أدى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الخميس، اليمين الدستورية ليبدأ ولاية رئاسية من ست سنوات يعتبرها قسم من المجتمع الدولي، وفي مقدمه واشنطن، غير شرعيّة مع التهديد بزيادة الضغط على الحكومة.

وقال مادورو بعد تلقيه الوشاح الرئاسي من رئيس المحكمة العليا أثناء موكب تنصيب في العاصمة كراكاس "أقسم باسم الشعب الفنزويلي (..) أقسم بحياتي" على خدمة البلاد.

ولم يؤد مادورو (56 عامًا) اليمين أمام البرلمان، المؤسسة الوحيدة التي تُسيطر عليها المعارضة.

قُبيل ذلك، قال جون بولتون مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية إن واشنطن لن تعترف بـ "التنصيب اللاشرعي للدكتاتور مادورو" رئيسًا لفنزويلا.

وأضاف في تغريدة "سنستمرّ في زيادة الضغط على هذا النظام الفاسد، وفي دعم الجمعية الوطنية الديمقراطية، وفي الدعوة إلى الحرية والديمقراطية في فنزويلا".

من جهته، دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشعب الفنزويلي إلى العمل مع الجمعية الوطنية.

ومساء الخميس، أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أن بومبيو تحدث هاتفيًا مع رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية و"كرر التزام الولايات المتحدة إزاء الجمعية الوطنية، المؤسسة الشرعية الوحيدة في فنزويلا (...)" بحسب ما جاء في بيان.

بدورها وصفت حكومة الرئيس البرازيلي اليميني جاير بولسنارو، الخميس، الولاية الجديدة لمادورو بأنها "غير شرعية"، معتبرةً أن السُلطة التنفيذية في فنزويلا تعود إلى الجمعية الوطنيّة.

وندد الاتحاد الأوروبي بولاية انبثقت عن "انتخابات غير ديمقراطيّة"، مهددًا باتخاذ "الإجراءات المناسبة" في حال المساس بحقوق الإنسان ودولة القانون.

كذلك، اعتبرت منظمة الدول الأميركية التي تعقد دورة استثنائيّة في واشنطن، حكومة فنزويلا "غير شرعيّة".

وجاءت هذه المواقف، بعد دعوة دول مجموعة ليما (تضمّ منذ 2017 دولاً من أميركا اللاتينيّة وكندا) باستثناء المكسيك الأسبوع الماضي، مادورو إلى التخلي عن ولايته الجديدة.

وأعلنت الباراغواي عضو المجموعة الخميس قطع علاقاتها الدبلوماسية مع فنزويلا.

وجاء رد فعل كراكاس في خطاب ألقاه مادورو الخميس لمناسبة تنصيبه.

وقال "احترموا فنزويلا وإلا فإن التاريخ سيدفعكم الثمن بأسرع وقت"، متهمًا الأوروبيين بإثارة "نزعتهم الاستعمارية القديمة".

ولم يحضر ممثل أي دولة أوروبية حفل تنصيب مادورو.

وشارك في الموكب رؤساء بوليفيا وكوبا والسلفادور ونيكاراغوا وممثلين عن دول حليفة لفنزويلا مثل روسيا والصين وتركيا.

وبحسب الدستور، يتعين على الرئيس تأدية القسم أمام البرلمان، لكن هذه المؤسسة هي الوحيدة في فنزويلا التي تُسيطر عليها المعارضة، لذا تقرر أداء اليمين أمام المحكمة العليا.

ويحكم مادورو خليفة الرئيس الراحل هوغو تشافيز (1999-2013) فنزويلا بقبضة حديدية مدعومًا من جمعية تأسيسية مشكلة من مناصري الحكومة والجيش الذي منح صلاحيات اقتصادية كبيرة.

ترنح اقتصادي

في شوارع كراكاس، يُمكن لمس مشاعر اليأس والاستسلام، في وقت يُعاني كثير من السكان أزمة اقتصادية خانقة تُعتبر الأخطر في تاريخ البلاد الحديث وذلك رغم امتلاكها أكبر احتياطي عالمي من النفط.

وقالت الممرضة مابيل كاستيلو (38 عامًا) "هذا سيُطيل أكثر حال الترنح التي نعيشها في السنوات الأخيرة. كل شيء تدهور بشكل كبير، السلع والخدمات الأساسية في تراجع يومي".

ويقول خبراء كثيرون إن التدهور الاقتصادي سيتفاقم أكثر. وعلاوةً على نقص الأغذية والأدوية، يواجه السكان تضخمًا كبيرًا يقول صندوق النقد الدولي إن نسبته ستصل عشرة ملايين % في 2019.

كما يتوقع أن تستمر الهجرة الأكبر في التاريخ الحديث لأميركا اللاتينيّة. وتُقدر الأمم المتحدة أن 2.3 مليون فنزويلي غادروا البلاد منذ 2015، وتتوقع أن يبلغ عددهم 5.3 ملايين في 2019.

وخلال فترة رئاسة مادورو، تراجع الاقتصاد بنسبة 50%، وتوقع صندوق النقد أن تشهد فنزويلا تراجعًا اقتصاديًا بنسبة 5% في 2019.

وتراجع إنتاج النفط الذي يشكل 96% من العائدات، إلى 1.4 مليون برميل يوميًا وهو الأدنى منذ 30 عامًا.

لكن مادورو وعد بالازدهار. وقال الأربعاء: "أتعهد بإنجاز كل التغييرات الضرورية في فنزويلا من أجل الازدهار الاقتصادي".

معارضة مقسّمة

أدت إعادة انتخاب مادورو إلى توالي عقوبات أميركية وأوروبية ضد الرئيس الفنزويلي وأقرب مساعديه.

ويتوقّع خبراء مزيدًا من الضغط على حكومته، في وقت تتعدد الحكومات المحافظة في أميركا اللاتينيّة.

وكان مادورو هدد الأربعاء دول مجموعة ليما برد فعل انتقامي دبلوماسي إذا لم تتراجع عن موقفها في غضون 48 ساعة.

وكانت مجموعة ليما، باستشناء المكسيك، حضت بدعم من واشنطن في 4 يناير مادورو على التخلي عن ولايته الرئاسية الثانية ونقل سلطاته إلى البرلمان.

واعتبرت كراكاس ذلك تشجيعًا على انقلاب.

وأكد برلمان فنزويلا الذي أشاد بإعلان مجموعة ليما، السبت أنه يُمثل السلطة الشرعية الوحيدة وأعلن أنه سيشكل "حكومة انتقاليّة".

غير أن محللين يرون أنه من غير المتوقع حصول أي تغيير مع معارضة مقسمة ومتشظية وسكان يخافون الاحتجاج ويفضلون مغادرة البلاد.

وقالت مجموعة أوراسيا "لئن كانت بداية الولاية الثانية ستزيد من عزلة (الحكومة)، فإن من غير المرجح حصول تغيير جوهري في حركية السياسة الداخلية".

وفي مواجهة مخاطر مزيد من العزلة وتواصل العقوبات، عزز مادورو أكثر علاقاته مع حلفائه وبينهما إيران وكوريا الشمالية.

أ ف ب