دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الخميس، من القاهرة دول الشرق الأوسط إلى "إنهاء الخصومات القديمة" والتحالف في مواجهة إيران، في ثالث محطة من جولته في الشرق الأوسط التي ستقوده أيضاً إلى الخليج.

وقال بومبيو إن الانسحاب الأميركي من سوريا سيتم، مؤكداً أن واشنطن ستعمل بـ "الدبلوماسية" على "طرد آخر جندي إيراني" من هذا البلد.

وفي خطاب ألقاه في الجامعة الأميركية في القاهرة وحاول خلاله عرض استراتيجية متماسكة للرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، قال بومبيو متوجهاً إلى دول الشرق الأوسط "حان الوقت لإنهاء الخصومات القديمة".

وأكد أن واشنطن "تعمل على إقامة تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة أهم الأخطار في المنطقة".

وأوضح أن هذا التحالف سيضم "دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى الأردن ومصر".

من جهة ثانية، تعهد بومبيو بأن تواصل واشنطن العمل على أن "تحتفظ إسرائيل بالقدرات العسكرية" التي تمكنها من "الدفاع عن نفسها ضد نزعة المغامرة العدوانية للنظام الإيراني".

وانتقد بومبيو مطولاً الرئيس السابق باراك أوباما واستراتيجيته في الشرق الأوسط التي عرضها في خطابه في جامعة القاهرة عام 2009.

وقال بومبيو "تذكروا أنه هنا في هذه المدينة تحديداً وقف أميركي آخر أمامكم" وعرض سياسته، معتبراً أن استراتيجية الرئيس السابق في المنطقة أدت إلى "الفوضى".

وكان دونالد ترامب حدد خلال زيارة إلى الرياض، كانت الأولى التي يقوم بها إلى الخارج بعد توليه الرئاسة مطلع 2017، خطاً رئيسياً لسياسته في الشرق الأوسط، وهو توحيد حلفاء الولايات المتحدة ضد إيران، إضافة إلى مكافحة "تنظيم الدولة" الإرهابي، المعروف بـ "داعش" في العراق وسوريا.

وفي موازاة ذلك، تعهد الرئيس الأميركي بالتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن لم يحصل أي تقدم على هذا الصعيد.

ومنذ ذلك الحين تسببت قرارات اتخذها ترامب تنفيذاً لوعوده الانتخابية لقاعدته الشعبية، بخلط الأوراق وأثارت استياء بعض حلفائه.

لا تناقض

وفي مؤتمر صحافي مع نظيره المصري سامح شكري صباح الخميس، أكد بومبيو أن "قرار الرئيس ترامب بسحب قواتنا من سوريا اتُخذ وسنقوم بذلك".

ونفى وجود تناقض بين إعلان ترامب الانسحاب من سوريا، وبين الشروط التي ذكرها في ما بعد مسؤولون أميركيون كبار من بينهم مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون.

وقال رداً على سؤال بهذا الصدد، إنه لا يوجد تناقض، مشدداً على أن "هذا من فعل الإعلام".

وفي خطابه في الجامعة الأميركية أوضح بومبيو أن بلاده ستواصل العمل من خلال "الدبلوماسية" مع حلفائها من أجل "طرد آخر جندي إيراني" من سوريا حتى بعد انسحاب الجنود الأميركيين من البلاد.

وبعد أن أعلن ترامب عن انسحاب كامل وفوري من سوريا، أعلنت الإدارة الأميركية على لسان بومبيو ومستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون شروطاً لهذا الانسحاب من شأنها أن ترجئ الانسحاب إلى أجل غير مسمى.

وتتمثل هذه الشروط في هزيمة نهائية لتنظيم "داعش" الذي لا يزال متواجداً في بعض النقاط في سوريا، والتأكد من أن المقاتلين الأكراد الذين قاتلوا المتطرفين بمساندة الأميركيين سيكونون في مأمن في وقت تهدد تركيا بشن هجوم عليهم.

وشدد الوزير الأميركي على أن "التزامنا باستمرار العمل على منع عودة ظهور تنظيم داعش حقيقي وكبير، وسنواصل العمل به. ببساطة سنقوم بذلك بطريقة مختلفة في مكان محدد وهو سوريا"، حيث تتدخل الولايات المتحدة عسكريا منذ العام 2014 في إطار تحالف مناهض للمقاتلين.

قوة من أجل الخير

ويلخص عنوان خطاب بومبيو الرسالة التي أراد توجيهها: "قوة من أجل الخير: أميركا تسترد قوتها في الشرق الأوسط".

وقال في بداية خطابه "في 24 شهراً بالكاد، أعادت الولايات المتحدة، تحت رئاسة ترامب، تأكيد دورها التقليدي كقوة من أجل الخير في هذه المنطقة".

وشدد بومبيو كذلك في خطابه على أن "أمم الشرق الأوسط لن تعرف أبداً أمناً واستقرارا اقتصادياً إذا استمر النظام الثوري الإيراني على الطريق التي يسلكها حاليا".

ومن أجل تحقيق ذلك، يعتمد بومبيو على الحلفاء الأقرب للولايات المتحدة: فبعد الأردن والعراق، جاء إلى القاهرة حيث التقى صباحا الرئيس عبد الفتاح السيسي. وسيكمل جولته بزيارات لعدة دول خليجية.

وانتقد معهد "حقوق الإنسان أولا" ومركزه واشنطن بومبيو باعتبار أنه "ضاعف الدعم الأميركي للأنظمة الاستبدادية التي قادت عقوداً من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط".

وقال براين دولي مستشار المجموعة، إن بومبيو لم يذكر أن حرب السعودية في اليمن "انتهكت باستمرار القانون الدولي"، وأهمل استهداف الحكومة المصرية "لناشطين في مجال حقوق الإنسان، أو كيف يدفع التعذيب في السجون السجناء إلى أحضان تنظيم داعش".

أما بن رودس مساعد أوباما لوقت طويل شن هجوماً لاذعاً على خطاب بومبيو، وقال إن هذا الخطاب "لن يتذكره أحد الأسبوع المقبل" بخلاف خطاب أوباما.

وقبل القرار المتعلق بسوريا، اتخذ دونالد ترامب قرارات أخرى أدت إلى تعقيد الأوضاع، مثل الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران الذي أغضب حلفاء واشنطن الأوروبيين، والاعتراف الأحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل الذي دفع الفلسطينيين إلى إنكار دور الولايات المتحدة التقليدي كوسيط من أجل السلام.

ومنذ ذلك الحين، يتم مرة تلو أخرى تأجيل الإعلان عن خطة السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي قال البيت الأبيض إنه أعدها.

أ ف ب