"الخصوصية، السرية، المجانية، واللاعقاب"، أربع كلمات لخص بهن رئيس مركز علاج المدمنين الرائد يزن البرماوي عمل المركز، خلال مقابلة صحفية موسعة مع "المملكة".

المركز، الذي بدأ عمله عام 1993 بسعة 17 سريرا يتوافر به الآن 170 سريرا موزعة على 6 أجنحة، وفي كل غرفة 4 أسرّة، يستقبل (المركز) متلقي العلاج (الذكور) على مدار الساعة، ومهمته "إنسانية" لكل المقيمين في الأردن وبلا مقابل، وفق البرماوي.

وأضاف "بالرغم من جائحة فيروس كورونا المستجد، التي عطلت عمل كثير من القطاعات، إلا أن المركز التابع لإدارة مكافحة المخدرات لم يتوقف عن العمل، وبقي يستقبل الحالات كما أنه لم تُسجل به إصابات بالفيروس حتى اللحظة".

"4 خيارات أمام متعاطي المخدرات فقط، إما العقوبة التي نص عليها القانون، أو العلاج بلا عقوبة، أو الجنون أو الوفاة" بحسب البرماوي.

وبحسب منشور توعوي صادر عن إدارة مكافحة المخدرات، فإن المخدرات تعرف على أنها "كل مادة خام، أو مستحضرة تحوي عناصر مهدئة، أو منبهة أو مهلوسة إذا ما استخدمت لغير الأغراض الطبية؛ فهي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وتؤدي إلى إحداث خلل كلي أو جزئي في وظائفه الحيوية، وتجعل المتعاطي يصاب بحالة من الوهم ومن الخيال بعيدا عن الواقع، وتؤدي إلى إصابته بالإدمان أو التعوّد".

فيما يعرف الإدمان بأنه: "تكرار تعاطي المادة المخدرة التي تصاحبها رغبة جامحة بالحصول على المادة، وميل مستمر لزيادة الجرعة، وعند الانقطاع المفاجئ يصاب المدمن بأعراض انسحابيه خطرة قد تؤدي إلى الوفاة".

البرماوي، قال، إن علاج الإدمان من المخدرات عبارة عن منظومة كاملة تراعي الجوانب الطبية والاجتماعية والنفسية والسلوكية لمتلقي العلاج، وصولا للشفاء التام.

ولفت النظر إلى أن المركز يستقبل المرضى على مدار الساعة بهدف استثمار فرصة العلاج لمن يرغب بأي وقت يريده.

"المركز خدمة إنسانية ومهمته كذلك ولا يستهدف الأردنيين فقط بل أبوابه مفتوحة لكافة المقيمين في الأردن مجانا"، وفق البرماوي.

وحول الإجراءات التي يجري العمل بها عند استقبال متلقي العلاج قال البرماوي إنه يجري تشخيص الحالة الصحية والنفسية لمتلقي العلاج من قبل كادر مختص وعندها توضع خطة علاج، قد تستمر لأسبوعين وتصل ببعض الأحيان لشهرين بحسب الحالة وطبيعة المادة المخدرة التي كان يأخذها متلقي العلاج، ويتبعها علاج لاحق.

"التعاطي له أعراض عديدة، والعلاج يجب أن يكون عن طريق المركز، وهناك شخص كان يعالج في المركز كاد أن يصل إلى درجة الجنون، وجرى علاجه وعاد الآن للعمل، وعقد قرانه، ويتابع علاجه اللاحق عبر إعطاء العينات الطبية، ويمارس حياته بشكل طبيعي"، وفق البرماوي.

وأكد البرماوي أن العلاج اللاحق يجري بما لا يعطل حياة متلقي العلاج، وبذات السرية والخصوصية السابقة.

(رئيس مركز علاج المدمنين الرائد يزن البرماوي خلال حديثه لـ"المملكة". صلاح ملكاوي/ المملكة)

كورونا والمركز

وفيما يتعلق بعمل المركز خلال فترة أزمة فيروس كورونا المستجد، قال البرماوي، إن المركز لم يتوقف عن تقديم الرعاية الصحية لمتلقي العلاج خلال الجائحة منذ شهر آذار/مارس 2020 وحتى اللحظة.

"لم تسجل إصابات بالفيروس في المركز سواء بين متلقي العلاج أو العاملين به" وفق البرماوي، الذي أكد الالتزام بإجراءات الوقاية الصحية عند التعامل مع متلقي العلاج.

وتابع: "خلال فترة الحظر الشامل في بداية انتشار فيروس كورونا قمنا بإحضار بعض متلقي العلاج بمركبات المركز، وأرسلنا البعض الآخر إلى بيوتهم بعد تلقي العلاج خلال فترة الحظر الشامل".

وحول العمل خلال فترة فيروس كورونا قال البرماوي، إن العمل لم يتوقف خلال كورونا وما زال المركز يستقبل الحالات.

وحول الحالات التي يستقبلها المركز، أوضح أن المركز يقتصر عمله على استقبال (الذكور) على مدار الساعة وبغض النظر عن جنسية الشخص أو طبيعة المواد المخدرة التي أدمن عليها طالب العلاج.

"هذا المركز فقط للذكور، أما بالنسبة للإناث، فيوجد لهن مركز تابع لوزارة الصحة في عمّان"، وفق البرماوي.

وأكد أن المركز يستقبل حالات مكررة بمعنى أنها تعالجت وخرجت، وثم عادت لتلقي لعلاج، مشددا أنه لا عقوبة حتى لو عاد الشخص للعلاج أكثر من مرة، طالما لم يجرِ ضبطه متعاطيا لمواد مخدرة.

بموجب المادة 9 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 2016: "لا تقام دعوى الحق العام على من يتعاطى المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، أو يدمن عليها إذا تقدم قبل أن يتم ضبطه من تلقاء نفسه، أو بوساطة أحد أقربائه إلى المراكز المتخصصة للمعالجة التابعة لأي جهة رسمية، أو إلى إدارة مكافحة المخدرات، أو أي مركز أمني طالباً معالجته".

وشدد البرماوي على أن توجيهات مدير الامن العام اللواء حسين الحواتمة واضحة بخصوص تعزيز العمل الانساني في المركز وتطوير عمله بشكل مستمر، موضحا أن المركز عليه اشراف شخصي من مدير إدارة مكافحة المخدرات العقيد حسان القضاة تنفيذا لتوجيهات مديرالأمن العام.

وأشار إلى أنه في حال طلب الشخص عدم استخدام اسمه الحقيقي يجري منحه اسما وهميا؛ احتراما لخصوصيته، لأنه جاء طالبا للعلاج، مؤكدا أنه لا تسجل أي قيود أمنية على متلقي العلاج.

"لا يمكننا ترك شخص تعالج ثم انتكس وعاد للإدمان، بل علينا متابعته والتواصل مع أهله ومعالجة سبب الانتكاسة ولذلك لدينا برنامج رعاية لاحقة لكل شخص يدخل إلى المركز وينهي فترة العلاج" بحسب البرماوي.

وقال خلال لقائه مع "المملكة" إن العلاج الذي يقدم في المركز ليس بديلا عن المواد المخدرة، وإنما علاج طبي لطرد السموم من الجسم يتبعه علاج نفسي وتوعوي من خلال الواعظ الديني.

"يوجد في المركز مصلى ومكتبة كبيرة وصالة طعام ومرافق لخدمة المدمنين ضمن البرامج العلاجية مثل الملعب والجيم وصالة للبلياردو وألعاب ذهنية مثل الشطرنج، ومركز للحرف اليدوية والصلصال وغير ذلك" وفق البرماوي.

(طاولة بلياردو مخصصة لمتلقي العلاج داخل مركز معالجة المدمنين. صلاح ملكاوي/ المملكة)

50 شخصا يتلقون العلاج الآن

وأكد البرماوي أن الحرف اليدوية مثل الصلصال أو الخياطة أو تعلم الحلاقة جميعها تهدف لتوفير مهنة بيد متلقي العلاج، إضافة إلى تحسين نفسية الشخص.

وحول عدد متلقي العلاج في المركز حاليا، قال، إنه يوجد نحو 50 شخصا منهم أردنيون وغير أردنيين يتلقون العلاج الآن.

وأضاف البرماوي، أن المدمن مريض يستوجب علاجه.

"ضرب أوكار تجار المخدرات أدى إلى تناقص هذه المواد القاتلة، إضافة إلى استمرار الحملات التوعوية على المستويات كافة" بحسب البرماوي.

ولفت النظر إلى أنه خلال فترة العلاج يسمح لمتلقي العلاج بالتواصل مع أهاليهم عبر هواتف مخصصة من المراكز لهم، دون السماح لمتلقي العلاج بحمل هواتف خلوية أو الوصول لشبكة الإنترنت؛ لأن المراقبة جزء من العلاج.

"ثمة برامج ثقافية ورياضية ودينية ورعاية لاحقة بعد خروج متلقي العلاج (...) نعوّل على دور الأسرة في نجاح العلاج" بحسب البرماوي.

ودعا الأهالي للحفاظ على أولادهم ومتابعتهم والتواصل معهم كأصدقاء والاستماع لهم بشكل مستمر، ومتابعة صداقاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية.

كما دعا الشباب للحذر؛ لأنه في المخدرات "لا فضول، ولا تجربة، ولا مجاملات أبدا".

المملكة