رأى الاتحاد الأوروبي الأحد أن الاستخدام "غير المتكافئ والمعمم" للقوة في حق المتظاهرين في إيران "مرفوض وغير مبرر" على خلفية احتجاجات متواصلة منذ تسعة أيام على وفاة شابة كانت موقوفة لدى شرطة الأخلاق، سقط فيها 41 قتيلا.

وفي تصريح باسم الاتحاد الأوروبي ندد مسؤول العلاقات الخارجية جوزيب بوريل كذلك "بقرار السلطات الإيرانية تقييد الوصول إلى الإنترنت بشكل صارم وتعطيل منصات الرسائل السريعة" ما يشكل "انتهاكا فاضحا لحرية التعبير".

عدم التساهل

ودعا رئيس السلطة القضائية في إيران الأحد، إلى "عدم التساهل" مع المتظاهرين بعد 9 أيام من الاحتجاجات في أنحاء البلاد على وفاة شابة أثناء توقيفها لدى الشرطة قُتل فيها 41 شخصا.

ووجّه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في وقت سابق الأحد سلطات إنفاذ القانون بـ"التعامل بحزم مع المخلين بالأمن العام واستقرار البلاد" وفق ما نقلت عنه وكالة "إرنا" بالعربية.

وشدد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي على "ضرورة التعامل بدون أي تساهل" مع المحرضين على "أعمال الشغب" حسبما ذكرت وكالة أنباء القضاء "ميزان أون لاين".

ونُظمت تظاهرات دعما للاحتجاجات في إيران السبت في دول عدة من بينها كندا والولايات المتحدة وتشيلي وفرنسا وبلجيكا وهولندا والعراق.

اندلعت الاحتجاجات في 16 أيلول/سبتمبر، يوم وفاة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران بتهمة "ارتداء ملابس غير لائقة" وخرقها قواعد لباس المرأة الصارمة في إيران.

وهذه الاحتجاجات هي الأوسع منذ تظاهرات تشرين الثاني/نوفمبر 2019 التي نجمت عن ارتفاع أسعار البنزين في خضم الأزمة الاقتصادية، وشملت حينها نحو مئة مدينة إيرانية وتعرضت لقمع شديد (230 قتيلاً بحسب الحصيلة الرسمية، وأكثر من 300 حسب منظمة العفو الدولية).

وتنفي السلطات أي تورط لها في وفاة مهسا أميني (22 عاما) المنحدرة من محافظة كردستان (شمال غرب). لكن منذ 16 أيلول/سبتمبر، يخرج إيرانيون غاضبون إلى الشوارع ليلا للتظاهر.

وبحسب حصيلة رسمية غير مفصّلة تشمل متظاهرين وعناصر أمن، قتل 41 شخصا. لكن الحصيلة قد تكون أكبر، إذ أعلنت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية ومقرها أوسلو عن مقتل 54 متظاهراً على الأقل في الحملة القمعية.

- مسيرة داعمة للسلطات -

حملت وزارة الخارجية الإيرانية عدوها اللدود الولايات المتحدة مسؤولية الاضطرابات، وحذرت من أن "المحاولات الرامية الى المساس بالسيادة الإيرانية لن تمر من دون رد" وفق ما نقلت "إرنا".

وأعلنت الخارجية الأحد، أنها استدعت سفير بريطانيا للاحتجاج على ما وصفته بأنه "تحريض على أعمال شغب" تنتهجه شبكات تلفزة معارضة للنظام الإيراني تبث من لندن باللغة الفارسية.

كذلك استدعت سفير النرويج لسؤاله بشأن "تصريحات غير بناءة شكّلت تدخلا في شؤون إيران الداخلية" أدلى بها رئيس البرلمان النرويجي على خلفية التظاهرات التي تشهدها إيران.

أما وزير الداخلية أحمد وحيدي فقال وفق نفس المصدر إنه يتوقع "من السلطة القضائية أن تلاحق بسرعة المدبرين والمنفذين الرئيسيين لأعمال الشغب" بعد إعلان الشرطة توقيف أكثر من 700 شخص.

ووفق لجنة حماية الصحفيين ومقرها الولايات المتحدة، اعتُقل 17 صحفيا في إيران منذ 19 أيلول/سبتمبر.

على غرار يوم الجمعة الماضي، ستنظم مسيرة مؤيدة للحكومة بعد ظهر الأحد في طهران بدعوة من السلطات.

واندلعت تظاهرات السبت في عدة مدن إيرانية من بينها العاصمة طهران حيث أظهر مقطع فيديو امرأة تمشي ورأسها مكشوف وتلوح بحجابها في وسط الشارع، منتهكة بذلك قواعد اللباس الصارمة.

ويتوجب على النساء في إيران تغطية شعرهن وجسمهن بلباس يتجاوز الركبتين في الفضاء العام، وعدم ارتداء السراويل الضيقة أو الجينز الممزق، من بين أزياء أخرى.

وأظهرت صور انتشرت على نطاق واسع إيرانيات يحرقن حجابهن خلال الاحتجاجات.

من جهته، حضّ حزب "اتحاد شعب إيران الإسلامي" الإصلاحي الدولة السبت على إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب وإطلاق سراح الموقوفين.

- "نساء شجاعات" -

شهدت التظاهرات اشتباكات مع قوات الأمن، وإضرام محتجين النار في سيارات شرطة مرددين شعارات مناهضة للحكومة، بحسب وسائل إعلام ونشطاء.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت في الأيام الأخيرة مشاهد عنف في طهران ومدن رئيسية أخرى مثل تبريز (شمال غرب). ويظهر بعضها قوات الأمن تطلق النار على متظاهرين.

واتهمت منظمة العفو الدولية قوات الأمن بـ"تعمد... إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين" داعية إلى "تحرك دولي عاجل لإنهاء القمع".

لا تزال اتصالات الإنترنت معطلة السبت، مع توقف تطبيقي واتساب وإنستغرام خصوصا. كما أكد موقع "نتبلوكس" الذي يراقب حجب الإنترنت في أنحاء العالم، تعطل تطبيق سكايب.

وحضّ المخرج الإيراني الحائز على جائزة أوسكار أصغر فرهادي في منشور جديد على موقع إنستغرام شعوب العالم على "التضامن" مع المتظاهرين في إيران، وأشاد بـ"النساء التقدميات والشجاعات اللواتي قدن الاحتجاجات من أجل حقوقهن".

أ ف ب