عرض قاضي القضاة الشيخ عبد الكريم الخصاونة أبرز التعديلات التي تضمنها قانون الأحوال الشخصية الذي أقره مجلس الأمة الاثنين الماضي .

الخصاونة قال، "لتقييم الإنجازات التي تضمنها قانون الأحوال الشخصية لا بد من النظر إلى أن القانون الذي كان مدار نقاش في مجلس الأمة صدر مؤقتا عام 2010 وحل محل قانون عام 1976".

وأضاف أن "القانون المؤقت تضمن تطويرا كبيرا وعميقا على منظومة الأحوال الشخصية تمت بتوافق وطني كبير".

وأوضح الخصاونة أنه "لاستكمال القانون لمراحله الدستورية عرض على مجلس النواب، حيث ناقشته عدة لجان قانونية وأثرت محاوره إلى أن اعتمد من اللجنة القانونية بصيغته التي عرض بها على مجلس النواب، والتي مثلت إضافة مهمة على أحكام القانون، كما أضاف حزمة تطويرية متوافقة مع الأحكام الشرعية."

كما بين أن "مجلس النواب أقر القانون الأصلي مع التعديلات التي أدخلتها اللجنة، وأقر مجلس الأعيان 325 مادة من أصل 328 كما وردت من النواب، واحتجنا إلى جلسة مشتركة لإقرار المواد الثلاث المختلف عليها ."

وأضاف أن "اختزال هذا الجهد الوطني الكبير والإنجاز المهم للأسرة الأردنية بالموضوعين المختلف عليهما فيه إجحاف لهذا الإنجاز وهذه الرؤية وهضم لجهود كل من شارك فيه من الحكومة ومجلس النواب ومجلس الأعيان وكل من قدم رأيا فيه من مؤسسات وعلماء وأساتذة وأفراد، حيث كان الهدف تحقيق المصلحة الوطنية وإعلاء شأنها، مشيرا إلى أن من حق المواطن وكل من تابعنا خلال الأيام الماضية أن نعرض عليهم مفردات وتفاصيل هذا الإنجاز الوطني في هذه المرحلة لحين استكمال القانون مراحله الدستورية".

وأشار إلى أن القانون "احتوى على 328 مادة، في حين كان قانون الأحوال الشخصية المعمول به عام 1976 يتكون من 187 مادة فقط، ما يعني زيادة موضوعية ظاهرة في القانون الجديد شملت جميع مسائل الأحوال الشخصية والتي لم يكن منصوصا عليها. وقال، إن المادة 106 من الدستور التي تنص على أن المحاكم الشرعية تطبق في قضائها أحكام الشرع الشريف كانت مظلة الجميع عند نظر وإقرار هذا القانون، هذه المظلة التي حافظت عليها الأمة وقيادتها الهاشمية التي تنتسب إلى العترة النبوية الشريفة خير أنساب أهل الأرض، اذ استمدت كامل أحكام القانون من الشريعة الإسلامية بمذاهبها المختلفة دون الالتزام بمذهب بعينه على أساس الاختيار القائم على رجحان الدليل وتحقيق المصلحة الظاهرة المتفقة مع مقاصد الشريعة وبما يتفق وحاجة العصر وتطور الزمان."

كما "روعي في القانون الاستفادة من التقنيات والوسائل العلمية الحديثة ومواكبة روح العصر ومستجدات الحياة."

وأوضح أنه "كان من منطلقات هذا القانون وفلسفته وغاياته الموازنة بين المصالح المشروعة الثابتة لأفراد المجتمع ، والملاءمة بينها، للمحافظة على الأسرة بكل مكوناتها وخاصة حقوق المرأة والطفل بوجه خاص".

وتطرق قاضي القضاة لـ"أبرز ما تضمنته التعديلات التي أدخلها مجلس النواب وأقرها مجلس الأعيان مثل التوسع في التقنيات الحديثة في موضوع إثبات النسب وإعطاء صلاحيات أوسع للمحاكم الشرعية لاعتماد فحص (DNA) لهذه الغاية وذلك لمعالجة حالات لم يكن بالإمكان معالجتها وفق النص النافذ وتحقيق مصلحة الطفل في إثبات نسبه ومع الإشارة إلى أن اعتماد هذه الفحوصات لم يكن ممكنا وفق قانون 1976".

وأشار إلى أنه "في بعض مسائل الميراث الاجتهادية، أجريت تعديلات على القانون تأتي انسجاما مع تعدد المعايير التي أقرتها الشريعة في طريقة التقسيم الإرثي، وهي درجة القرابة وقوة القرابة ونوعيتها، إضافة الى معيار الأنوثة والذكورة، وفقا لمذاهب معتبرة في الشريعة الإسلامية، وللتأكيد على أن موضوع الميراث لا يعتمد كما يعتقد الكثيرون على معيار الذكورة والأنوثة فقط".

وأشار إلى أن من "هذه التعديلات التي عززت حق المرأة في الميراث - هذا الحق الذي راعته الشريعة وحرمت الاعتداء عليه - تغيير آلية التقسيم الإرثي لذوي الأرحام (وهم غير أصحاب الفروض والعصبات) وذلك باعتماد قاعدة التساوي بين الذكر والأنثى حيث كان النص النافذ قبل التعديل يعتمد معيار المفاضلة في القسمة بين الذكر والأنثى".

وقال، في الباب ذاته ووفقا للفلسفة ذاتها "تم تعديل النص المتعلق بحصة الزوجة أو الزوج في الميراث إذا كان في التركة فائض بعد أخذ أصحاب الفروض أنصبتهم، حيث كان هذا الفائض يقسم بين الورثة ولا تأخذ الزوجة أي حصة منه، ولمقتضيات حفظ حق الزوجة تم التعديل والأخذ بالرأي الفقهي المعتبر الذي يمنح الزوجة والزوج حصة من الفائض في التركة كغيرها من الورثة".

و"لتطبيق معايير بمستوى أعلى تنسجم مع الرؤية المحققة لمصلحة الطفل وحقه في التواصل مع كلا والديه، أكد الخصاونة أنه تم إقرار مبدأ مبيت الطفل عند غير الحاضن سواء أكان أبا أم أما وذلك إذا بلغ الطفل سن 7 سنوات ولمدة 5 ليال مجتمعة أو متفرقة لمراعاة أوقات العطل والمناسبات والأعياد، كل ذلك إضافة على الحقوق المترتبة للطفل في الرؤية والاستزارة والاصطحاب وحقه بالتواصل مع غير الحاضن من والديه عبر وسائل التواصل الحديثة بمختلف أنواعها مراعاة لتطور الزمان وخاصة إذا كان الأب أو الأم خارج البلاد أو في مسافة تبعد عن الصغير."

وتضمن التعديل الأخير "حذفا للفقرة التي تضع سقفا للحضانة عند اختلاف الدين بين الطفل وأمه، حيث كان منتهى حقها في الحضانة وفق النص بلوغ الطفل 7 سنوات حيث ألغيت هذه الفقرة من القانون وترك الأمر للقواعد العامة للحضانة أسوة بغيرها من الحاضنات ووفقا لما تقتضيه مصلحة الطفل وهذا تأسيسا على قواعد المذهب المالكي أحد مصادر هذا القانون، مشيرا إلى أن التعديل الأخير رفع المدة التي تفرض فيها أجرة للحاضنة على قيامها بحضانة طفلها من 12 سنة إلى بلوغ الصغير 15 سنة الذي هو سن الحضانة وذلك لتمكين الحاضنة من القيام على شؤون المحضون".

وبين أن "من أبرز التعديلات التي تمت، مراعاة الواقع المعيش، موضحا أنه أضيف نص يمنع وقوع الطلاق من الزوج إذا كان متعاطيا لأي مادة من المؤثرات العقلية سواء أكانت لغايات دوائية أو غيرها مما يشهده مجتمعنا من سلوكيات وذلك للحفاظ على الأسرة من التفكك وعدم اجتماع ضررين عليها."

وقال إنه "للتسهيل على الحاضن فقد منحه التعديل الأخير الحق بالتمثيل القانوني عن المحضون في قضايا الرؤية والاستزارة إضافة لقضايا النفقات والحضانة بمختلف أنواعها دون الحاجة لأي إجراءات قضائية أو إدارية إضافية".

وحول أحكام نفقة الزوجة المحبوسة، قال إن "المجلس أدخل تعديلا لحفظ حقها في النفقة بأن اشترط أن لا تسقط نفقتها إلا إذا حكمت استنادا لجريمة جزائية ارتكبتها وبحكم قطعي وبشرط أن لا يكون يد للزوج في حبسها".

وبشأن موضوع المادة 10 التي تحدد سن أهلية الزواج فالأصل "اعتماد سن 18 سنة كاملة حيث كان سن الزواج 15 سنة قمرية في قانون 1976، ولأن القانون يراعي وجود الحالات الخاصة والظروف المجتمعية المختلفة فقد أجاز زواج من أكمل الخامسة عشرة إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة بمقتضى تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية، ومنع الزواج مطلقا دون هذا الحد الأدنى، بل وغلظ العقوبة عليه لتصل إلى الغرامة والحبس".

وأكد أن القانون الزم "إصدار هذه التعليمات وفق الضوابط الواردة في المادة، مشيرا إلى أنه لضمان تحقيق الهدف تقوم دائرة قاضي القضاة بمراجعة مستمرة للتعليمات، حيث عدلت 3 مرات كانت في كل مرة تضع مزيدا من الضوابط والاشتراطات وتقيد السلطة التقديرية للقاضي، وكانت آخر التعليمات تلك التي صدرت عام 2017 وطبقت عام 2018 واشترطت أن تمر الموافقة بمراحل ومستويات عدة ودراسات اجتماعية وليس بقرارات فردية".

وأكد أن "التعليمات الجديدة أثبتت نجاعتها، حيث انخفض رقم زواج الفئة بمعدل 25% عن العام السابق وبلغت نسبة الزواج لكل الفئات العمرية لمن بلغ سن 16 ولم يتم سن 18 للأردنيات 2.9% فقط، وهي المرة الأولى في تاريخ التشريع الأردني الذي يعتمد فيه مجلس الأمة هذا المعيار بين الحالة الأصلية والاستثنائية، وهو تطور مهم في الإطار التشريعي الوطني".

ولفت إلى "التعديل الذي إضافه مجلس الأمة على القانون ولأول مرة في الأردن من الناحية التشريعية وهو إقرار مبدأ تأهيل المقبلين على الزواج لتمكين دائرة قاضي القضاة وشركائها من عقد البرامج التأهيلية والتثقيفية للمقبلين على الزواج، وجعلَ القانون ذلك اختياريا لمراعاة مختلف الظروف وبحيث تصدر تعليمات لاحقة لتنظيم ذلك".

وقال إن "من النقلات النوعية والتطور في مسار حقوق المرأة على وجه الخصوص، اعتماد مجلس الأمة وإقراره لإنشاء صندوق تسليف النفقة، الذي كان أمنية للكثيرين، معتبرا هذا الإقرار انجازا مهما في القانون".

وقال "إننا ننظر إليه كواحد من آليات متعددة اعتمدتها الدولة ضمن حزمة الأمان الاجتماعي ومن أطر حماية الحقوق وحفظ كيان الأسرة وخاصة حقوق المرأة والطفل فيها، بحيث يتم بموجب أحكام الصندوق الوفاء بحاجات المحكوم لهم بالنفقة، مشيرا إلى أن قطاعا من النساء يعانين بعد حصولهن على أحكام النفقة الخاصة بهن وبأولادهن من عدم القدرة على تحصيل النفقة فعليا بسبب غياب المحكوم عليه وعدم وجود أموال له يمكن التنفيذ عليها أو بسبب إعساره وعدم قدرته على دفع النفقة". 

وأوضح الخصاونة أن "الصندوق يتولى بذلك ووفق إجراءات معينة مبسطة الوفاء بالمبلغ المحكوم به ومن ثم يتولى التحصيل من المحكوم عليه، مؤكدا أن الصندوق بدأ بعملية التسليف وصرف المبالغ والحكومة تقوم برفد الصندوق بالمبالغ المالية المطلوبة ضمن قانون الموازنة العامة حيث تخصص له سنويا نحو مليون ونصف مليون دينار".

بترا