أكد رئيس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم بأول، الجمعة، أن البنك سيتخذ الخطوات الملائمة لضمان استمرار توسع الاقتصاد الأميركي، لكنّه حذّر بأنه ليس لديه "كتيب إرشادات" للتعامل مع الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين التي تفاقمت بعيد تصريحاته.

وقال باول إن التوتر التجاري يزيد من التباطؤ في العالم، وذلك في خطاب ألقاه في ولاية وايومنغ تزامن مع قرار الصين فرض رسوم جمركية على 75 مليار دولار من صادرات الولايات المتحدة من فول الصويا والكركند وزبدة الفول السوداني وغيرها.

ولوح الرئيس الأميركي باتخاذ إجراءات إضافية بحق الصين، مما يشير إلى أن النزاع التجاري القائم لن يحلّ قريبا.

وسارع الرئيس دونالد ترامب إلى انتقاد باول وبكين.

في سلسلة من التغريدات الغاضبة، هاجم ترامب إدارة البنك المركزي لأكبر اقتصاد في العالم وتعهد الرد سريعا على الصين.

وكتب "كالمعتاد، لم يفعل بنك الاحتياطي الفدرالي شيئًا! إنه أمر لا يصدق أن يتحدثوا دون أن يعرفوا أو يسألوا عما أقوم به، وهو ما سيتم الإعلان عنه قريبا. لدينا دولار قوي للغاية وبنك الاحتياطي الفيدرالي الضعيف للغاية".

وتابع الرئيس الأميركي "سؤالي الوحيد هو من يكون عدونا الأكبر، باول أو الرئيس شي؟".

لكن ومع تصعيد بكين إجراءاتها الانتقامية في الحرب التجارية الدائرة مع واشنطن، قال إن البنك ليس لديه "إجراءات محددة" للتعامل مع حالة الغموض.

ورغم ذلك، قلل من المخاوف من أن زيادة الحوافز يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم، وقال "يبدو أن تراجع نسبة التضخم وليس ارتفاعها هي مشكلة هذه الحقبة".

وتصاعدت الحرب التجارية مع الصين التي بدأها الرئيس دونالد ترامب، خلال الأشهر الأخيرة، وأدت إلى تقلص ثقة قطاع الأعمال وانخفاض الاستثمارات، وتقلبات كبيرة في الأسواق المالية العالمية.

وخفض الاحتياطي الفدرالي معدل الفائدة المعيارية الشهر الماضي لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، لأسباب بينها التأثيرات المتوقعة للحرب التجارية على نمو الاقتصاد.

ولكن في خطابه المنتظر أوضح باول أن البنك المركزي ليس لديه سوى أدوات محدودة لمواجهة الحرب التجارية.

وقال إن "الأسابيع الأولى منذ اجتماع لجنة الأسواق المفتوحة في البنك في تموز/يوليو كانت حافلة، ابتداء من الإعلان عن فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من الصين".

وأضاف أن "التوقعات للنمو العالمي تتدهور منذ منتصف العام الماضي. ويبدو أن الغموض بشأن السياسة التجارية يلعب دورا في التباطؤ العالمي وفي ضعف التصنيع وإنفاق رأس المال في الولايات المتحدة".

وأشار إلى أن الاقتصاد الأميركي "في وضع جيد الآن" ولكن "بالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي نراقبها" فإن البنك "سيتصرف بالشكل الملائم للحفاظ على استمرار التوسع الاقتصادي".

غير أنه حذر من أنه "لا توجد إجراءات محددة ثابتة للتجارة ... ولا توجد سابقات ترشدنا إلى الاستجابة الصحيحة للوضع الراهن".

السير على حبل مشدود

يظهر أن أسواق الأسهم أعجبت بخطاب باول مع التقاطها أنفاسها بعد تراجع إثر الإجراءات الانتقامية من الصين، لكنها عادت للانخفاض بعد تعليقات ترامب. وقد أغلق مؤشر "داو جونز" متراجعا بأكثر من 600 نقطة، أي بنسبة 2.4%.

من جهته، قال إيان شيفردسون من معهد "بانثيون" للاقتصاد الكلي إن "باول أكثر دبلوماسية في لغته من الرئيس (...) لكن من الواضح من كلمته أن العامل الوحيد الذي يحرك تقلبات السوق والتباطؤ العالمي والمخاوف من تباطؤ أميركي هي السياسة التجارية".

واجه باول بعض المشاكل في التواصل لأنه يسير على حبل مشدود بين الآراء المتنافسة حول السياسة الصحيحة والدفاع عن استقلال المؤسسة بمواجهة التدخلات السياسية.

يبدو أن باول يقدم حجة اقتصادية لبعض المحفزات الإضافية- ربما لتفادي القول إنه يرضخ للضغوط المتواصلة من ترامب - لكنه أشار إلى الوضع الجيد بشكل عام للاقتصاد الأميركي، في إشارة محتملة إلى عدم توقع أي خفض في معدلات الفائدة.

يواجه أولئك الذين يفضلون المزيد من الحوافز معارضة داخل بنك الاحتياطي الفدرالي، لكن باول حاول تهدئة المخاوف مؤكدا إنه لا يرى أي تراكم للمخاطر المالية أو أي ضغوط من جهة الأسعار.

وأكد العديد من مسؤولي البنك في المؤتمر معارضتهم خفض معدلات الفائدة بشكل أكبر لتحفيز الاقتصاد لأسباب عدة بينها أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

لكن باول قلل من المخاوف إزاء احتمال أن تؤدي زيادة الحوافز إلى ارتفاع التضخم، قائلا "يبدو أن تراجع نسبة التضخم وليس ارتفاعها هي مشكلة هذه الحقبة".

وأضاف "في حالة حدوث تضخم مرتفع للغاية، لدينا أدوات أثبتت فعاليتها في معالجة مثل هذا الموقف".

أ ف ب