قال رئيس الوزراء بشر الخصاونة، الأربعاء، إن الحكومة لن تتنازل عن اختصاصات مجلس الوزراء، ولن يكون أحد أمامها، وسينتظم الكلّ خلفها في ممارسة اختصاصها، حسب الوارد في المادّة (45) من الدستور.

وأضاف خلال خطاب الرد على مناقشات الثقة في مجلس النواب، أنه عند الحديث عن اختصاصات مجلس الوزراء، وعن المادّة (45) من الدستور، التي تنيط بمجلس الوزراء إدارة جميع شؤون الدّولة الدّاخلية والخارجيةّ، باستثناء ما عُهِد أو يعهد به بموجب الدستور، أو أيّ قانون إلى شخص أو هيئة أخرى.

وأشار إلى أن الحكومة ستتحمّل وحدها، المسؤوليّة الدستوريّة المتلازمة مع السلطة المخوّلة لها بمقتضى هذه المادّة، ولن تجدونها يوماً تؤشّر إلى اليمين أو اليسار، أو الأعلى أو الأسفل، عندما تساءل عن تصدّيها لمسؤوليّاتها الدستوريّة.

وقال "لن نقبل الشراكة هنا في ممارسة الاختصاص وفقاً للدستور، ولن نرتضي لأنفسنا تمرير المسؤوليّة أو المساءلة لغيرنا".

وتنص المادة 45 من الدستور على "يتولى مجلس الوزراء مسؤولية ادارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد أو يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور، أو أي قانون إلى أي شخص أو هيئة أخرى، وتعين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء بأنظمة يضعها مجلس الوزراء ويصدق عليها الملك".

وذكر رئيس الوزراء "لم أجد في كلّ خطاباتكم أو مناقشاتكم ما نختلف عليه في حبّ الوطن، أو الحرص على مصلحة المواطنين، فجميعنا نتوافق على تشخيص المشكلات والتحدّيات، ونتحدّث بدافع الوطنيّة والإخلاص؛ لكنّ أدواتنا وأولويّاتنا قد تتباين، وهذا أمر صحّي وطبيعي؛ فالاختلاف والائتلاف سنّة كونيّة".

وتحدث الخصاونة عن مسوّدة البرنامج التنفيذي للحكومة، التي تترجم البيان الوزاري إلى إجراءات فعليّة وعمليّة محدّدة، في مراحلها النهائيّة، على توضع النسخة النهائيّة أمام المجلس خلال أيّام، إن حصلت الحكومة على الثقة.

وذكر أن نقاشات الثقة تؤسّس لانطلاقة مبشّرة وواعدة، نحو تجسير الفجوة في الثقة مع أبناء وبنات شعبنا العزيز.. الثقة التي ندرك يقيناً أنّها لا تستعاد بالأحاديث أو الخطابات،

"الحكومة استمعت بكلّ اهتمام وتقديرٍ واحترام، إلى نقاشات المجلس للبيان الوزاري، وهي نقاشات تنمّ عن إدراكٍ لمتطلّبات المرحلة، وصعوبتها، وما تحتاجه من جهد استثنائي، للوقوف على تطلّعات الأردنيين وآمالهم"، وفق الخصاونة.

وأوضح أن العلاقة بين الحكومة ومجلس النوّاب ليست علاقة منافسة، مضيفا "أقولها بملء الفم بأننا نسعى سعياً جادّاً وصادقاً وحثيثاً لأن تكون علاقة صحيّة متبادلة ومعزّزة وفقاً للدستور".

"حينما نقول شراكة حقيقيّة، فإنّنا لا نتجاوز سقف الدستور؛ بل نتحدّث عن مبدأ أصيل ... وهو مبدأ رديف ومطابق لمبدأ التعاون".

وقال "نحن شركاء في تعزيز مسيرة الوطن، ورفعته، وإعلاء شأنه دوماً، وصونه بالأرواح والمهج، وخدمة أهلنا الشرفاء في كلّ بقعة من بقاع وطننا الجميل والأصيل.. شركاء في الحفاظ عليه، وفي خدمته، وفي حماية المصلحة الوطنيّة العُليا، وبذل كلّ جهد وطني مخلص".

وأكد الخصاونة حرص الحكومة على مكانة مجلس النواب، وعلى ضرورة تعزيز مكانة مؤسّسات الدولة كافّة؛ مشيراً إلى سعي الحكومة لذلك بنفس المقدار والجهد الذي نسعى فيه لاستعادة الثقة بالحكومة.

"قضية معقدة"

وبدأت الحكومة بإعادة النظر في متطلبات الجامعات، ووضع الإطار العام لتطويرها وتضمينها بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل والمهارات المطلوبة، مثل الريادة والابتكار والتعليم التِقَني.

وقامت من خلال مجلس التعليم العالي بإعادة النظر بسياسات وأسس القبول الجامعي بحيث تأخذ بعين الاعتبار اهتمامات الطلبة ورغباتهم لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص.

وأكد الخصاونة التزام الحكومة بمبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، بلا استثناء، كما تؤكّد الحكومة استمرار دعمها لاستقلاليّة السلطة القضائيّة، وتوفير جميع المتطلّبات اللازمة لتفعيل العقوبات المجتمعيّة كبديل عن العقوبات السالبة للحرية.

وأعلن أن الحكومة ستعمل خلال أيام على إلغاء التعليمات المتعلقة بعدم تجديد جوازات سفر الأردنيين المقيمين في الخارج، سواءً المحكومين أو المطلوبين لقضايا ماليّة، مع التأكيد على أنّ هذا الإجراء ينسجم مع الحقوق الدستوريّة للمواطنين.

وبشأن حبس المدين أو المتعثّرين ماليّاً، قال إنها مسألة معقّدة، وتحتاج إلى معالجة حذرة، كونها تتعلّق بحقوق واجبة، وتشريعات نافذة؛ لكنّ ورغم ذلك، الحكومة ستعمل على مراجعة قانون التنفيذ، بالتشاور مع الجهات صاحبة الاختصاص، وبالتعاون مع مجلس النواب، بما يحفظ التوازن والحقوق بين الدائن والمدين.

"الإدارة المحلية"

وتحدث رئيس الوزراء عن حرص الحكومة على تعزيز نهج الإدارة المحليّة، ومعالجة ما شاب هذه التجربة من سلبيّات، ولتطوير الممارسات اللامركزيّة؛ ولذلك "قامت الحكومة بسحب مشروع قانون الإدارة المحليّة بهدف تعديله وتطويره بما يؤدّي إلى إشراك المواطنين في صنع القرار التنموي.

وكذلك تحقيق التنمية في المحافظات، وبما يضمن تطوير عمل البلديّات، ومجالس المحافظات، وسنحيل هذا المشروع إلى مجلسكم الموقّر، آملين أن تجروا عليه التعديلات التي تخدم أهدافنا الوطنيّة في هذا المجال.

وستعمل الحكومة على وضع مخطّط شمولي بالتعاون مع البلديّات والجهات المختصّة لحماية الملكيّات الزراعيّة.

وبشأن الإدارة العامّة الأردنيّة، وتطوير مؤسّساتها، وهيكلة قطاعاتها وترشيق أدائها، قال، إنه "التزام حكومي فعليّ لا شكلي، نصّ عليه كتاب التكليف السامي بكلّ وضوح.

وأضاف "سنرفع إلى السدّة الملكيّة خلال الأيّام المقبلة دراسة علميّة حول ذلك، مع التأكيد على أنّ هذه المسألة تشاركيّة مع مجلسكم الموقّر، الذي سنحيل إليه مشاريع القوانين التي تتطلّب التعديل للسير بإجراءات هذه العمليّة".

وفيما يتعلّق بترفيع بعض الوحدات الإداريّة قال رئيس الوزراء "ستقوم الحكومة بدراسة جميع هذه المطالب من جوانبها المختلفة، بما يحقّق المصلحة العامّة، ووفق الإمكانات المتاحة".

"مشروع استراتيجي"

وذكر رئيس الوزراء أن استثمار الخامات المعدنيّة في المشاريع التعدينيّة في المملكة يتمّ من خلال طرحها كفرص استثمارية لاهتمام القطاع الخاص، وقد تمّ خلال العام الماضي الإعلان الرسمي عن الفرص الاستثمارية للثروات المعدنيّة المتوافرة في الأردن.

"بعد أن قامت الحكومة بتحديث التشريعات الناظمة لقطاع التعدين والثروة المعدنية، لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، وتشمل هذه الفرص النحاس ورمال السيليكا التي تطرّق لها الأخوات والأخوة النواب".

وقال الخصاونة، إن التأمين الصحّي الشامل سيكون مشروعاً استراتيجيّاً لهذه الحكومة، وتعمل الحكومة على إطلاق نظام جديد للتأمين يتضمّن حزماً تأمينيّة محدّدة المنافع، بهدف إشراك الفئات غير المؤمّنة خلال العامين المقبلين، وبدأت الحكومة بالإجراءات التشريعيّة والإداريّة اللازمة لذلك.

وأضاف "سيتمّ إطلاع مجلس النواب والتعاون معه لإنجاز جميع متطلّبات هذا التأمين ضمن الإطار الزمني المشار إليه".

وبشأن قطاع الزراعة، قال رئيس الوزراء، إن القطاع الزراعي يتمتّع بمزايا وحوافز ضريبية، سواء أكانت ضمن الضرائب المباشرة أو غير المباشرة، وبدأت الحكومة بإعادة النظر في متطلبات الجامعات، ووضع الإطار العام لتطويرها وتضمينها بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل والمهارات المطلوبة، مثل الريادة والابتكار والتعليم التِقَني.

وتعمل الحكومية حاليّاً على تنفيذ مشروع "الخارطة الزراعيّة" التي سنستثمر من خلالها أجزاءً من أراضي الخزينة الصالحة للزراعة من أجل توسيع الرقعة الزراعيّة، وتشغيل الأيدي العاملة الأردنيّة، ودعم الأمن الغذائي، وستبذل الحكومة أقصى طاقاتها من أجل تنفيذ المشاريع الاستراتيجيّة اللازمة لتحقيق الأمن المائي، وتأمين مصادر جديدة للمياه، وتعزيز الحصاد المائي.

وذكر الخصاونة أن الحكومة تؤكّد حرصها على دعم قطاع الإنشاءات؛ نظراً لدوره المهمّ في تحريك الاقتصاد الوطني، وتشغيل الأيدي العاملة.

وقال، إن دعم القوّات المسلّحة الباسلة – الجيش العربي – ومنتسبي أجهزتنا الأمنيّة، والمتقاعدين العسكريين ثابت أصيل في برنامج الحكومة لا حياد عنه، ولا تلكّؤ فيه، وتلتزم الحكومة ألا تستدين فلساً واحداً لتمويل أيّ إنفاق جارٍ إضافي؛ لأنّ هذا جريمة بحقّ الوطن والمواطن، وأنّ أيّ استدانة إضافيّة من أيّ نمط، ستوجّه لمشاريع استثماريّة وإنتاجيّة، للإسهام في تعزيز الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، وتعزيز البيئة الاستثماريّة، وجذب الاستثمارات، وللإسهام بشكل جادّ في معالجة مشكلتيّ الفقر والبطالة.

وقال، إن الحكومة "تلتزم بأن تقرن القول الصادق بالعمل المخلص، وألا تكون حكومة مرتجفة أو مرجفة، وأن تلتزم دوماً بالصدق لأنّ الصدق منجاة. ولن تكون هذه الحكومة مسكونة بالشعبويّة بأيّ صورة كانت، ولن تسوّق الوهم لا على مجلس النواب، ولا على الأردنيين".

"بقعة سوداء"

ووعد الخصاونة بالعمل الجاد والنزيه قولاً وفعلاً وممارسة، وبالتعاون مع مجلس النواب، في تطوير مقاربات تعيدنا إلى المسارات المنتجة مرة أخرى، التي توفر معالجات جادة من شأنها أن ترمم وتصلح القطاع العام، وتعالج بعض أوجه الوهن التي نالت منه

ووعد بتصدي الحكومة لمظاهر الفساد بكلّ حزم وشفافيّة، مشدّداً في هذا الصدد بأنّ الخير والعفّة والطهر، ونظافة ذات اليد، تبقى هي القيم السائدة لدى كلّ الوطنيين، وفي المؤسّسات الأردنيّة، مشيراً إلى أن مظاهر الفساد هي بقعة سوداء صغيرة، في محيط واسع أبيض، جعل هذا الوطن دوماً أمثولة طيّبة، ومحطّاً للفخر والاعتزاز.

"سنعمل جميعاً، بإذن الله، على استئصال هذه البقعة السوداء (الفساد)، ويتعيّن علينا في ذات الوقت، ألا نقع في شرك إعطاء الانطباع الخاطئ في أنّ هذه البقعة السوداء الأصل، إنّما القاعدة الشاذّة، كما هي بالفعل".

وأضاف رئيس الوزراء "تعزيزاً لنهج مكافحة الفساد، أحالت الحكومة إلى مجلسكم الكريم مشروع قانون ديوان المحاسبة، ومشروع قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، لتعزيز استقلاليّة المؤسّستين ودورهما الرقابي، بالإضافة إلى مشروع قانون الكسب غير المشروع، الذي يمكّن من الرقابة على أيّ نموّ غير طبيعي في الثروة، لدى أيّ شخص (من أين لك هذا؟)، والتأكّد من أنّ مصادره مشروعة، وليس من المال العام؛ آملين من مجلسكم الكريم، سرعة بحث هذه القوانين وإقرارها".

وأكد التزام الحكومة بمبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، بلا استثناء، واستمرار دعمها لاستقلاليّة السلطة القضائيّة، وتوفير جميع المتطلّبات اللازمة لتفعيل العقوبات المجتمعيّة كبديل عن العقوبات السالبة للحرية.

لا ضرائب جديدة للعام الحالي

وتعمل الحكومة إلى جانب تحفيز النمو الاقتصادي، على محاربة التهرّب والتجنّب الضريبي والجمركي؛ علماً بأنّ الحكومة لم تفرض أيّ ضرائب أو رسوم جديدة، ولم ترفع أيّ ضرائب أو رسوم قائمة في مشروع موازنة 2021، إدراكاً من الحكومة لأهميّة الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، وفق الخصاونة.

وتعكف الحكومة على تطوير منظومة التشريعات لوقف هدر المال العام ومتابعة تحصيل الأموال العامّة الضريبيّة والجمركيّة، وتحسين مستوى الخدمات المقدّمة للمستثمرين والمواطنين، وإغلاق أيّ ثغرات أمام التجنّب والتهرّب الضريبي والجمركي.

وتحرص الحكومة على فتح أسواق تصديرية أمام المنتجات الأردنية، وعقد الاتفاقيات التجارية التي تمنح معاملة تفضيلية لهذه المنتجات في تلك الأسواق، مع الاستمرار في تطوير الصناعات الغذائيّة والدوائيّة، والحفاظ على المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسيّة، وضبط الأسعار، ومنع الاحتكار، وضمان توفير السلع للمواطنين بأسعار عادلة.

وقال رئيس الوزراء، إن قطاع السياحة يحظى بأولويّة لدى الحكومة؛ لمساعدته على التعافي من آثار جائحة كورونا، التي ألحقت به أضراراً كبيرة، بما يعيد لهذا القطاع حيويّته، وإلى حين الوصول إلى هذا الهدف تستمرّ الحكومة بدعم العاملين والمنشآت في هذا القطاع ضمن برامج الدعم والحماية المعلنة، ومن خلال صندوق المخاطر السياحيّة.

وفي مجال الطاقة، فإن الاستراتيجيّة الوطنيّة لقطاع الطاقة للأعوام 2020 – 2030، التي نعمل على تنفيذها، تهدف إلى خفض كلف الطاقة على القطاعات الإنتاجيّة، وزيادة حصة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكهربائية من (18%) حاليّاً إلى (31%) مع نهاية تنفيذ الاستراتيجيّة، بالتزامن مع التوسّع في عمليّات الاستكشاف للغاز الطبيعي في حقل الريشة، من خلال حفر المزيد من الآبار هذا العام والأعوام المقبلة، وبما يسهم في زيادة نسبة الغاز المحلي المستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية؛ علماً بأنّ الهدف الاستراتيجي يتمثّل بالوصول إلى ما نسبته (50%) على الأقل من الطّاقة الكهربائيّة المنتجة من مصادر محليّة عام 2030.

أما اتفاقيات شراء الطاقة، فقد توقفت الحكومة عن إعطاء أي موافقات لاتفاقيات شراء جديدة، أو التجديد لأي اتفاقيات قديمة، حتى نتمكن من استغلال كامل الطاقة الإنتاجيّة لمحطات التوليد القائمة حالياً. وكما تعلمون، أحالت الحكومة اتفاقيّة العطارات إلى التحكيم الدولي، ونتابعها بكلّ اهتمام.

وتلتزم الحكومة بالتعاون مع لجنة الطاقة النيابيّة، لبحث جميع القضايا المتعلّقة بالطاقة بما يخدم المصلحة الوطنيّة العليا في هذا القطاع الاستراتيجي، وفق الخصاونة.

أما بالنسبة للمطالبات بدعم أسعار الكهرباء للصناعة والزراعة، فمن المهم الإشارة إلى أن هذين القطاعين يحصلان على دعم يعتبر الأعلى بين جميع القطاعات، إذ يتم دعم أسعار الكهرباء للصناعات الصغيرة والمتوسطة بمقدار 80 مليون دينار سنوياً، كما يتم دعم القطاع الزراعي بمقدار 45 مليون دينار سنوياً، وذلك من خلال تعرفة تعتبر الأقل بين جميع القطاعات الإنتاجية.

وستستمر الحكومة بدعم القطاعات الإنتاجية، كما نسعى لتخفيض كلف توليد الكهرباء؛ لنتمكن من عكس أي انخفاض في الكلف على أسعار الكهرباء لهذه القطاعات من أجل زيادة تنافسيتها، وفق رئيس الوزراء.

المملكة