تلتئم الخميس في العاصمة البريطانية أعمال مؤتمر "مبادرة لندن" حيث يُطلع خلالها الأردن ممثلي دول كبرى وقوى اقتصادية من المنطقة وبقية أنحاء العالم على ميزات استثمارية محلية، وإنجازات إصلاحية بهدف اقتناص فرص مستقبلية تسهم في نمو وتطوير الاقتصاد الوطني.

جلالة الملك عبدالله الثاني يشارك في المؤتمر، إضافة إلى رئيس الوزراء عمر الرزاز، الذي قال لرويترز إن الأردن سيعرض خلال أعمال المبادرة "خطواته والتزامه بتنفيذ إصلاحات مالية وهيكلية يدعمها صندوق النقد الدولي، وحاسمة لتحفيز الاقتصاد".

صندوق النقد الدولي قال في ختام مراجعته الثانية للاقتصاد الأردني مؤخرا، إن مبادرة لندن "فرصة في توقيت مناسب للأردن لعرض مسار إصلاح طموح وموثوق للمستقبل، وللمانحين لتوفير منح للموازنة، ودعم مالي ميسر لتمويل إصلاحات في الأردن، وحاجاته التمويلية الكبيرة". 

زياد فريز، محافظ البنك المركزي الأردني، يرى أن مراجعة الصندوق لخطة إصلاح اقتصاد الأردن "مهمة جدا لمؤتمر لندن، وللمانحين، إذ حثت على توفير تمويل رخيص (للأردن) من خلال منح وليس قروضا، وهذا هدف مهم من أهداف مؤتمر لندن، بالإضافة إلى جذب استثمارات".

الحكومة البريطانية روّجت للمبادرة، التي يشارك فيها ممثلو نحو 60 دولة ومنظمة ومؤسسة دولية، مسلطة الضوء على إصلاحات الأردن، والمواهب الشابة فيه، وإنجازات قطاعه الخاص، ومشاريع المملكة في مجال الطاقة المتجددة.

وأضافت في فيديو قصير على موقعها الإلكتروني الرسمي، أن الأردن "يملك إمكانية كبيرة للنمو، ولفرص الاستثمار في السياحة، والسياحة العلاجية، والتكنولوجيا، والبنية التحتية والدعم اللوجستي، والخدمات المتخصصة". 

وزير التخطيط الأسبق، إبراهيم سيف، يعتقد أن المؤتمر "يأتي في وقت أنهى الأردن فيه إصلاحات مالية وإدارية إلى حد ما، وقد حان وقت اتخاذ إجراءات" للبناء على ذلك.

ويقول لـ "المملكة" إن الأردن "يحتاج محفزات نمو لا تأتي إلا من خلال دعم خارجي، واستثمارات مباشرة، وتفهم لظروف الأردن الداخلية".

السفير البريطاني في عمّان، إدوارد أوكدن، قال في مقابلة خاصة مع "المملكة" إن المبادرة "أردنية تحظى بدعم بريطاني"، مشيرا إلى أنها "ليست مؤتمراً للمانحين، ولا تشبه مؤتمر لندن الذي عقد في عام 2016، وإنما هي لعرض فرص مقبلة للأردن؛ ولذلك عنوان المؤتمر الأردن نمو وفرص". 

وبينما يتفق وزير المالية الأسبق، محمد أبو حمور، مع سيف بأن مبادرة لندن فرصة لعرض أوجه الاستثمار في الأردن، إلا أنه يرى أن في المساعدات وإعادة هيكلة قروض المملكة لتقليل فوائدها النفع الأكبر للاقتصاد الأردني.

"المؤتمر فرصة أيضا لعرض مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص في الأردن، وبين مؤسسات القطاع الخاص في الدول المشاركة في المؤتمر"، يضيف أبو حمور.

الحكومة جهزت حزمة مشاريع مقترحة للاستثمار بناء على استراتيجيتها للأعوام 2018-2020، أخذت بعين الاعتبار كلف اللجوء السوري والمديونية، وفرص النمو والاستثمار، والإصلاحات المالية، وفق الوزير الأسبق.

مؤتمر لندن 2016 ركز على توفير منح للأردن، دون التطرق إليه كوجهة استثمارية؛ مما يعني أن "هناك فرصة متاحة للأردن الآن لجذب استثمارات تعطي استدامة للاقتصاد، وتحد من مشكلتي الفقر والبطالة"، بحسب أبو حمور.

ويواجه الأردن تحديات اقتصادية كبيرة؛ إذ تجاوزت مديونيته 28 مليار دينار مع نهاية عام 2018، بينما تخطّت نسبة البطالة 18%، وارتفعت بين الشباب، الذين يشكلون جزءا كبيرا من عدد السكان البالغ نحو 9.7 ملايين نسمة، لتقارب 40%.

ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية أزمة بلادهم في 2011، منهم أكثر من 671 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة. وتقول الحكومة، إن أكثر من 90% من اللاجئين السوريين يعيشون خارج مخيمات اللجوء، ويشكلون ضغطا إضافيا على البنى التحتية والخدمات.

محلل اقتصادي، فضل عدم ذكر اسمه، يوضح لـ "المملكة" أن "أي مستثمرين أجانب محتملين يهمّهم التحدث إلى مستثمرين محليين للتعرف أكثر على البيئة الاستثمارية من حيث الفرص والتحديات، إلا أن مستثمرين أردنيين يواجهون ظروفا صعبة كانت سببا في هروب الاستثمارات".

تقرير الاستثمار العالمي للعام 2016 الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد)، أظهر انخفاض حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى الأردن 36%؜ خلال عام 2015 لتصل إلى ما يقارب 1.275 مليار دولار، مقارنة بـ 2.009 مليار دولار في 2014. 

وزير الدولة لشؤون الاستثمار مهند شحادة قال في تصريحات صحفية، إن عدد المصانع التي أغلقت عام 2018 بلغ 429 شركة بزيادة 2% عن العام الذي سبقه.

"جذب الاستثمار الأجنبي، وتوطين الاستثمار المحلي يتأتى من خلال تبسيط إجراءات الاستثمار، وحل المشاكل التي تواجه المستثمرين، وعدم اللجوء إلى تعديل المزيد من القوانين"، يقول المحلل الاقتصادي. 

ويضيف أن "متخذ القرار متردد كثيرا، وهو أمر يتعارض مع الحديث عن وجود إرادة حقيقة لتشجيع الاستثمار".

وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطقة الرسمية باسم الحكومة، جمانة غنيمات، قالت في تصريحات سابقة، إن مبادرة لندن "تعكس الاهتمام الدولي بضرورة مساعدة الأردن، ودعم خططه الإصلاحية الهادفة إلى تحقيق النمو، وهي فرصة لشرح برنامج الحكومة لتحسين بيئة الأعمال".

لكن أبو حمور ينصح: "لا نريد رفع سقف التوقعات؛ لأن الأهم من توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، هو تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه ... الدول المشاركة بمؤتمر مبادرة لندن ليست بأفضل وضع اقتصادي". 

المملكة