عقد جلالة الملك عبدالله الثاني لقاءين منفصلين مع رئيسة جمهورية سنغافورة حليمة يعقوب ورئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونغ، تم خلالهما التأكيد على مواصلة العمل لتطوير التعاون بين البلدين.

واتفق الملك ورئيسة سنغافورة ورئيس الوزراء السنغافوري، خلال اللقاءين اللذين عقدا في قصر استانا الرئاسي بحضور سمو الأمير هاشم بن الحسين كبير أمناء جلالة الملك، وسمو الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، والمبعوث الشخصي لجلالته، على تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والعسكرية والتعليمية والمياه وتبادل الخبرات في القطاع العام والتدريب المهني.

كما تم التأكيد على ضرورة البناء على الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وبما يسهم في تحقيق مصالحهما المشتركة، وأهمية منتدى الأعمال الأردني السنغافوري لبحث الفرص الاستثمارية المتاحة وإقامة شراكات اقتصادية وتجارية.

وتناولت المباحثات الفرص الاستثمارية التي يوفرها الاقتصاد الأردني، حيث جرى التأكيد على ضرورة تشجيع القطاع الخاص في البلدين على بناء شراكات بينهما لإقامة مشاريع مشتركة، وأهمية الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري وزيادة التبادل التجاري.

وأكد جلالة الملك أهمية المؤتمر الدولي "مجتمعات متماسكة" كمنصة لإيجاد حلول للتحديات المرتبطة بتنامي خطاب الكراهية والتطرف، مشيدا جلالته بجهود سنغافورة في تعزيز الحوار بين الأديان والتقريب بين الثقافات.

مباحثات جلالة الملك مع رئيسة سنغافورة ورئيس الوزراء تناولت المستجدات الإقليمية الراهنة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث أكد جلالة الملك أهمية إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، استنادا إلى حل الدولتين وبما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، مشيدا جلالته بمواقف سنغافورة بهذا الخصوص.

ولفت جلالة الملك، في هذا الصدد، إلى أن استمرار عدم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية سيقود إلى مزيد من التطرف والعنف في المنطقة.

وجرى بحث التحديات المالية التي تواجه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وسبل دعمها لمواصلة دورها في تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين.

كما تم استعراض الجهود التي يبذلها الأردن من أجل التصدي للإرهاب والفكر المتطرف ضمن نهج شمولي، ومن ضمنها "اجتماعات العقبة". 

وجرت لجلالة الملك مراسم استقبال رسمية لدى وصوله قصر استانا الرئاسي، حيث عزفت الموسيقى السلامين الملكي الأردني والوطني السنغافوري، واستعرض جلالته حرس الشرف الذي اصطف لتحيته.

ووقع الأردن وسنغافورة، على هامش زيارة جلالة الملك، مذكرة تفاهم حول إنشاء آلية مشاورات ثنائية، ومذكرة تفاهم للتعاون في قطاع إدارة الموارد المائية، وقعهما عن الجانب الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين، وعن الجانب السنغافوري وزير الخارجية، ووزير البيئة والموارد المائية.

الملك يحضر مأدبة عشاء رسمية أقامتها رئيسة سنغافورة

وحضر الملك مأدبة عشاء رسمية أقامتها رئيسة جمهورية سنغافورة حليمة يعقوب في قصر استانا الرئاسي الخميس، تكريما للملك والوفد المرافق، بحضور عدد من كبار المسؤولين السنغافوريين.

وأكد الملك، في كلمة خلال مأدبة العشاء، التي حضرها سمو الأمير هاشم بن الحسين كبير أمناء جلالة الملك، وسمو الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، والمبعوث الشخصي لجلالته، عمق العلاقات الأردنية السنغافورية، والحرص على توطيدها في مختلف المجالات.

وعبر الملك عن سعادته لزيارة سنغافورة مرة أخرى، وعن شكره للرئيسة السنغافورية على المباحثات المثمرة، والدعوة إلى المؤتمر الدولي "مجتمعات متماسكة"، وقال "شراكتنا في هذه المبادرة وغيرها من المبادرات العالمية تعكس تاريخا طويلا مشتركا بين بلدينا وشعبينا".

وأضاف جلالته "كان والدي المغفور له جلالة الملك الحسين دائماً يذكرني بأن الأردن في عام 1965 كان أحد الداعمين الأربعة لعضوية سنغافورة في الأمم المتحدة. ومنذ التسعينيات، تشرفت وبكل سرور، وبصفتي العسكرية آنذاك، ببناء علاقات قوية مع القوات المسلحة السنغافورية. فهناك العديد من الأصدقاء الذين عرفناهم لسنوات طويلة. وأود أن أشكر حكومتكم على الفرصة الرائعة في الأمس لإعادة التواصل مع أصدقائي في القوات المسلحة".

وقال جلالة الملك إن العلاقات الأردنية السنغافورية مستمرة بالتوسع، ونتطلع إلى مجالات جديدة للشراكة.

وأضاف جلالته "عندما ننظر إلى التحديات الإقليمية التي تواجه بلدنا ومنطقتنا، وأيضاً تلك التي تواجه منطقة جنوب شرق آسيا، سنجد أمامنا العديد من الفرص الجديدة والخطوات التي يمكننا أن نمضي بها لتوثيق علاقاتنا".

وأضاف "أشكر حكومتكم ثانية بالنيابة عن القطاع الخاص الأردني على اللقاء الذي عقد اليوم وعلى الجهود التي بذلت على مدار اليومين لتحديد الفرص في قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم والطاقة المتجددة والسياحة العلاجية والخدمات المهنية".

وتابع الملك "هذه المناقشات كانت في غاية التنظيم. وعلينا الآن، كما أشرت أن نتأكد من متابعة مخرجات النقاشات لضمان نتائج ضمن التوقعات".

وقال "نحن نقدر بشدة التزامكم بقيم التعايش المشترك والتسامح والاعتدال، وهي القيم التي تمثلونها في تعاملكم مع مختلف القضايا".

بدورها، أعربت رئيسة جمهورية سنغافورة حليمة يعقوب، في كلمتها، عن ترحيبها بجلالة الملك في سنغافورة، وقالت "جلالة الملك يعرف بلدنا جيدا، حيث أن هذه هي الزيارة الثالثة لسنغافورة، وأنتم هنا حقا بين أصدقائكم".

وأعربت الرئيسة حليمة عن تقديرها لجلالة الملك لقبول الدعوة بإلقاء الكلمة الرئيسة في افتتاح المؤتمر الدولي "مجتمعات متماسكة".

وقالت "لقد كنتم على الدوام يا جلالة الملك قائدا مؤثرا في نشر رسالة الاعتدال وقيم الحوار بين الأديان والتسامح. وسنغافورة، كمجتمع متعدد الأعراق والأديان، تثمن جهودكم ومساهماتكم العديدة في هذا المجال".

وأضافت "لقد كان لي الشرف الكبير في سماع رؤاكم القيمة في المؤتمر الدولي "مجتمعات متماسكة"، وأنا واثقة بأن كلماتكم الحكيمة سيكون لها أثر إيجابي ودائم ليس فقط في منطقتينا ولكن في أنحاء مختلفة من العالم".

وتابعت قائلة "في ظل ما يشهده العالم من استقطاب متزايد حيث نرى الانقسامات العرقية والدينية والمبنية على الهوية، فنحن بأمس الحاجة لأصوات الاعتدال والمنطق القوية والمدافعين عن السلام بين قادة العالم، من أجل حماية عالمنا من التفكك. وأنتم يا جلالة الملك تمثلون أحد هذه الأصوات".

وقالت الرئيسة حليمة "العلاقات بين سنغافورة والأردن في نمو مستمر، وهناك تبادل إيجابي ومنتظم للزيارات عالية المستوى بيننا".

وأضافت "كدولتين صغيرتين محدودتي الموارد، يجب على الأردن وسنغافورة التعامل مع التحديات الخارجية بمرونة وحيوية، وأتمنى أن يفتح منتدى الأعمال الأردني السنغافوري الذي أقيم في وقت سابق اليوم الطريق أمام المزيد من التعاون التجاري ويعمل على تمتين روابطنا الاقتصادية ويعزز الرخاء في بلدينا".

وأكدت أن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى. وقالت "لقد كنتم دوما يا جلالة الملك من أقوى الأصوات التي تدعو للحوار السلمي والتعاون من أجل الأردن والمنطقة بأكملها. ويقدر العالم عاليا جهودكم في توفير ملاذ آمن لملايين الأشخاص الذين هربوا من النزاعات". 

وقدمت رئيسة سنغافورة التهاني لجلالة الملك على تسلمه جائزة مصباح السلام، وقالت "نحن على ثقة بأن الأردن، تحت قيادة جلالتكم، سيواصل القيام بدور فاعل في السعي المستمر لتحقيق السلام في الشرق الأوسط".

واختتمت كلمتها بالقول "لقد ساهمت زيارتكم إلى سنغافورة في تعزيز العلاقات المميزة بين سنغافورة والأردن، وأتاحت لنا الفرصة لإعادة تأكيد التزامنا المشترك بالوئام والحوار بين الأديان، وسنغافورة تتطلع إلى العمل مع الأردن لتطوير وتعزيز التعاون فيما بيننا".

المملكة