ظلت جبال اليمن موطنا لبعض من أفضل حبوب البن في العالم لمئات السنين.

واعتمدت تجارة القهوة، التي كانت تاريخيا واحدة من أهم السلع القيمة التي تُدر عائدا في اليمن، على البن اليمني إذ كانت تمر هذه التجارة عبر موانئ موكا، التي حصلت منها قهوة الشوكولاتة الشهيرة الآن على اسمها، على البحر الأحمر إلى أوروبا. ووفقا لموسوعة بريتانيكا، بدأت تجارة البن اليمني في القرن السادس عشر.

لكن بسبب استمرار الحرب والحصار على مدى سنوات، تراجعت تلك التجارة ومكانة البن كمنتج قيم للتصدير.

ووفقا لتقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) هذا العام، ينتج اليمن حاليا كمية صغيرة نسبيا من القهوة سنويا تقدر بنحو 20 ألف طن مقارنة مع 400 ألف طن تنتجها إثيوبيا.

وكشف التقرير أنه على الرغم من زيادة قيمة صادرات البن اليمني من 8.5 مليون دولار في 2016 إلى 17 مليون دولار في 2019، إلا أنها لا تزال قيمة منخفضة.

وقال رشيد شاجع، تاجر البن ومالك متجر دُرر "‏كمية الإنتاج للبن اليمني في إحصائيات الحكومية تقدر بسبعة عشر ألف طن ولكن ليست إحصائية دقيقة. نرى أنه في السنوات الأخيرة تم زراعة الكثير من مساحة البن وهذا يؤكد على زيادة الإنتاج في السنوات الأخيرة".

ولإحياء سمعة البن اليمني، يقوم العديد من المنتجين المحليين ورجال الأعمال بتجربة أنواع القهوة المختصة لرفع قيمته السوقية مرة أخرى.

ويقول مؤسسو متجر دُرر للقهوة المختصة، الذي يبيع حبوب البن والقهوة، إنهم يعملون للتأكد من أن منتجهم يتفق مع المعايير الدولية ويأملون في أن يقتحم الأسواق في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة.

وتشمل بعض جهودهم الحصول على أفضل أنواع الحبوب والتعاقد مع "سقاة قهوة" لاختبار التذوق واستخدام التعبئة الفاخرة.

وفي الوقت الذي يهدف فيه إلى زيادة الصادرات، قال شاجع إنهم يعملون أيضا على التوسع في السوق المحلية من خلال افتتاح المقاهي وتشجيع اليمنيين على استكشاف طرق جديدة لصنع القهوة.

وتابع "من ضمن جهود إعادة إحياء موروث وثقافة البن اليمني وربطها بالمعايير العالمية ‏تم افتتاح الكثير من المتاجر وكافيهات القهوة المختصة وعمل البن اليمني ذي الجودة العالية بمعايير عالمية هذا أدى إلى إقبال الناس وأيضا تجربتهم للعديد من الطرق التحضيرية سواء المنزلية أو في هذه الأماكن".

وذكر أحد سكان صنعاء أنه متحمس لرؤية علامات تجارية من القهوة المحلية تظهر في جميع أنحاء المدينة.

موظف يصب الحليب في فنجان قهوة في متجر درر للقهوة المختصة في صنعاء ، اليمن ، 31 أغسطس / آب 2022. (رويترز / خالد عبد الله)

وقال صالح الحدي "‏تعدد المشاريع التي فتحت مؤخرا وكانت الأسبقية موكا هنترز ‏عرفنا بأنواع البن اليمني بعدة أنواع منها البن الحرازي إلى الحواري إلى العديني إلى الحيمي فأصبح لدينا الآن نوع من الخبرة في اختيار نوعية البن ومذاقه".

لكن المنتجين المحليين يواجهون معركة شاقة في ظل التحديات العديدة الناجمة عن الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.

وقال بكر النصيري، مدير المزاد الوطني للبن اليمني "‏في الفترة الأخيرة غابت ثقافة شرب القهوة في اليمن وتحول الناس إلى الشاي ووجود مثل هذه المقاهي أولا يعني لها إيجابيات كثيرة جدا لأنها تعيد ثقافة القهوة كمشروب اجتماعي".

وتابع "الصادرات ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف طن بفعل الحرب كانت الحرب مؤثرا بشكل سلبي على الصادرات بسبب الحصار وكذلك بسبب ارتفاع كلف الشحن والإنتاج".

وانقسم اليمن بسبب الحرب الدائرة بين تحالف تقوده السعودية وجماعة الحوثي المتحالفة مع إيران. ويسيطر الحوثيون إلى حد كبير على الشمال وتتمركز الحكومة المعترف بها دوليا في الجنوب.

وتصمد إلى حد كبير هدنة بوساطة الأمم المتحدة بين التحالف والحوثيين منذ أبريل نيسان. وتبذل الأمم المتحدة جهودا لتمديد وتوسيع اتفاق الهدنة، الذي ينتهي في أوائل أكتوبر تشرين الأول.

رويترز