يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، كلّاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، ويتوقّف في القدس الشرقية، التي تمثّل محور الصراع بين المعسكرين.

وماكرون، الذي دعي إلى إسرائيل للمشاركة الخميس، إلى جانب نحو 40 زعيماً آخر من حول العالم، لإحياء الذكرى 75 لإخلاء معسكر أوشفيتز النازي في بولندا، اختار الوصول قبل يوم لإجراء هذه المحادثات التي ستتناول بالخصوص الملف الإيراني الملتهب منذ اغتالت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني بغارة جوية في بغداد مطلع الشهر الحالي.

وسيلتقي الرئيس الفرنسي الأربعاء، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يليه لقاء يجمعه بالرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، وآخر مع رئيس هيئة الأركان الأسبق بيني غانتس، زعيم المعارضة ومنافس نتنياهو على رئاسة الحكومة. 

ويسعى ماكرون من خلال لقائه غانتس إلى تجنب الظهور بمظهر المنحاز إلى أحد المرشحين الرئيسيين في الانتخابات المقررة في الثاني من آذار/مارس المقبل.

في رام الله

وسيزور الرئيس الفرنسي الضفة الغربية المحتلّة، حيث سيلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مدينة رام الله.

وماكرون هو الوحيد من بين سائر رؤساء الدول الكبرى، الذين سيحضرون إلى إسرائيل هذا الأسبوع الذي سيزور رام الله.

وسيؤكّد ماكرون خلال لقائه مع عباس موقف فرنسا الثابت من حلّ الدولتين، وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل. 

وإذا كان الرئيس الفرنسي قد وعد بعيد تسلّمه مفاتيح الإليزيه بطرح خطة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فإنّ مثل هذه الفكرة لم تعد تراوده بتاتاً، ولا سيّما أنّ الولايات المتّحدة لم تطرح حتى اليوم خطتها لتحقيق السلام بين الطرفين.

وقال ماكرون للصحفيين الأسبوع الماضي: "لن أذهب وبجعبتي خطة سلام أفرضها على الطرفين. سأناقش معهما ونرى".

وحرص الإليزيه قبل زيارة سيّده إلى المنطقة على إرضاء كلا الطرفين، إذ انتقد "سياسة الأمر الواقع" التي تنتهجها إسرائيل في توسعتها للمستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلّتين، ووعد في الوقت نفسه بأن يكون خطاب ماكرون أمام نصب فاد ياشيم الخميس حادّاً جدّاً في رفض معاداة السامية.

ويعيش في الضفة الغربية والقدس الشرقية نحو 600 ألف مستوطن على أراضي الفلسطينيين الذين يبلغ تعدادهم نحو 3 ملايين فلسطيني. 

وترى الأمم المتحدة أن المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة من إسرائيل منذ العام 1967 غير قانونية، ويعتبر جزء كبير من الأسرة الدولية أنها تشكل عقبة كبرى في طريق السلام.

على خطى سلفيه

وعلى غرار سلفيه فرنسوا هولاند وجاك شيراك، سيغتنم ماكرون فرصة وجوده في القدس لزيارة كنيسة القديسة آن في القدس الشرقية. 

وهذه الكنيسة التي تملكها فرنسا ويعود تاريخ بنائها إلى القرن الثاني عشر تقع داخل أسوار البلدة القديمة، وسيزورها الرئيس الفرنسي برفقة ممثلين عن الطوائف المسيحية الذين سيجتمعون معه لاحقاً على مأدبة غداء. 

كما يمكن أن يتجوّل ماكرون في أحياء البلدة القديمة.

في العام 1996، رفض الرئيس الفرنسي جاك شيراك دخول الكنيسة إلى أن غادرها الجنود الإسرائيليون الذين رافقوه إليها. 

واعتذر بنيامين نتنياهو الذي كان رئيسا للوزراء حينها عن الحادثة. 

وسيجتمع ممثّلو نحو 40 دولة على مأدبة عشاء رسمية بدعوة من الرئيس الإسرائيلي بمناسبة الذكرى 75 لتحرير معسكر أوشفيتز بيركينو النازي. 

وأيد الرئيس الفرنسي الشهر الماضي تصويت الجمعية الوطنية الفرنسية على قرار غير ملزم يعتبر "معاداة الصهيونية شكلاً من أشكال معاداة السامية". 

ولقي تأييد الرئيس انتقاد بعض نواب الأغلبية والمعارضة وبعض المثقفين اليهود. 

وبعيداً عن مسألة القدس الشائكة، يعتزم الرئيس الفرنسي تسليط الضوء على الأهمية التي يوليها للجماعات المسيحية التي تدعمها فرنسا في إسرائيل.

وتحمي فرنسا في إسرائيل 40 إرسالية ناطقة بالفرنسية تقدّم لباريس وسيلة نفوذ ثمينة من خلال المدارس ودور الأيتام والمستشفيات التي تديرها، ولا سيّما في الأراضي الفلسطينية، بحسب الأب لوك باريت، مستشار الشؤون الدينية في القنصلية الفرنسية العامة في القدس.

وإذا سار ماكرون في الشوارع المكتظة بالمتاجر في البلدة القديمة، فهو سيلاحظ بدون شك الأعداد المتزايدة للمستوطنين اليهود الذين يسكنون في الطوابق العليا، كما يتّضح من الأعلام الإسرائيلية التي ترفرف من على شرفات منازلهم وسط الحي الإسلامي، بحسب الأب لوك.

وبالرغم من ذلك، يوجّه الإسرائيليون انتقادات عدة لماكرون؛ بسبب ارتفاع وتيرة الأعمال المعادية للسامية في فرنسا، وبسبب محاولاته لعب دور الوسيط بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيران التي تتهمها الدولة العبرية بالسعي إلى امتلاك أسلحة نووية.

أ ف ب