقت على ضخ مزيد من المياه خلال شهر أغسطس من أجل الحمضيات".

ويوضح: "هناك طلب على المياه في شمال وادي الأردن حيث تزرع الحمضيات صيفاً".

ويعتبر خدام أن "الموسم المطري الماضي كان الأسوأ على وادي الأردن، لافتاً إلى أن المساحات المزروعة في الوادي قد تنقص في الموسم المقبل إلى 70%."

"لا يمكن التخلي عن أشجار الحمضيات المزروعة بسهولة"، يوضح أمين عام سلطة وادي الأردن، علي الكوز، الذي أشار إلى أن "أشجار الحمضيات تحتاج بعد زراعتها بين موسمين إلى 4 مواسم حتى تثمر".

ويضيف الكوز أن "الوضع المائي غير مريح نوعاً ما في الأغوار الشمالية لأن المحاصيل الزراعية فيها عبارة عن حمضيات ولا يمكن السماح بأن تعطش".

الاعتداءات غير المشروعة على قناة الملك عبد الله تؤدي إلى توزيع غير عادل للمياه، الأمر الذي نسعى للحد منه أمين عام سلطة وادي الأردن، علي الكوز

"سلطة وادي الأردن ملتزمة بتزويد المزارعين بالكميات المائية التي تحتاجها مزروعاتهم، ولدى السلطة بدائل تدرسها لوضع خطة عبور ناجحة للموسم الزراعي الحالي"، حسب الكوز.

ولم تتخذ سلطة وادي الأردن قراراً بمنع زراعة أي نوع من المزروعات، لافتة إلى "أنها لن تسمح بعطش المزروعات"، حسب الكوز.

وتسعى سلطة وادي الأردن "للحد من الاعتداءات على قناة الملك عبد الله التي تؤدي إلى استخدام غير مشروع لنحو 30 ألف متر مكعب يومياً، مقابل حوالي 250 ألف متر مكعب يتم إسالتها في القناة بصورة يومية.

المملكة