يقوم الأردن بدور دبلوماسي "محوري واستثنائي" في محاولة تحفيز دول مانحة لتمويل خدمات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، التي تعاني نقصاً تمويلياً يهدد بإغلاق مدارسها في وجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة.

"الدبلوماسية الأردنية بذلت وتبذل جهوداً استثنائية ملتزمة وعالية تجاه دعم أونروا واستقرار وضعها المالي وتثبيت ولايتها وتعزيز خدماتها"، يقول الناطق الرسمي باسم أونروا، سامي مشعشع لقناة المملكة، بينما يلتقي وزير الخارجية أيمن الصفدي الأربعاء نظيره الأميركي مايك بومبيو في واشنطن لبحث ملف الوكالة المتعثرة مالياً.

"الجهود الأردنية لدعم أونروا مع الإدارة الأميركية والمجموعة الأوروبية وغيرهما مشكورة"، يضيف مشعشع، موضحاً أن الوكالة "ما زالت تواجه أزمة مالية طاحنة"، ومجدداً التحذير من خطر نفاذ أموال الوكالة في نهاية سبتمبر، إذ يبلغ عجزها في ميزانية 2018، 217 مليون دولار.

"أونروا اتخذت قرارها بفتح أبواب مدارسها الـ 711 أمام 525 ألف طالب وطالبة في مناطق عملياتها الخمس، بالرغم من أن خطر نفاذ الأموال في نهاية شهر أيلول المقبل ما زال ماثلاً وحقيقياً، وما لتأثير ذلك على خدماتنا الحيوية"، وفقاً لمشعشع.

الوضع المالي الحرج الذي تمر به أونروا "يتطلب جهود كافة الأطراف للتعامل مع الأزمة المالية الأسوأ في تاريخ الوكالة، والتي تهدد الاستقرار والسلم وتضع مستقبل ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مهب الريح"، حسب مشعشع.

أزمة أونروا المالية تفاقمت بعد أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع العام الحالي تخفيض تمويل أونروا التي تقدم خدمات أساسية لأكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني، وحُول إلى الوكالة أقل من نصف التمويل السنوي البالغ 125 مليون دولار.

ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة في الأردن بحوالي مليوني شخص. وبدأت أونروا عملها في مايو 1950 بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم برامج إغاثة مباشرة وتشغيل لاجئي فلسطين، بعد عامين من إعلان إنشاء إسرائيل، أو عام "النكبة".

"قرار الإدارة الأميركية الحالية تخفيض تبرعاتها هو قرار سيادي، لكن تداعياته الصعبة تستوجب العمل الحثيث على سياسات تمويلية جديدة، وما كان للنجاحات الكبيرة في هذا المضمار أن تحدث لولا جهود العديد من الدول وهنا يبرز الدور والجهد الأردني المميز، يبين مشعشع.

وكانت واشنطن تمول ما نسبته 35% من الموازنة السنوية لأونروا، وفق المدير السابق لدائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن، محمود العقرباوي.

العقرباوي يقول لـ "المملكة" إن الأردن "يتمتع بعلاقات دبلوماسية مميزة مع مختلف دول العالم وكان له وقفة صامدة في دعم أونروا عبر مراحل التعثر العديدة التي مرت بها."

"أعتقد أن الأردن قادر على تصويب مسارات دعم أونروا مع أوروبا والولايات المتحدة"، يضيف العقرباوي، متابعاً أن الأردن "يعمل على مواجهة خطر نقص التمويل الذي يهدد الرمزية السياسية لأونروا كمنظمة تحمل قضية اللاجئين والقضية الفلسطينية".

وقف الدعم الدولي لأونروا "حمّل الحكومة أعباء الخدمات التي تقدمها الوكالة"، في بلد يواجه تحديات مالية صعبة.

"الأردن يقوم بدور فعال للحيلولة دون تقليص خدمات أونروا الأساسية مثل التعليم واستشفاء اللاجئين في المستشفيات الحكومية وبرامج الإغاثة المالية والتموينية للأسر الأشد فقراً"، حسب المسؤول السابق.

عمر قراقيش، نائب رئيس لجنة فلسطين النيابية، طالب الدول المانحة بضخ المزيد من الأموال للوكالة.

"موقف الأردن واضح تجاه ضرورة استمرار الدعم لأونروا كي تتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات التعليمية والصحية للاجئين"، يقول قراقيش.

"لم يعمل المجتمع الدولي على حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بعودتهم إلى ديارهم، لذا حكماً وإلزاماً على المجتمع الدولي أن لا يقلص الخدمات المقدمة لهم إلى حين حل المشكلة"، وفقاً للنائب.

قراقيش دعا الولايات المتحدة إلى "عدم ربط المساعدات التمويلية لأونروا بمطالب سياسية ... كما لا يجوز التهديد بوقف المساعدات، لأن حقوق اللاجئين ملزمة إنسانياً".

وحول لقاء الصفدي مع نظيره الأميركي، يقول قراقيش إن الوزير الأردني "يحمل رسالة ملكية وشعبية أردنية إلى الولايات المتحدة تدعو إلى ضرورة استمرار المساعدات والدعم لأونروا."

"يوجد في الأردن 16 مخيماً للاجئين الفلسطينيين تشرف أونروا على تقديم الخدمات لهم، ووقف المساعدات والخدمات للاجئين سيعمل على تحميل الأردن أعباء لا يستطيع تحملها وسيؤثر سلباً على أجيال من اللاجئين يعتمدون على خدمات الوكالة"، وفق قراقيش.

"وقف خدمات الوكالة سيسهم في ضياع أجيال ... أونروا تحتاج نحو 600 مليون دولار سنوياً لتمويل خدماتها الإغاثية للاجئين الفلسطينيين في مناطقها الخمس"، يحذر قراقيش.

المملكة