قال مسؤول فلسطيني وسكان محليون في الأغوار الشمالية في الضفة الغربية المحتلة إن هناك محاولات متزايدة من قبل مستوطنين للاستيلاء على مساحات واسعة من مناطق رعي في سفوح شرقية محاذية للحدود مع الأردن.

ووسط جبال خضراء وتلال وسهول تتخللها جداول ماء ترعى فيها أعداد كبيرة من الماشية والأبقار يمكن مشاهدة بؤر استيطانية جديدة أقيمت في هذه المنطقة التي بدأ الاستيطان فيها مبكرا بعد احتلال الضفة الغربية مباشرة عام 1967.

وقال وليد عساف، رئيس هيئة مقاومة الجدار والإستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية "منطقة الأغوار الشمالية ثاني منطقة استراتيجية بعد القدس في مخططات استيطانية لحكومة الاحتلال".

وأضاف في مقابلة مع رويترز "الأغوار الشمالية تمثل الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية وهي إحدى قضايا الحل النهائي لأنها تمثل قضية الحدود الخارجية للدولة الفلسطينية". وأوضح عساف أن الفترة الماضية شهدت "إقامة خمس بؤر استيطانية في مناطق شاسعة مما يشير إلى تجدد الهجمة الاستيطانية على منطقة الأغوار".

ويخشى سكان المنطقة من أصحاب مواشي وأبقار أن تحرمهم هذه البؤر الجديدة من الوصول إلى مناطق رعي اعتادوا عليها.

وتقيم عشرات العائلات الفلسطينية وسط جبال وتلال وسهول ممتدة عشرات الكيلومترات على الحدود الشرقية للضفة الغربية يمكن للسكان فيها مشاهدة منازل أردنيين على الجانب الآخر من الحدود التي تفصلها أسلاك شائكة عن معسكرات للجيش الإسرائيلي.

لكن ما كان متاحا من هذه المناطق قبل سنوات أو أشهر لم يعد كذلك اليوم مع إقامة بؤرة استيطانية جديدة تغلق أمامهم مساحات من هذه المناطق التي يسيطر عليها المستوطنون.

وقال محمد أيوب صاحب مواش يسكن في منطقة الحمة في الأغوار وهو يشير إلى تلة مجاورة أقيمت عليها بؤرة استيطانية "اليوم لا يمكننا الوصول إلى ذلك الجبل.. إنهم يضيقون علينا".

وأضاف أيوب الذي يقيم في هذه المنطقة منذ عقود في بيت من الصفيح "حضر المستوطن إلى المنطقة وقبل أن يقيم بركس (حظيرة) لأغنامه تم إيصال الكهرباء وشق طريق له".

وقال إن "الهدف ليس إيجاد مرعى لأغنام المستوطن وإنما السيطرة على الأرض وطردنا منها".

ويجزم أيوب "أن هذه البؤرة ستتحول إلى مستوطنة بل أنها أصبحت مستوطنة يأتي إليها عدد من المستوطنين ويحميها الجيش".

ورفضت (كوجات)، وهي الوكالة المسؤولة عن تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، التعليق على النشاط الاستيطاني في الأغوار. وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان (بتسيلم) "تفرض إسرائيل على الفلسطينيين البقاء ضمن بلداتهم التي ضاقت عليهم وتمنع منعا شبه تام البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة C".

ويضيف المركز على موقعه على الإنترنت "الإدارة المدنية ترفض على نحو شامل تقريبا إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين مهما كان نوع البناء".

ويوضح المركز الإسرائيلي أنه "عندما يبني الفلسطينيون دون ترخيص -لأنه لا خيار آخر لديهم- تصدر الإدارة المدنية أوامر هدم للمباني بعضها تنفذه فعليا. وحيث لا ينفذ أمر الهدم يُجبر السكان على العيش في انعدام يقين دائم".

وتشير معطيات (بتسيلم) إلى أنه "في الفترة ما بين 2006 وسبتمبر 2017 هدمت الإدارة المدنية 698 وحدة سكنية على الأقل في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار".

ويضيف المركز في بياناته "المباني التي هُدمت كان يسكنها 2948 فلسطينيا بينهم على الأقل 1334 قاصرا".

وأوضح أن منع البناء والتطوير الفلسطيني في منطقة الأغوار يمس على وجه الخصوص نحو عشرة آلاف فلسطيني "يسكنون في أكثر من 50 تجمعا سكانيّا (مضارب) في مناطق C".

وقال المركز " تسعى إسرائيل بشتى الطرق لترحيلهم عن منازلهم وأراضيهم".

وأضاف "تمنع السلطات هذه التجمعات من أية إمكانية للبناء القانوني وفق احتياجاتها وترفض ربطها بشبكتي الماء والكهرباء. يعتمد سكان تجمّعات على مياه أمطار قليلة تهبط هناك ويستخدمونها بعد تجميعها في آبار وعلى مياه تُنقل في صهاريج يشترونها من مقاولين في السوق الخاص".

وتوجد عشرات المستوطنات الإسرائيلية في منطقة الأغوار الشمالية أقيمت بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية والعديد منها تستغل مساحات واسعة من الأراضي وتسيطر على مصادر المياه ولديها نشاط زراعي كبير.

ووضعت إسرائيل العديد من الخطط، منها ما هو معروف باسم معدِّيها مثل خطة ألون وخطة دروبلس التي يمثل الاستيطان في الأغوار حجر أساس فيها، لكيفية السيطرة على المصادر الطبيعية والأرض ومنع قيام دولة فلسطينية تكون المنطقة الشرقية حدودها مع الأردن.

ورغم قبول فلسطينيين بوجود قوات دولية في هذه المنطقة بعد التوصل لاتفاق سلام نهائي مع الاحتلال الإسرائيلي ومنها قوات تكون تابعة لحلف شمال الأطلسي، إلا أن إسرائيل ترفض ذلك وتقول إن قواتها فقط هي من ستكون في هذه المنطقة.

وقال عدد من سكان المنطقة التي أقيمت فيها البؤر الاستيطانية الجديدة إنهم يتعرضون للملاحقة من قبل مستوطنين مسلحين برشاشات إضافة إلى الكلاب.

وقال المسنّ عبد دراغمة الذي يسكن في خربة السمرا التي يوجد في منطقة مقابلة لها معسكر كبير للجيش الإسرائيلي إن مستوطنا أقام بؤرة استيطانية على الجهة الأخرى المقابلة.

وأضاف "بدأ هذا المستوطن بالتضييق علينا أحيانا من خلال مهاجمة مواشينا بالحجارة أو إفلات الكلاب عليها ومرات يتصل بالجيش الذي يحتجز من يرعى الأغنام لساعات".

ودعا دراغمة أصحاب أراض في المنطقة إلى المحافظة على أراضيهم وزراعتها.

وقال "إذا نجح المستوطنون بإخراجنا من هذه الأرض فلن يتمكن أحد من الوصول إليها".

ويرى مهدي دراغمة رئيس مجلس محلي مضارب البدو في منطقة المالح التابعة للأغوار الشمالية أن "تجدد هجوم المستوطنين على منطقة الأغوار ومحاولة إقامة بؤر استيطانية جديدة يستدعى توفير دعم للسكان وتعزيز صمودهم".

وتعهدت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بمواصلة تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.

وقال نتنياهو في تغريدة له يناير الماضي خلال مشاركته في زراعة أشجار في تجمع غوش عتصيون الاستيطاني في الضفة الغربية "لا أحد سيقتلعنا من هنا".

رويترز