بدأ آلاف النازحين بالعودة إلى منازلهم في محافظة درعا إثر التوصل الى اتفاق برعاية روسية يوقف القتال ويتيح لدمشق استعادة المحافظة الجنوبية بكاملها، مهد الاحتجاجات التي اندلعت ضد الحكومة السورية في العام 2011 قبل تحولها نزاعاً دامياً، فيما انتشر الجيش السوري في معبر نصيب الحدودي مع الأردن.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية السورية، سانا، ان الجيش السوري سيطر على عدد من المخافر الحدودية في ريف درعا الجنوبي الشرقي وعثر "على عتاد وسلاح حربي ثقيل" إضافة إلى مستودعات ذخيرة متنوعة ومستشفى ميداني ومستودع أدوية وسجن".

وبدأ الجيش، وفقا لسانا، بتأمين الطريق الدولية من محافظة درعا وصولا إلى المعبر الحدودي مع الأردن، "بينما أغلق جميع المنافذ غير الشرعية وخطوط التهريب."

وإثر ضغط عسكري كبير ثم مفاوضات قادتها روسيا، توصلت قوات الحكومة والفصائل المعارضة في محافظة درعا الجمعة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يتضمن إجلاء المقاتلين والمدنيين الرافضين للتسوية إلى شمال غرب البلاد.

وحققت قوات الحكومة السورية بذلك انتصاراً جديداً على الفصائل المعارضة التي منيت بهزائم متتالية في البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية.

ودفعت العملية العسكرية لقوات الحكومة السورية بدعم روسي في درعا منذ 19 يونيو أكثر من 320 ألف مدني للنزوح من منازلهم، وفق الأمم المتحدة، وتوجه عدد كبير منهم إلى الحدود مع الأردن أو الى مخيمات موقتة في محافظة القنيطرة قرب هضبة الجولان المحتلة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس السبت "بدأ آلاف النازحين بالعودة منذ عصر الجمعة من المنطقة الحدودية مع الأردن إلى قرى وبلدات في ريف درعا الجنوبي الشرقي"، مستفيدين من الهدوء الذي فرضه وقف إطلاق النار.

وعاد، وفق عبد الرحمن، منذ عصر الجمعة وحتى عصر السبت "أكثر من 28 ألف نازح" إلى بلداتهم وقراهم، مشيراً إلى ان حركة العودة مستمرة باتجاه المناطق التي يشملها الاتفاق.

وبالإضافة إلى عملية إجلاء غير الراغبين بالتسوية التي لم يحدد موعدها حتى الآن، يتضمن الاتفاق وفق سانا عودة النازحين الى بلداتهم ومؤسسات الدولة الى ممارسة عملها.

وشاهد مراسل فرانس برس عشرات العائلات في سيارات وشاحنات وآليات زراعية يمرون من مدينة درعا في طريقهم إلى قراهم في ريف درعا الشرقي.

على متن احدى الشاحنات، تجمع نحو 13 طفلاً وامرأة وعلى متن أخرى جلس طفل بين حاجيات عائلته وإلى جانبه مواش.

3 مراحل

وخلال العامين الأخيرين، شهدت مناطق سورية عدة اتفاقات مماثلة، آخرها في الغوطة الشرقية قرب دمشق، وتم بموجبها اجلاء عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين الى شمال البلاد.

ويتضمن اتفاق درعا، وفق سانا، "استلام الدولة السورية كل نقاط المراقبة على طول الحدود السورية الأردنية".

وتزامناً مع جلسة التفاوض الأخيرة الجمعة، استكملت قوات الحكومة سيطرتها على كامل الشريط الحدودي مع الأردن واستعادت معبر نصيب الحدودي من سيطرة الفصائل عليه منذ أبريل 2015.

ومن المقرر أن يتم تنفيذ الاتفاق في درعا على ثلاث مراحل بدءاً من ريف المحافظة الشرقي إلى مدينة درعا وصولاً إلى ريفها الغربي، وفق ما قال حسين أبازيد مدير المكتب الاعلامي في "غرفة العمليات المركزية في الجنوب" التابعة للفصائل لفرانس برس.

وأوضح المسؤول أن "العمل بدأ في المرحلة الأولى مع دخول الجيش السوري الى معبر نصيب وبدء تسليم (الفصائل) الدبابات الى القوات الروسية"، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية ستتضمن إجلاء رافضي الاتفاق من دون أن يحدد موعد تنفيذها.

وشاهدت مراسلة فرانس برس عند معبر نصيب العلم السوري مرفوعاً، فضلاً عن انتشار لجنود سوريين وعناصر من الشرطة العسكرية الروسية.

الوجهة المقبلة: القنيطرة

وقال الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيك هاريس لفرانس برس "حصل الأسد على ما يريده من الاتفاق وهو السيطرة على المنطقة الحدودية بين سوريا والأردن في درعا، ونزع السلاح الثقيل تدريجياً من الفصائل، وإعادة نفوذ حكومته في الجنوب السوري".

وتكتسب درعا خصوصية من ناحية موقعها الجغرافي على الحدود مع كل من الأردن ومرتفعات الجولان السورية التي تحتل اسرائيل قسما منها.

وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لفرانس برس إنها "هزيمة جديدة كبيرة" للفصائل المعارضة، التي بات ينحصر وجودها بشكل أساسي في محافظة القنيطرة المجاورة وفي ريف حلب (شمال) الشمالي وادلب (شمال غرب) حيث هيئة تحرير الشام.

وعن وجهة قوات الحكومة المقبلة، أوضح هيلر "يبدو أن الحكومة السورية ستتجه لاحقاً إلى القنيطرة (...) وهو أمر معقد اذ عليها أن تجد طريقة للتقدم من دون إثارة الإسرائيليين والتسبب بتحرك اسرائيلي عسكري مدمر".

كما يتوقع أن يخوض الجيش السوري عملية عسكرية ضد الجيب الصغير الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة في جنوب غرب درعا.

المملكة + ا ف ب + سانا