توجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء، إلى مدينة كينوشا في ولاية ويسكونسن، وهي محل جدل وطني عاصف حول العنصرية والأمن العام، رغم معارضة قادة محليين لزيارته، واتهام خصمه الديمقراطي جو بايدن له بـ"تأجيج" الاضطرابات العرقية والاجتماعية.

وتأتي زيارة ترامب للولاية المحورية في حملته للانتخابات المقررة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر بعد ساعات من مقتل رجل من ذوي البشرة السوداء على يد الشرطة في لوس أنجلوس.

ويأمل ترامب منذ أشهر بتحويل الانتخابات من حكم على سوء إدارته لأزمة كورونا لما يعتبره خطاباً سياسياً حول شعار "القانون والنظام" الذي يتبناه.

وفي مدينة كينوشا (في شمال شرق البلاد) التي تشهد موجة احتجاجات جديدة ضد العنصرية وعنف الشرطة، بعد أن أطلق شرطي النار على جايكوب بليك 7 مرات من قرب في ظهره أمام أنظار أبنائه الصغار الثلاثة، وجد القيادي الجمهوري ضالته.

ولم يتم تحديد موعد للقاء بين ترامب وعائلة بليك، لكنّ الرئيس الجمهوري ألمح قبيل مغادرته واشنطن أن مقابلتهم ممكنة.

وقال "لا أعلم بعد سوف نرى".

عوضا عن ذلك، سيجتمع مع قوات إنفاذ القانون ويعاين الدمار الناجم عن الاحتجاجات بعد حادث إطلاق النار في 23 آب/أغسطس، مكرسا رسالته بأنّ المحتجين "بلطجية" ومجرمون في معظمهم، وأن الشرطة تحتاج دعما أكبر.

وقال خلال مؤتمر صحفي الاثنين "علينا أن نعيد الكرامة والاحترام إلى  شرطيينا. ... هناك أحيانا شرطيون سيئون (...) لكنهم أحيانا أخرى يتخذون قرارات سيئة فحسب" في تصريحات بدت وكأنها تخفف من خطورة تجاوزات الشرطة لا بل تبررها.

وتشكل كينوشا صورة مصغرة للتوترات العرقية والإيديولوجية في حقبة ترامب، بوقوع احتجاجات وأعمال شغب ووصول متطوعين مسلحين من البيض لحفظ النظام. وبلغت التوترات ذروتها بعد مقتل شخصين وجرح ثالث بإطلاق نار. واتُهم وفق التقارير شاب يبلغ 17 عاما يدعى كايلي ريتنهاوس بإطلاق النار بعد انضمامه إلى مجموعة مسلحين يريدون "حماية" المدينة. 

وأقامت الشرطة والحرس الوطني حواجز معدنية على طول طريق موكب ترامب المتوقع في كينوشا، حيث اصطفت الحشود على الأرصفة، مؤيدو ترامب من جهة، وأنصار حركة "حياة السود تهم" من جهة أخرى، وهم يتبادلون الهتافات المضادة عبر الطريق.

ويرى الديمقراطيون ودعاة إصلاح الشرطة في كينوشا رمزًا للعنصرية المؤسسية التي تؤدي إلى مواجهات قاتلة بين الضباط والمشتبه بهم السود.

ويعد الديمقراطيون أشخاصاً مثل ريتنهاوس، أحد مؤيدي ترامب، رمزاً للميليشيات اليمينية التي تزداد جرأة بشأن التلويح بالأسلحة خلال الفعاليات السياسية، ومحاولة العمل كجهات لإنفاذ القانون من الهواة.

ورغم هذا الوضع المتفجر على الأرض، أوضح ترامب أنه يأتي مع أولوية مختلفة: مواجهة ما وصفه مرارًا بـ "الفوضى" في المدن التي يقودها الديمقراطيون.

وقال ترامب الاثنين إنه سيذهب "لرؤية الأشخاص الذين قاموا بعمل جيد من أجلي"، في إشارة إلى وحدات إنفاذ القانون التي قمعت الاحتجاجات العنيفة.

والأكثر إثارة للجدل، هو أن ترامب رفض أيضًا إدانة الوجود المتزايد للحراس والميليشيات المسلحة في الشوارع، واصفًا عمليات القتل المزعومة مثل تلك التي اتهم ريتنهاوس بارتكابها بأنها "موقف مثير للاهتمام".

 تأجيج التوتر 

يتهم ترامب بايدن بالضعف في موجة الاحتجاجات العنيفة في مدن مثل كينوشا وبورتلاند، في محاولة لتصوير المرشح الديمقراطي على أنه غير قادر على السيطرة على الجناح اليساري للحزب.

وفي ظل اشتعال الأوضاع، يتقاذف جو بايدن ودونالد ترامب المسؤولية مع اقتراب الانتخابات في الثالث من تشرين الأول/نوفمبر.

وتعرض جميع الشبكات التلفزيونية الأميركية بشكل متواصل مشاهد الحراك التاريخي ضد العنصرية، وعنف الشرطة تجاه السود، الذي تتخلله أحيانا أعمال شغب، ومشاهد الفتى المسلح المناصر لترامب، والمتهم بقتل الشخصين في ويسكنسن، وصور قافلة من مئات السيارات تقل مؤيدين لترامب تعبر السبت في مدينة بورتلاند المعقل التقدمي حيث قتل أحد أنصار الرئيس بالرصاص.

وقال بايدن الاثنين خلال تجمع في بيتسبورغ في ولاية بنسيلفانيا الأساسية في الانتخابات إن ترامب "يعتقد ربما أن إطلاق كلمتي قانون ونظام يجعله قويا، لكن فشله في دعوة مناصريه إلى الكف عن التصرف كميليشيا مسلحة في البلاد يظهر لكم إلى أي حد هو ضعيف".

وتابع نائب الرئيس السابق في عهد باراك أوباما "النيران تشتعل، ولدينا رئيس يؤجج النيران عوضا عن التصدي لها".

واتهم بايدن ترامب بـ"حضور سام في بلادنا منذ أربعة أعوام"، متهما إياه بـ"تسميم قيم" الولايات المتحدة. 

وأكد "لا يستطيع وقف العنف؛ لأنه تسبب به طيلة أعوام".

وفيما تحدث بايدن مع أسرة بليك، قال ترامب، إن الأسرة طالبت بحضور محامٍ على الخط، وهو ما اعتبره تصرفا "غير مناسب".

واكتفى ترامب بالقول: "تحدثت إلى قس العائلة" ووصفه بأنه "رجل رائع".

ونفى والد جاكوب بليك كلام الرئيس مؤكدا لشبكة سي إن إن "ليس لدينا قسّ للعائلة، لا أدري من الذي تحدث إليه، وهذا لا يهمني".

وقال، إن عائلته تلقت تهديدات، واضطرت للانتقال إلى فندق آخر.

وقال محامي العائلة بن كرامب: "لا نريد أن يُعرف مكان سكنهم ... إنهم يتلقون اتصالات تهديد في غرفة الفندق، علينا أن نحميهم من ذلك؛ لأن هذا غير مقبول".

من جهته، طلب حاكم ولاية ويسكنسن توني إيفرز من ترامب عدم زيارة كينوشا، مشيرًا إلى مخاوفه أن تزيد الزيارة التوترات القائمة.

وقال عمدة كينوشا الديمقراطي جون أنتاراميان خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه ليس الوقت المناسب لزيارة المدينة.

وقال للإذاعة الوطنية "إن بي آر" إنّه "من الناحية الواقعية، من وجهة نظرنا، كنا نفضل ألا يأتي في هذا الوقت".

وردا على الذين يعتبرون أنه يصب الزيت على النار بزيارته، قال ترامب الاثنين، إنها "قد تثير أيضا الحماسة (...) والحب والاحترام لبلدنا".

إلى ذلك ذكر طبيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء، أن الرئيس لم يصب بجلطة، أو يعاني من مشكلات صحية خطرة أخرى وأنه لا يزال بصحة جيدة.

وقال الطبيب شون كونلي في بيان: "يمكنني أن أؤكد أن الرئيس ترامب لم يتعرض لجلطة كبرى أو بسيطة، أو لأي حالة طارئة حادة تتعلق بالقلب والأوعية الدموية، ولم يخضع لفحص لتحديد إصابته بذلك، مثلما ورد بشكل غير صحيح في وسائل الإعلام".

وأضاف كونلي "الرئيس لا يزال بصحة جيدة، وليس لدي أي مخاوف بشأن قدرته على الحفاظ على الجدول الزمني الصارم الذي ينتظره. ومثلما ورد في تقريري الأخير، أتوقع أن يظل لائقا لأداء مهام الرئاسة".

رويترز + اف ب