قالت وزارة الداخلية التركية إن السلطات أقالت الاثنين 3 رؤساء بلديات ينتمون لحزب مؤيد للأكراد في 3 مدن وعينت مسؤولين حكوميين مكانهم واعتقلت أكثر من 400 شخص يُشتبه في أن لهم صلات بمسلحين، في تحرك سيؤجج على الأرجح التوتر في منطقة جنوب شرق تركيا الذي تقطنه أغلبية كردية.

وقالت الوزارة أيضا إنها أطلقت عملية بمشاركة 2300 فرد من القوات الخاصة ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور في أقاليم جنوب شرق البلاد.

وذكرت وزارة الداخلية في بيان أن رؤساء بلديات ديار بكر وماردين وفان، وهي 3 مدن كبرى في منطقة جنوب شرق البلاد، يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم مختلفة، بما في ذلك الانضمام لمنظمة إرهابية ونشر دعاية لجماعة إرهابية.

وأظهر مقطع مصور لتلفزيون رويترز شرطة مكافحة الشغب وهي تطلق مدافع المياه ضد مجموعات صغيرة من الأشخاص كانت تحتج ضد إقالة رؤساء البلديات في وسط ديار بكر حيث أغلقت الشرطة مقر رئاسة البلدية بحواجز معدنية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هدد قبيل الانتخابات المحلية التي أجريت في آذار/ مارس بإقالة مسؤولين منتخبين إذا ثبت أن لهم علاقات بحزب العمال الكردستاني.

وقالت وزارة الداخلية "من أجل سلامة التحقيق، أُقيلوا مؤقتا من مناصبهم كإجراء احترازي". وكانت الوزارة تشير بذلك إلى سلجوق مزراقلي رئيس بلدية ديار بكر وأحمد تورك رئيس بلدية ماردين وبديعة أوزغوكجه ارتان رئيسة بلدية فان.

وأضافت الوزارة أن الشرطة اعتقلت 418 شخصا في 29 إقليما ضمن تحقيق في أمر من يشتبه في أن لهم صلات بحزب العمال الكردستاني.

وينتمي رؤساء البلديات الثلاثة لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد. وقال الحزب إنهم أقيلوا "استنادا إلى أمر قائم على أكاذيب ومسوغات غير قانونية".

وقال المجلس التنفيذي للحزب في بيان مكتوب "هذا انقلاب سياسي جديد وواضح. إنه موقف واضح وعدائي ضد الإرادة السياسية للشعب الكردي".

وذكر الحزب أن رؤساء البلديات الثلاثة جرى انتخابهم بعد حصولهم على نسبة أصوات تتراوح من 53 إلى 63% في المدن الثلاث في آذار/مارس، طالبا الدعم من الأحزاب السياسية الأخرى.

وأضاف الحزب "هذه ليست مشكلة حزب الشعوب الديمقراطي والشعب الكردي فحسب، هذه مشكلة مشتركة تخص جميع المجتمعات والقوى الديمقراطية في تركيا".

انتقادات من أحزاب المعارضة الرئيسية

كتب ولي أغبابا نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، على "تويتر" أن الإقالات ترقى إلى مستوى الفاشية وأنها تشكل ضربة للديمقراطية، في حين وجه رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي ينتمي أيضا لحزب الشعب الجمهوري، انتقادات لهذه الخطوة.

وكتب إمام أوغلو في تغريدة على تويتر "إلغاء إرادة الشعب أمر غير مقبول". وكان إمام أوغلو نفسه أقيل بسبب مخالفات بعد فترة قصيرة من توليه المنصب في انتخابات آذار/مارس، لكنه عاد ليفوز في انتخابات الإعادة في حزيران/يونيو.

لكن الأمر غير المألوف إلى حد كبير كان انضمام الرئيس السابق عبد الله جول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو إلى قائمة منتقدي هذه الخطوة، حيث قالا عبر "تويتر" إن الإقالات لا تتسق مع الديمقراطية. وكان جول وداود أوغلو من حلفاء أردوغان سابقا تحت عباءة حزب العدالة والتنمية لكنهما يبرزان الآن بوصفهما خصمين سياسيين له.

ويعيد فصل رؤساء البلديات الثلاثة إلى الأذهان الإقالات التي طالت العشرات من رؤساء البلديات في جنوب شرق البلاد عام 2016، وذلك في إطار حملة تطهير أعقبت محاولة انقلاب. وسُجن قرابة 100 من رؤساء البلديات والآلاف من أعضاء الحزب في حملة أثارت قلق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وهدد أردوغان قبل انتخابات آذار/مارس بأن رؤساء البلديات المنتمين لحزب الشعوب الديمقراطي يمكن أن يتعرضوا للإقالة مجددا مثل أسلافهم إذا ثبت أن لهم صلات بالمسلحين.

وطالما اتهم أردوغان حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد بأن له صلات بحزب العمال الكردستاني الذي تضعه تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على قائمة المنظمات الإرهابية. لكن الحزب ينفي هذا.

ويشن حزب العمال الكردستاني تمردا ضد الدولة التركية منذ 1984. وقتل في الصراع ما يربو على 40 ألف شخص.

وقالت وزارة الداخلية إن العمليات الأخيرة أدت إلى انخفاض أعداد مسلحي حزب العمال الكردستاني إلى أدنى مستوياتها منذ 30 عاما، حيث تراجع عدد المسلحين في تركيا إلى نحو 600 مقارنة مع ما يتراوح بين 1800 وألفين في الماضي.

ومع إعلان بدء العملية الجديدة ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني الأحد في أقاليم فان وشرناق وهكاري، نشرت الوزارة صورا تظهر قوات الأمن وهي تطلق أسلحة رشاشة وقذائف صاروخية.

وقالت الوزارة إن قوات الأمن دمرت 43 كهفا وملجأ يستخدمها مسلحو حزب الشعب الكردستاني، مضيفة أن العمليات ستتواصل حتى "تحييد" جميع المسلحين في المنطقة.

رويترز