منيت جهود إحلال السلام في أفغانستان بنكسة كبرى الجمعة، مع الإعلان عن إرجاء لقاء مهم بين حركة "طالبان" ومسؤولين من الحكومة الأفغانية إلى أجل غير مسمى، فيما عبرت واشنطن عن خيبة أملها داعية الطرفين إلى إعادة النظر بهذا القرار.

وكان يفترض أن تعقد جلسة الحوار الأفغاني في الدوحة في نهاية الأسبوع، لكنها أرجئت في اللحظة الأخيرة بسبب خلاف حول العدد الكبير من الموفدين الذي تريد كابول إرساله.

ويأتي انهيار المحادثات في وقت حساس وسط استمرار أعمال العنف، بينما تسيطر حركة طالبان حاليا على نحو نصف أراضي أفغانستان، فيما قتل 3804 مدنيين السنة الماضية، بحسب حصيلة الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من أن الطرفين المعنيين لم يصدرا بيانات رسمية، أعلن رئيس المنظمة التي تستضيف المحادثات في الدوحة أن الأمور خرجت عن مسارها بسبب خلاف حول حجم، وطريقة تشكيل الوفود المشاركة.

وقال سلطان بركات من مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني "هذا التأجيل المؤسف ضروري لبناء إجماع أكثر حول من يجب أن يشارك في المؤتمر". وأضاف "من الواضح أن الوقت الملائم لم يأت بعد" لإجراء مثل هذا اللقاء رغم "الجهود الكثيفة والنوايا الحسنة" من قبل الطرفين.

وكانت إدارة الرئيس الأفغاني أشرف غني أعلنت الثلاثاء عن قائمة بـ 250 شخصا يمثلون كل القطاعات في أفغانستان، وبينهم شخصيات حكومية، للمشاركة في ما أطلق عليه اسم الحوار الأفغاني الداخلي الذي كان يفترض أن يبدأ السبت في الدوحة.

لكن طالبان سخرت من هذه القائمة الطويلة، ووصفتها بأنها غير "طبيعية". وقالت، إن لا "خطط لديها" للقاء هذا العدد الكبير من الأشخاص بحسب بيان صادر عن الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد. وقال البيان، إن المؤتمر "ليس دعوة إلى حفل زفاف، أو احتفال آخر في فندق في كابول".

وكانت طالبان التي تعتبر غني وحكومته دمية بأيدي الولايات المتحدة قد أصرّت أيضا على عدم قبولها التفاوض مع كابول مباشرة في المؤتمر.

وأي اتصال بين الطرفين في الدوحة كان ليشكل تقدما مهما في جهود السلام خصوصا؛ لأن البلاد تشهد موجة عنف جديدة بعدما أعلنت حركة طالبان عن إطلاق هجوم الربيع السنوي.

وحمل مسؤولو كابول، الحكومة القطرية مسؤولية فشل المحادثات. وفي بيان أعلن القصر الرئاسي الأفغاني أن قطر رفضت اللائحة الطويلة من الموفدين، واقترحت لائحة أقصر ما يعتبر "أمرا غير مقبول".

خيبة أمل أميركية

أعرب المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد عن "خيبة أمله لتأخير الحوار الأفغاني الداخلي". وكتب على تويتر "نحن على اتصال مع كل الأفرقاء، وشجعنا الجميع على أن يبقوا ملتزمين بالحوار".

وأضاف "أحض كل الأطراف على انتهاز الفرصة، وإعادة الأمور إلى مسارها بالاتفاق على قائمة بالمشاركين تمثل كل الأفغان".

وتجري الولايات المتحدة مفاوضات سلام ثنائية منفصلة مع طالبان في الدوحة كجزء من الجهد الذي تبذله منذ شهور للتوصل إلى اتفاق سلام.

وتسعى واشنطن إلى الخروج من أطول حرب في تاريخها عبر هذه المفاوضات التي أطلقتها الصيف الماضي. وكانت الجولة الأخيرة من المحادثات الثنائية انتهت في قطر في مارس.

وقال المحلل مايكل كوغلمان من مركز ويلسون في واشنطن إن تأجيل المحادثات يدل على الطريق الصعب أمام السلام. وأوضح لوكالة فرانس برس أن "الفوضى بشأن المؤتمر، وعدم التمكن من عقده يدل إلى أي حد الطريق صعب وطويل من أجل تحقيق عملية المصالحة".

وأضاف "إذا كان حدث قدِم على أنه لقاء غير رسمي من أجل كسر الجليد بين الطرفين سبب هذا القدر من المشاكل، تصوروا ما يمكن أن يحصل حيث يأتي الوقت لتنظيم أمر يرتدي طابعا رسميا أكبر".

أ ف ب