أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة تلفزيونية بثّت الأحد أنّه تمّ إطلاعه بالتفصيل على مضمون تسجيل صوتي "رهيب" يوثّق جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول، إلاّ أنّه رفض الاستماع إليه شخصياً لأنّ مضمونه "عنيف جداً".

وكان ترامب قال السبت إنّ الولايات المتحدة ستعلن مطلع الأسبوع المقبل خلاصة نهائية بشأن قضية خاشقجي، بعدما ذكرت تقارير أنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) تحمّل مسؤولا سعوديا كبيرا الوقوف وراء هذه الجريمة.

وقال ترامب في مقابلة مع "فوكس نيوز" أجريت الجمعة وبثّت الأحد "لدينا التسجيل، لا أريد أن أستمع إليه (...) لأنه تسجيل لمعاناة، إنّه تسجيل رهيب".

وأضاف "تمّ إطلاعي بشكل كامل (على فحوى التسجيل)، ليس هناك أيّ سبب كي أستمع إليه (..) أعرف تماماً ما حصل (...) كان أمراً عنيفاً جداً ووحشياً جداً وفظيعاً".

وبحسب صحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" فإنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" خلصت إلى أنّ مسؤولا سعوديا كبيرا هو من أمر بقتل خاشقجي.

وغيّرت السعودية مرارًا روايتها الرسميّة لما حصل مع خاشقجي بعد أن دخل إلى قنصليّتها في إسطنبول في 2 أكتوبر ولم يخرج منها، وفي بادئ الأمر نفت الرياض أيّ معرفة لها بمكان وجود خاشقجي، قبل أن تعلن لاحقاً أنّه توفي من جراء شجار و"اشتباك بالأيدي" عقب خلاف بينه وبين أشخاص التقاهم في القنصلية.

   حليف جيد جداً

وذكّر ترامب بأنّ الولايات المتحدة فرضت عقوبات مالية على مسؤولين سعوديين، مشدّداً على أنّ المملكة حليف "جيد جداً" لبلاده.

في منتصف نوفمبر، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّه أطلع كلاً من الرياض وواشنطن وباريس وبرلين على تسجيلات صوتية بشأن جريمة قتل خاشقجي.

وأكّد اردوغان مراراً أنّ الأمر بقتل خاشقجي صدر من "أعلى المستويات في الحكومة السعودية". 

ولدى سؤاله عمّا إذا كان سيُقدم على خطوات في الكونغرس الأميركي لوقف المساعدة التي تقدّمها الولايات المتحدة للتحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن أو لتعليق مبيعات الأسلحة إلى المملكة، قال ترامب "أريد أن أرى إنهاء (الحرب) في اليمن"، لكنّ "يداً واحدة لا تصفّق" و"على إيران أن توقفها أيضاً". 

وأضاف "أريد أن توقف السعودية (الحرب) لكن أريد أن توقفها إيران أيضاً".

وكانت الولايات المتحدة دعت إلى وقف إطلاق النار في اليمن وإجراء محادثات سلام لإنهاء الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات وسط احتجاجات دولية متصاعدة إزاء الخسائر البشرية الضخمة في صفوف المدنيين من جراء الضربات الجوية.

والأسبوع الماضي، أوقفت الطائرات الأميركية تزويد طائرات التحالف الذي تقوده السعودية بالوقود في الجو، ووصف وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس ذلك بأنه قرار سعودي.

بدأت حرب اليمن في 2014 بين المتمرّدين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة اليمنية، بينما تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

   تقرير كامل

وكان ترامب تطرّق في تصريح للصحافيين في ماليبو بولاية كاليفورنيا حيث تفقّد الأضرار الناجمة عن حرائق الغابات إلى قضيّة خاشقجي، معلناً أنّ "تقريرا كاملاً" حول "من فعل ذلك" سيصدر بحلول الإثنين أو الثلاثاء. 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت في وقت سابق إنّ التقارير التي تحدّثت عن توصّل الولايات المتّحدة إلى خلاصة نهائية بشأن القضية "غير دقيقة". 

وأضافت "لا تزال هناك أسئلة عدّة بلا أجوبة في ما يتعلّق بقتل خاشقجي. إنّ وزارة الخارجية ستواصل السعي للحصول على كل الوقائع المتّصلة بذلك".

وتابعت أنّ بلادها ستُواصل مساعيها الرامية للتوصّل إلى الحقيقة وستعمل مع دول أخرى لمحاسبة المسؤولين، وأضافت "سنقوم بذلك مع الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية المهمّة بين الولايات المتحدة والسعودية".

وخيّمت جريمة قتل خاشقجي والضجّة الدوليّة التي أثارتها على العلاقات بين واشنطن وحليفتها التاريخية الرياض، التي تحاول طيّ هذا الملف. 

وأشارت آخر رواية قدّمتها النيابة العامة السعودية الخميس بشأن حيثيات الجريمة إلى أنّ فريقاً من 15 عنصرًا توجّه لإعادة خاشقجي إلى السعودية "بالرضا أو بالقوة" إلى المملكة لكنّ التفاوض مع الصحافي أثناء وجوده في القنصلية تطوّر إلى "عراك وشجار وتقييد وحقن المواطن المجني عليه بإبرة مخدّرة بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته".

وبعد مقتل خاشقجي "تمت تجزئة" جثته "من قبل المباشرين للقتل وتم نقلها إلى خارج مبنى القنصلية"، وتسليمها إلى "متعاون" لم تحدّد هويته، بحسب النيابة العامة السعودية.

وهذه المرة الأولى التي تؤكّد فيها السعودية أنّ جثة خاشقجي، التي لم يعثر على أي أثر لها حتى الآن، تمّ تقطيعها في داخل القنصلية يوم مقتله.

أ ف ب