شنّ "تنظيم الدولة" الإرهابي المعروف بـ"داعش" الجمعة 3 هجمات انتحارية متزامنة استهدفت تجمعات للخارجين من الباغوز؛ ما تسبب بمقتل 6 أشخاص منهم على الأقل، وإصابة 3 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية.

وأفاد مدير المركز الإعلامي في قوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي في تغريدة "نفذ إرهابيو داعش 3 هجمات انتحارية متزامنة ضد العوائل والدواعش المستسلمين في 3 نقاط من المعبر الواصل إلى قواتنا".

وقال متحدث كردي جياكر أمد لوكالة فرانس برس، إن "انتحارياً اختبأ بين الخارجين وفجّر نفسه؛ مما أدى إلى مقتل 6 أشخاص من عائلات تنظيم داعش"، أثناء تجمعهم قرب الممرّ الذي استحدثته قوات سوريا الديمقراطية لخروجهم من الجيب المحاصر.

وفي الوقت ذاته، أقدم انتحاريان آخران وفق أمد، "على تفجير نفسيهما في المعبر قرب نقاط تمركز قواتنا"، مما تسبب بإصابة 3 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية بجروح طفيفة.

وتُعدّ هذه أول مرة يستهدف فيها التنظيم، الذي يعتمد على الهجمات الانتحارية، تجمعات للخارجين من جيبه المحاصر بعدما كان شنّ الأربعاء هجومين مضادين تخللهما 8 هجمات انتحارية ضد مواقع لقوات سوريا الديمقراطية.

وخرج الجمعة "المئات من مقاتلي داعش وعائلاتهم"، وفق أمد، من جيب التنظيم، وهو عبارة عن مخيم عشوائي محاط بأراض زراعية تمتدّ حتى الحدود العراقية على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.

ومنذ مطلع الأسبوع، أحصت قوات سوريا الديمقراطية خروج أكثر من 4 آلاف شخص غالبيتهم من المقاتلين، بعدما استأنفت هجومها الهادف للقضاء على التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة "الخلافة " على مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تعادل مساحة بريطانيا.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية أبطأت وتيرة عملياتها العسكرية منذ الخميس، إفساحاً في المجال أمام خروج المزيد من المحاصرين.

وأفادت صحفية في فرانس برس في الباغوز خلال ساعات النهار عن هدوء نسبي خرقته أصوات طلقات نارية وقذائف متقطعة بالإضافة إلى تحليق كثيف لطائرات التحالف الدولي بقيادة أميركية.

وشاهدت أثناء وجودها على بعد عشرات الأمتار من جيب التنظيم، خيماً وسيارات محترقة من دون رصد أي حركة للإرهابيين والمدنيين بخلاف ما كان الحال عليه قبل نحو أسبوع. وليس واضحاً ما إذا كان ذلك يعود إلى تراجع عدد المحاصرين مع "استسلام" الآلاف خلال الأيام الماضية أو بسبب اختبائهم في خنادق حفروها.

 وأزيلت راية التنظيم السوداء عن مبنى كانت مرفوعة عليه قبل أيام.

وعملت قوات سوريا الديمقراطية منذ ليل الخميس على تعزيز مواقعها حول الجيب المحاصر في وقت لا تملك تصوراً واضحاً عن عدد مقاتلي التنظيم المتبقين.

وأوضح أمد "لا نستطيع أن نقول المئات أو الآلاف"، مضيفاً "من بقوا في الداخل لديهم عقيدة قوية، فداعش ليس منظمة عادية، ويضم انتحاريين كثر سيقاومون حتى النهاية".

وفي الأسابيع الأخيرة، علّقت هذه القوات مراراً هجومها ضد جيب التنظيم، ما أتاح خروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال من أفراد عائلات المقاتلين، وبينهم عدد كبير من الأجانب.

وعلى وقع التقدم العسكري لقوات سوريا الديمقراطية التي بدأت عملياتها العسكرية في المنطقة ضد الإرهابيين في سبتمبر، خرج أكثر من 61 ألف شخص منذ ديسمبر من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم في شرق سوريا، قبل أن يُطرد منها تباعاً.

وتمّ نقل الرجال المشتبه بأنهم إرهابيون إلى مراكز اعتقال، فيما أرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرق البلاد أبرزها مخيم الهول الذي بات يؤوي أكثر من 66 ألفاً.

وأعلنت باريس الجمعة إعادة 5 أطفال من "اليتامى أو المفصولين عن أسرهم، وتبلغ أعمارهم 5 سنوات أو أقل"، كانوا في مخيمات للنازحين تديرها قوات سوريا الديمقراطية.

وكانت فرنسا أعلنت في وقت سابق أنها تدرس احتمال إعادة عشرات الأطفال المتحدرين من عائلات فرنسية، وكانوا في مناطق سيطرة التنظيم في شرق سوريا.

وأقرّ التنظيم بمقتل الإرهابيين الفرنسيين الشقيقين فابيان وجان ميشال كلان جراء ضربات للتحالف، وفق ما أوردت مجلة النبأ الدعائية التابعة للتنظيم في عدد صدر الخميس، ونقلته حسابات إرهابية على تطبيق تلغرام.

ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.

وتشكل جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ الجمعة عامه التاسع، مخلفاً أكثر من 370 ألف قتيل، بينهم ما يزيد عن 112 ألف مدني في 2018، وفق حصيلة نقلها المرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس الجمعة. ومن بين القتلى المدنيين أكثر من 21 ألف طفل و13 ألف امرأة.

وتعد هذه الحصيلة السنوية الأدنى منذ اندلاع النزاع بعد تراجع المعارك على جبهات عدة. وباتت القوات الحكومية السورية تسيطر راهناً على نحو ثلثي مساحة البلاد بعدما تمكنت من حسم جبهات عدة على حساب فصائل معارضة وإرهابية، بفضل دعم حلفائها ولا سيما روسيا منذ بدء تدخلها العسكري في سبتمبر 2015.

وألحقت الحرب السورية منذ اندلاعها دماراً هائلاً في البلاد تقدر كلفته بـ400 مليار دولار، ودفعت ملايين السكان إلى النزوح أو التهجير.

المملكة + أ ف ب