قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للأردن، مارتن سيريسولا، الأربعاء، إن معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول كان متوافقا مع توقعات الصندوق.

وأضاف في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية، بترا، عبر الهاتف من واشنطن: "لا نرى أي دليل أو إشارات على أن الاقتصاد بوضع صعب، وفي الحقيقة فإن المؤشرات التي رصدناها تعكس التحسن في البيئة، وانخفاض التضخم لا يعكس تراجعا في الطلب بل يعكس التراجع في الأسعار العالمية بما فيها الغذاء".

وأشار سيريسولا إلى أن مجلس الصندوق وافق على تمديد البرنامج الحالي (التسهيل الممتد) 7 شهور إضافية تنتهي في آذار/مارس 2020، حيث ستبدأ المملكة بالتفاهم مع الصندوق على برنامج جديد لم تبدأ المشاورات حوله ولم تتضح معالمه بعد.

وحول الانتهاء من المراجعة الثانية للأداء الاقتصادي الأردني، قال سيريسولا: "أصبح لدى الأردن فرصة للتركيز على تنفيذ الإصلاحات والسياسات التي من شأنها المساعدة في تخفيض الدين العام، وخلق فرص العمل خصوصا للشباب والنساء، وتحقيق نمو شامل".

وأكّد أهمية إعطاء الأولوية لتدابير الحد من التهرب الضريبي، وتخفيض كلفة توظيف الأردنيين، وزيادة فرص العمل، وتنفيذ خريطة الطريق لإصلاح شركة الكهرباء الوطنية (نبكو) لتخفيض تكاليف الكهرباء المرتفعة على الشركات، مشدداً على أهمية استكمال الإصلاحات ببرنامج حماية اجتماعي جيد يكون موجهاً لحماية الطبقات الدنيا والمتوسطة.

وقال سيريسولا، "إن المراجعة الثانية تم اعتمادها، ولا سيما أن المملكة حافظت على الاستقرار في بيئة اقتصادية معقدة، وتحديات اقتصادية وسياسية. التوقعات ما زالت صعبة بسبب بقاء النمو (الاقتصادي) منخفضاً والبطالة مرتفعة والمنطقة ما زالت تعاني من التعقيدات".

وأكد أن "عام 2019 هو عام التنفيذ، عام العودة إلى تقليل عجز الموازنة"، مؤكداً أن قانون ضريبة الدخل الجديد يتم تطبيقه بفعالية، وإذا ما استمرت الحكومة في ذلك، فإنه سيمهد الطريق لمحاربة التهرب الضريبي، وهذا لا يساعد فقط في تخفيض العجز والدين العام، بل يساعد أيضاً في الإنفاق على التعليم والصحة بما يضمن زيادة مستوى الحياة للمواطنين.

رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للأردن بيّن أن الأردن ورغم أنه يواجه ظروفاً صعبة وتحديات ضاغطة، إلا أن هناك إشارات عديدة على التحسن في الأداء الاقتصادي تبعث على التفاؤل، لذلك تحتاج الحكومة إلى مواصلة الإجراءات الإصلاحية ليلمس إثرها المواطنون.

وأضاف سيريسولا في ضوء إقرار مجلس إدارة الصندوق لتقرير المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد الوطني، أن التحسن ظهر في ارتفاع الصادرات وزيادة الدخل السياحي وحوالات العاملين في الخارج.

وقال، إن "الوضع ما زال صعباً، وهناك تحديات تتطلب من الحكومة أن تمضي في تنفيذ الإصلاحات التي توافقت عليها مع البرلمان الأردني العام الماضي"، مؤكداً أن العام 2018 كان صعباً بشكل خاص، لكن في العام الحالي 2019، بدأ الأردنيون يرون علامات إيجابية على التحسن في الأداء الاقتصادي مثل ارتفاع إيرادات قطاع السياحة، وتحويلات العاملين والصادرات إلى العراق وبعض دول الخليج.

وأكد أنه مع التنفيذ المستمر والثابت للإصلاحات الضرورية، فإن مستويات المعيشة ستتحسن، مما يمكن الحكومة من إعادة توجيه الأموال إلى القطاعات ذات الأولوية مثل التعليم والصحة والبرامج الاجتماعية، مشيراً إلى أن الصندوق يعمل في الوقت نفسه بشدة على حث مجتمع المانحين لمواصلة دعم الأردن مالياً لمساعدته في مواجهة أزمة اللاجئين وجهود الإصلاح التي يبذلها.

وبين أن من "أهم التحديات ارتفاع نسبة البطالة لمستويات عالية"، مؤكداً أن البطالة المرتفعة ناتجة عن انخفاض في مستوى النمو الاقتصادي، وارتفاع كلفة التوظيف لدى الشركات، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي يتطلب بذل جهود حكومية حثيثة لتخفيض التكلفة، وإيلاء اهتمام أكبر لهذه الشركات وتوفير فرص العمل فيها.

وقال إن "التركيز على هذه القضايا (البطالة وإصلاح سوق العمل) يتحقق تدريجا مع تحسن في الظروف الخارجية، ومنها تحسن مستوى الصادرات الأردنية إلى العراق ودول الخليج العربي"، مؤكداً أن المضي في الإصلاحات، التي تم الاتفاق عليها، سيسهم في تحسن الأداء الاقتصادي في العام الحالي 2019 وفي العام المقبل، وأيضا في مستوى ظروف المعيشة.

وقال: "لست قلقا على معدل التضخم، رغم انه أقل من توقعات الصندوق، لذلك سنواصل مراقبة التضخم الذي نتوقع أن يعاود الارتفاع".

وحول أثر مؤتمر لندن على الاقتصاد الأردني، قال سيريسولا، إن المؤتمر حقق نجاحاً مهما حيال ضمان التزام المستثمرين الدوليين بالاستثمار في الأردن، ومن جهة الصندوق، تم القيام بدور مهم لجمع المانحين لتوفير الدعم للأردن والعامين الحالي والمقبل، والالتزام بمواصلته مستقبلاً.

وأضاف أن المؤتمر شهد مشاركة المدير العام للصندوق كريستين لاجارد، التي أدت دوراً مهماً في شرح الفرص والإجراءات التي ستقوم بها الحكومة الأردنية وخططها المستقبلية لضمان توفير المساعدات اللازمة للأردن.

وأشار إلى العوامل التي ستساعد وتدعم النمو، منها فتح الحدود مع العراق وتقليل كلفة الصادرات من ناحية النقل، وانخفاض مستوى أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة مقارنة بمستوى نهاية العام الماضي، كل ذلك في ظل ارتفاع قيمة تحويلات العاملين في الدول الأخرى، مشيراً إلى أن المواطنين "لا يمكنهم الاستمرار في الانتظار، يجب أن يروا تحسينات ملموسة، ولن تأتي هذه التحسينات فقط من تحسين البيئة والظروف، والتي هي خارج سيطرة المملكة، بل أيضا من إجراءات مباشرة وإصلاحات من الحكومة".

وأضاف أن هناك إجراءات تساعد، من خلال التشريعات التي تم إنجازها أخيراً رغم طول انتظارها، ومنها قانون ضمان القروض، وقانون الإفلاس وقانون التفتيش، في تنشيط الاقتصاد، "لكن إذا أردنا مدخلات للاقتصاد، يجب التعامل مع إصلاح نبكو، وإصلاح سوق العمل، على أنها ضرورة، حتى يشعر المواطنون بتحسن ملموس في مستوى الحياة".

وأشاد سيريسولا بالسياسة النقدية التي تعمل بشكل جيد في المحافظة على التوازن في دعم الاقتصاد وسعر الفائدة، وقال: أداء البنك المركزي الأردني مميز في بناء الاحتياطات ونمو حجم التمويل للقطاع الخاص، وتوفير خطوط تمويل خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها في تجاوز العقبات التي تواجهها المنطقة في الوصول إلى مصادر التمويل.

بترا