لمطرقة رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ذات الشكل غير المألوف تاريخ طويل ومشوق ومليء بالقرارات والإنجازات على مدى ثلاثة وسبعين عاما.

وهذه المطرقة هي هدية من آيسلندا، التي يوجد بها ما يعرف بـ "جد البرلمانات الحديثة"، حيث تعتبر الديمقراطية الآيسلندية هي الأقدم في العالم. ففي العام 1930 عقدت أول جلسة برلمان في بلاد الفايكنغ.

وفي منتصف القرن العشرين اقترح الآيسلنديون أن يتسلح الشخص الذي يترأس الجمعية العامة، برلمان العالم، بمطرقة آيسلندية.

ويمثل صوت المطرقة إيذانا ببدء الاجتماع أو ختامه، أو الموافقة على جدول الأعمال، أو انتخاب المسؤولين، أو اعتماد قرار، أو الدعوة إلى الصمت.

"مطرقة ثور"

ويطلق على مطرقة رئيس الجمعية العامة أيضا اسم "مطرقة ثور". وعن سبب تلك التسمية يقول هجالمار هانيسون، الممثل الدائم السابق لآيسلندا لدى الأمم المتحدة: "بمناسبة افتتاح مبنى مقر الأمم المتحدة الجديد المطل على ضفة النهر هنا في نيويورك في العام 1952، أهدى الممثل الدائم لآيسلندا السيد ثور ثورز المطرقة لرئيس الجمعية العامة. وهذا هو سبب تسميتها بمطرقة ثور".

- كسر المطرقة -

ويضيف هانيسون أن المطرقة "ظلت في الجمعية العامة لمدة ثماني سنوات". قبل أن يحدث مالم يكن متوقعا. ففي العام 1960، يقول السيد هانيسون إن خبر كسر المطرقة قد عم العالم أجمع.

"كسرها رئيس الجمعية العامة آنذاك، الأيرلندي فريدريك بولاند، عندما ضرب بها على الطاولة في محاولة لتهدئة الزعيم السوفييتي نيكيتا خروشوف، ومنعه من الضرب بحذائه على الطاولة، كانت هناك ضوضاء لا تصدق في القاعة، وحاول بولاند وضع الأمور في نصابها فضرب بقوة على الطاولة بالمطرقة وكسرها".

ويضيف هاغلمار أن العديد من وفود الدول أرسلت مطارق للسيد بولاند تضامنا معه، بعد تلك الحادثة. لكن القرار في الأمم المتحدة كان هو الطلب من آيسلندا صنع نسخة طبق الأصل من المطرقة المكسورة.

وعلى عكس النسخة الأصلية، تمكنت النسخة الجديدة من الصمود في الأمم المتحدة لمدة نصف قرن تقريبا.

(رئيسة الدورة الـ 61 للجمعية العامة للأمم المتحدة هيا آل راشد تسلم المطرقة إلى سيرجان كيريم رئيس الدورة الـ 62 وسط تصفيق الأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون. الأمم المتحدة)

قصة اختفاء المطرقة

يقول هاغلمار إن حادثة كسر المطرقة في العام 1960 لم تكن نهاية القصة، ففي العام 2005، اختفت المطرقة ويضيف "لقد أبلغنا مسؤول كبير في الأمم المتحدة بذلك، واستجبنا على الفور بأن آيسلندا ستصنع نسخة أخرى من المطرقة، بيد سيغريدور كريستجانسدوتير، وهي واحدة أشهر النحاتين في البلاد".

وأشار إلى أن الحكومة طلبت من سيغريدور أخذ حادثة كسر المطرقة بعين الاعتبار وصنع أخرى قوية. وهو ما تم بالفعل حيث اختارت النحاتة خشب شجرة الكمثرى لإنجاز المهمة.

نقوش ودلالات تزين المطرقة

يشير هاغلمار إلى أن المطرقة تحتوي على عبارة "يجب بناء المجتمع على أساس القوانين" على شكل نقش مقتضب باللغتين الآيسلندية واللاتينية، مأخوذ من إحدى المخطوطات الآيسلندية القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن العاشر، وهي الفترة التي اعتمدت فيها البلاد الديانة المسيحية، التي أسهمت وقتها "في إنهاء الصراع الداخلي وتوحيد البلاد".

شكل وحجم المطرقة

على غير حجم المطارق الخشبية الصغيرة التي تحتويها كل قاعة من قاعات المؤتمرات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، فإن المطرقة الموجودة في مبنى الجمعية العامة ضخمة ومنحوتة أما لونها فيميل إلى البني.

ومن ناحية الشكل، فإن"مطرقة ثور" لا تبدو مسالمة للغاية، فهي تجعل المرء يفكر في عصر الفايكنغ الصعب. وهو تذكير بمدى ضخامة التحول الذي شهدته المطرقة من أداة عادية يستخدمها زعيم عادي لتأديب أفراد قبيلته إلى مطرقة يستخدمها زعيم برلمان العالم.

في نهاية ولايته، سلم رئيس الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ميروسلاف لايتشاك المطرقة إلى رئيسة الدورة الثالثة والسبعين ماريا فرناندا إسبينوزا وهي أول امرأة من أميركا اللاتينية ورابع امرأة في التاريخ ترأس الجمعية العامة.

المملكة