أوقفت السلطات الإيرانية 40 شخصاً في مدينة يزد وسط البلاد بعد صدامات مع الشرطة خلال تظاهرات احتجاجا على رفع أسعار البنزين، بحسب وكالة إسنا شبه الرسمية.

ونقلت الوكالة الأحد، عن المدعي العام في المدينة محمد حداد زاده قوله، إنّ الموقوفين "مثيرو شغب" متهمون بتنفيذ أفعال تخريب، ومعظمهم ليسوا من سكان المدينة.

المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، أيد الأحد، قرار زيادة أسعار البنزين وتقنين توزيعه، وهو قرار اتخذته الحكومة بشكل مفاجئ وأثار تظاهرات في عدة مدن إيرانية.

وقال خامنئي بحسب ما نقل عنه التلفزيون الرسمي "لست خبيرا، وهناك آراء مختلفة، لكنني قلت، إنه إذا ما اتخذ قادة الفروع الثلاثة قرارا، فإنني أؤيده"، تعقيبا على القرار الصادر الجمعة عن المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي المؤلف من الرئيس ورئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية.

وذكرت وكالات أنباء إيرانية ومنصات للتواصل الاجتماعي، أن شرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن اشتبكت مع متظاهرين في طهران، وعشرات المدن الإيرانية الأخرى السبت، في الوقت الذي تحولت فيه احتجاجات على ارتفاع سعر البنزين إلى مظاهرات سياسية.

وقالت التقارير، إن المتظاهرين رددوا هتافات مناوئة للحكومة في مختلف أنحاء البلاد بعد يوم من زيادة سعر لتر البنزين العادي إلى 15 ألف ريال (0.13 سنت أميركي) من 10 آلاف، بالإضافة إلى ترشيد استخدامه.

وقال التلفزيون الرسمي، إن الشرطة اشتبكت مع من وصفهم بمثيري الشغب في بعض المدن، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة السبت، عن مسؤول محلي قوله، إن قتيلا سقط في مدينة سيرجان في إقليم كرمان، وأصيب عدد آخر الجمعة.

وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء: "هاجم الناس مخزنا للوقود، وحاولوا إشعال النار فيه".

وقال وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي للتلفزيون الرسمي، إن قوات الأمن ستتحرك لاستعادة الهدوء إذا ألحق المحتجون على ارتفاع أسعار البنزين "أضرارا بالممتلكات العامة" وذلك مع انتشار الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أنحاء البلاد.

وأضاف "قوات الأمن ضبطت نفسها حتى الآن، وتساهلت مع الاحتجاجات. لكن الأولوية لدينا هي الهدوء وأمن الأفراد، وستنجز (القوات) مهمتها باستعادة الهدوء إذا استمرت الهجمات على الممتلكات العامة والخاصة".

وأظهرت مقاطع مصورة بثت على منصات للتواصل الاجتماعي في إيران قيام محتجين بإشعال النار في مبانٍ، واشتباكهم مع قوات مكافحة الشغب. وفي مقاطع فيديو أخرى أغلق محتجون الطرق وأشعلوا حرائق في شوارع في طهران ومدن أخرى. وردد البعض هتافات ضد كبار المسؤولين.

ولم يتسنَ لرويترز التحقق من صحة المقاطع والصور الأخرى على منصات التواصل الاجتماعي.

وقال شاهد في اتصال هاتفي مع رويترز طالبا ألا ينشر اسمه "الناس غاضبون جدا جدا هنا في شيراز. سمعت طلقات رصاص. المئات في الشوارع. أحرقوا سيارة شرطة صباح اليوم".

وقالت وسائل الإعلام الإيرانية، إن الاحتجاجات امتدت إلى 40 مدينة وبلدة على الأقل يوم السبت.

وأظهرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي شرطة مكافحة الشغب وهي تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين في عدد من المدن. وأظهر مقطع فيديو نشر عبر تويتر محتجين يشعلون النار في أحد البنوك.

واتهم التلفزيون الذي تديره الدولة "وسائل إعلام معادية" بمحاولة تضخيم المظاهرات من خلال "الأخبار والمقاطع المصورة الكاذبة على منصات التواصل الاجتماعي".

وقال المدعي العام محمد جعفر منتظري للتلفزيون الرسمي، إن المتظاهرين الذين أغلقوا الطرق واشتبكوا مع قوات الأمن "لهم جذور قطعا خارج البلاد".

وتحدثت تقارير عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن بطء سرعات خدمات الإنترنت وتقييدها، في محاولة من جانب السلطات فيما يبدو للحد من الاتصالات بين المحتجين.

مزيد من الضغوط المعيشية

يرى إيرانيون كثيرون أن البنزين الرخيص في الدولة المنتجة للنفط حق لهم، وأشعلت زيادة سعره مخاوف من حدوث المزيد من الضغوط المعيشية، على الرغم من تأكيدات السلطات أن عائد الزيادة سيستخدم في مساعدة الأسر الفقيرة.

وباتت قدرة الإيرانيين على شراء لوازمهم أضعف بوضوح منذ العام الماضي عندما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 النووي الذي وقعته إيران مع القوى الكبرى وعودة العقوبات الأميركية عليها.

وبالإضافة إلى ارتفاع التضخم، وزيادة البطالة، وانخفاض الريال، واستشراء الفساد ألحقت سياسة (الضغوط القصوى) التي تنتهجها واشنطن المزيد من الضرر بالاقتصاد الإيراني.

ويحرص رجال الدين الذين يحكمون إيران إلى منع تكرار الاضطرابات التي حدثت في أواخر عام 2017 في 80 مدينة وبلدة؛ بسبب تدني مستوى المعيشة وترددت فيها دعوات لرجال الدين كي يتركوا الحكم. وقال المسؤولون الإيرانيون، إن 22 شخصا لقوا حتفهم في تلك الاحتجاجات.

وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن النواب سيناقشون قرار زيادة أسعار البنزين الأحد، مضيفة أن بعضهم يعدون على عجل مشروع قانون لإلزام السلطات بمراجعة قرارها.

ويتنقل الإيرانيون في المدن والبلدات بسيارات خاصة أو سيارات أجرة في الغالب. ونقلت تقارير إعلامية عن الحكومة قولها، إن تعريفات سيارات الأجرة ووسائل النقل العام لن يطرأ عليها تعديل.

وقالت الحكومة إنها تتوقع أن تدر زيادة أسعار البنزين نحو 2.55 مليار دولار سنويا ستخصص لزيادة دعم 18 مليون أسرة، أو نحو 60 مليون إيراني من محدودي الدخل.

رويترز + أ ف ب