وصلت ناقلتا النفط اللتان تعرضتا لهجوم في خليج عُمان إلى مكاني رسوهما المقررين قبالة السواحل الإماراتية الأحد، في وقت اتهمت السعودية إيران بالوقوف خلف الهجمات ضد ناقلات عدة.

وكانت إيران نفت أي مسؤولية لها عن الهجمات التي استهدفت خمس ناقلات نفط وسفينة شحن في غضون شهر قرب مضيق هرمز الاستراتيجي، في خضم توتر وحرب كلامية بين طهران وواشنطن التي وجهت بدورها أصابع الاتهام للجمهورية الإسلامية.

وقالت شركة "بي إس إم" المشغّلة للناقلة اليابانية "كوكوكا كوراجوس" ومقرها سنغافورة في بيان الأحد إن الناقلة "وصلت بأمان إلى مرساها المقرر في الشارقة" في منطقة تقع في شرق الإمارات.

وأشارت إلى أن "تقييم الأضرار والتحضير لنقل الحمولة من سفينة إلى أخرى سيبدأ بعد أن تستكمل سلطات الميناء إجراءات التدقيق والمعاملات الاعتيادية".

وأكد البيان أن أعضاء طاقم السفينة موجودون على متنها وهم "بخير وبصحة جيدة".

وتعرضت ناقلة النفط اليابانية وأخرى نرويجية الخميس لهجمات لم يحدد مصدرها فيما كانتا تبحران قرب مضيق هرمز، الممر الاستراتيجي الذي يعبر منه يوميا نحو ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً.

وفيما يتعلق بناقلة النفط النرويجية "فرونت ألتير" التي كانت تنقل شحنة من مادة النافتا، فإنه يتم سحبها بواسطة قوارب جر قرابة سواحل الفجيرة.

وأكدت الشركة المالكة للناقلة في بيان الأحد أن "الفحوصات الأولية تجري حاليا" مشيرة إلى عدم وجود أضرار كبيرة.

وبحسب البيان، فإن أفراد الطاقم بأكمله يتواجدون في دبي حاليا وسيقومون بالحديث مع الطاقم القانوني التابع للشركة والسلطات قبل أن يعودوا إلى بلادهم.

ووقع الهجومان بعد شهر على تعرض ناقلتي نفط سعوديتين وناقلة نرويجية وسفينة شحن إماراتية لعمليات "تخريبية". ووجهت واشنطن آنذاك أصابع الاتهام إلى طهران التي نفت أي مسؤولية.

واتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة صحقية نٌشرت الأحد، طهران بمهاجمة ناقلات النفط في بحر عمان.

وقال الأمير محمد لصحيفة "الشرق الاوسط" السعودية إن "النظام الإيراني لم يحترم وجود رئيس الوزراء الياباني (شينزو آبي) ضيفاً في طهران وقام أثناء وجوده بالردّ عملياً على جهوده بالهجوم على ناقلتين إحداهما عائدة لليابان".

وأضاف "النظام الإيراني ووكلاؤه (...) قاموا بأعمال تخريبية لأربع ناقلات بالقرب من ميناء الفجيرة، منها ناقلتان سعوديتان، ممّا يؤكّد النهج الذي يتّبعه هذا النظام في المنطقة والعالم أجمع".

من جانبه، حذر وزير خارجية المملكة المتحدة جيريمي هانت من وجود "خطر كبير" للتصعيد حاليا في منطقة الخليج. وردا على سؤال لشبكة "بي بي سي" عن احتمالات تصعيد في المنطقة، قال هانت "إنه الخطر الكبير (القائم) في الوضع الحالي".

وأضاف هانت أن المملكة المتحدة تعتبر أنه "من شبه المؤكد" أن طهران تقف وراء الهجومين.

تأمين إمدادات الطاقة

على وقع الهجمات، دعت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات العربية المتحدة، المجتمع الدولي السبت إلى المساهمة في حماية إمدادات الطاقة.

وخلال صلاة الأحد، قال البابا فرنسيس إنه يتابع "بقلق" التوترات في الخليج.

ودعا الحبر الأعظم "الجميع إلى الاستفادة من الوسائل الدبلوماسية لحل المشكلات المعقدة والنزاعات في الشرق الأوسط" مناشدا المجتمع الدولي "لمواصلة الجهود لتعزيز الحوار والسلام".

وتخوض الولايات المتحدة وإيران حربا كلامية منذ تدهور العلاقات إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018، تصاعدت مع تشديد العقوبات على قطاع النفط الإيراني بداية أيار/مايو الماضي.

وأرسلت الولايات المتحدة في مطلع أيار/مايو تعزيزات عسكرية إلى الشرق الأوسط، متّهمة إيران بالتحضير لهجمات "آنية" على مصالح أميركية بعد دخول العقوبات الجديدة حيز التنفيذ.

واتّهمت واشنطن طهران بالسعي للتسبب باضطراب إمدادات النفط العالمية عبر إغلاق مضيق هرمز، وهو ما هددت به إيران في الماضي، بينما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّ طهران هي من هاجم ناقلات النفط في بحر عمان.

ونشر الجيش الأميركي الجمعة مقاطع فيديو مشوشة قال إنها تظهر عناصر الحرس الثوري يزيلون "لغما لاصقا غير متفجر" من ناقلة النفط المملوكة لشركة "كوكوكا كوراجوس" اليابانية للملاحة.

والأحد، قال الجيش الأميركي إن إيران حاولت دون نجاح اسقاط طائرة مسيرة في مهمة استطلاع بعد الهجوم على ناقلة "كوكوكا كوراجوس".

وتعهد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأحد بأن تضمن الولايات المتحدة حرية المرور عبر مضيق هرمز الحيوي.

وقال الوزير الأميركي في مقابلة مع برنامج "فوكس نيوز صنداي" إن "ما يجب أن تعرفوه أننا سنضمن حرية الملاحة عبر المضيق".

ولم يوضح بومبيو الخيارات التي تدرسها واشنطن لحماية الملاحة -أو لمعاقبة إيران- بعد الهجوم على ناقلتي النفط.

وفي طهران، رد رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني الأحد على هذه الاتهامات بالقول إن الولايات المتحدة قد تكون المسؤولة عن الهجمات، معتبرا أن العمليات ضد الناقلات أتت "لأنهم عجزوا عن الحصول على نتيجة من الحظر" الاقتصادي على بلاده.

"ميليشيات على حدودنا"

تزامنت الهجمات في خليج عُمان مع تصعيد المتمردين اليمنيين هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيّرة على السعودية التي تقود تحالفا عسكريا في اليمن دعما للحكومة المعترف بها دوليا وفي مواجهة المتمردين الحوثيين.

وشملت الهجمات مطار أبها في جنوب السعودية ومحطات ضخ للنفط غرب الرياض.

وتقول الرياض إنّ إيران أعطت الأوامر للمتمرّدين لمهاجمتها.

ومساء السبت أسقطت القوات السعودية طائرة من دون طيار أطلقها المتمردون اليمنيون باتجاه مدينة أبها، بحسب ما أعلن التحالف العسكري الذي تقوده الرياض في اليمن.

من جهتهم، أعلن المتمردون الحوثيون عبر قناة "المسيرة" الناطقة باسمهم أنهم استهدفوا مطاري أبها وجازان جنوبي السعودية بطائرات من دون طيار، متوعّدين الرياض بضربات "أكثر إيلاما"، إلا أنّ التحالف لم يؤكّد وقوع هذه الهجمات.

بدوره، أعلن الجيش الأميركي الأحد في بيان أن المتمردين الحوثيين أسقطوا طائرة مسيرة تابعة له فوق اليمن في 6 حزيران/يونيو.

وقال الأمير محمد الذي يشغل أيضاً حقيبة الدفاع، في المقابلة إن "المملكة لا تريد حرباً في المنطقة (...) لكنّنا لن نتردّد في التعامل مع أي تهديد لشعبنا وسيادتنا ومصالحنا الحيوية".

وشدّد على أن المملكة ستواصل عملياتها في اليمن "لحماية استقلاله وسيادته مهما كانت التضحيات"، مضيفا "لا يمكن أن نقبل في المملكة بوجود ميليشيات خارج مؤسسات الدولة على حدودنا".

أ ف ب