وُلد محمد في الأسبوع 28 (6 أشهر ونصف) من حمل والدته سازان له و3 من أشقائه الذين فارقوا الحياة بعد ولادة مبكرة في مستشفى في السليمانية العراقية العام الماضي، فيما يولد سنويا نحو 15 مليون طفل في العالم قبل الأوان.

أمضى محمد 3 أشهر في مستشفى في وحدة رعاية الأم الكنغر بالسليمانية في كردستان العراق بعد أن ولد بوزن 800 غرام، لكن بعد أن خرج بأسبوع واحد اضطر ذووه لإعادته للمستشفى.

وقبيل احتفال العالم باليوم العالمي للخداج لذي يوافق 17 تشرين الثاني/نوفمبر، جددت منظمة الصحة العالمية تأكيدها على ضرورة أن تبدأ ملامسة البشرة، المعروفة أيضاً باسم "الرعاية على طريقة الكنغر"، بعد الولادة مباشرة دون أن يقضي المولود أي فترة أولية في الحضانة.

ويعرّف الخداج (أو الولادة قبل الأوان) على أنه ولادة الطفل قبل موعده، قبل أن تتم أمه 37 أسبوعا على الأقل من حملها، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

وعادة ما يكون حديثو الولادة ممن ولدوا قبل الأوان ضعيفين جدا معرضين لكثير من المضاعفات، بما فيها الوفاة، لأن أجسامهم غير مستعدة للحفاظ على حرارة الجسم، ولكونهم غير مستعدين للرضاعة الطبيعية. كما أن العديد منهم يعانون من صعوبات في التنفس، ويكونون أكثر عرضة للعدوى.

كما تعرف رعاية الأم الكنغر بأنها الرعاية من خلال الالتصاق والملامسة الجلدية للأمهات مع المواليد الخدج أو ناقصي الوزن لمنحهم الدفء والعناية التي يحتاجونها للنمو الصحي، بحسب يونيسف.

تجمع الممارسة بين ملامسة بشرة الرضيع لبشرة مقدمة الرعاية الأولية التي عادة ما تكون الأم لأكبر عدد ممكن من الساعات، من خلال وضع الطفل في حمّالة مُعدّة خصيصاً لهذا الغرض، والرضاعة الطبيعية.

الضمة الأولى

ويفتقر الأطفال الخدج إلى دهون الجسم، لذلك يعاني الكثير منهم من مشاكل في تنظيم درجة حرارة أجسادهم عن الولادة، وغالباً ما يحتاجون إلى مساعدة طبية للتنفس.

لذلك، دعت توصيات لمنظمة الصحة العالمية إلى تثبيت هؤلاء الأطفال أولاً في حاضنة مدفأة، لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى سبعة أيام في المتوسط.

تقول كارين إدموند، الطبيبة المختصّة بصحة الأطفال حديثي الولادة في منظمة الصحة العالمية، إن الضمة الأولى مع أحد الوالدين مهمة من الناحية العاطفية، وكذلك مهمة للغاية لصحتهم ولتحسين فرص بقائهم على قيد الحياة.

أبحاث منظمة الصحة العالمية تظهر أن بدء الرعاية على طريقة الكنغر تنقذ العديد من الأرواح، وتقلل من العدوى وانخفاض درجة حرارة الجسم لدى الأطفال، كما تحسن التغذية.

الناجي الوحيد

كانت سازان والدة محمد تواجه صعوبات في الحمل لأنها تعاني من مرض في الكبد وأصبح خطيرًا عليها وعلى الأطفال، لكن في 2019 حملت بتوأم وفقدتهما قبل الولادة بسبب نفس المشكلة.

لجأت سازان إلى زرع بويضات مخصبة، أصبحت أربعة منها قابلة للحياة، وكانت الأشهر الخمسة الأولى من الحمل طبيعية، لكن سرعان ما ظهرت نفس مشاكل الحمل الأول، فاقترح الأطباء الإجهاض لكن سازان وزوجها زهير قررا الاستمرار في الحمل، فكان محمد الناجي الوحيد.

عانى محمد من مشاكل في الجهاز الهضمي ومشاكل في عينيه، وكان تحسنه بطيئا لكنه نجا.

أمضى محمد 3 أشهر في مستشفى في وحدة رعاية الأم الكنغر بالسليمانية في كردستان العراق بعد أن ولد بوزن 800 غرام. (يونيسف)


دعمت يونيسف تأسيس أقسام لرعاية الأم الكنغر في مستشفيات عدة في العراق في مناطق تعاني ارتفاعا في معدل وفيات حديثي الولادة.

وأثبت هذا الأسلوب نجاحه في تحسين نتائج نجاة الأطفال حديثي الولادة، وأقر أطباء أطفال عراقيون بنجاح التدخلات وفق طريقة الكنغر المذكورة، ولقيت استحسانا وتطبيقا من قبل النساء، بحسب منظمة الطفولة.

ودعمت يونيسف إنشاء فرق مدربة تدريباً جيداً بشأن مفاهيم طريقة الكنغر لرعاية الوليد في كل مستشفى، وعملت على تمكين الفرق من تقديم المشورة والدعم للأمهات لتقديم الرعاية، وإرضاع أطفالهن بحليب الثدي، سواء بشكل مباشر إذا كان بإمكانهم الرضاعة، أو بحليب الأم المسحوب.

في الموصل، تحدثت أمهات معظمهم من أهالي المناطق النائية للمدينة، عن وجود مساحة كافية لهن في تلك الأقسام فيتاح لهن في هذه الغرف التلامس الجلدي المتقطع مع أطفالهن، وإرضاعهم حتى يعبر الأطفال الفترة الحرجة دون أي مضاعفات تذكر.

وتوصي المنظمة بشدة بالرضاعة الطبيعية من أجل تحسين الحالة الصحية للأطفال الخدج وقليلي الوزن عند الولادة، لأنها تقلل من مخاطر العدوى عند مقارنتها بحليب الأطفال.

ويعتبر حليب المُرضعات المتبرعات ثاني أفضل بديل، إذا لم يتوفر حليب الأم، على الرغم من أنه يمكن استخدام المستحضرات المزودة بالمغذيات في حال عدم وجود بنوك لحليب المتبرعات.

10% فقط في المناطق الفقيرة

في كل عام، يولد نحو 15 مليون طفل في جميع أنحاء العالم قبل الأوان، أي قبل الأسبوع 37، أي بنسبة تقارب واحد من كل 10 مواليد.

يعاني 20 مليون طفل من انخفاض الوزن عند الولادة، أي أقل من 2.5 كغمالأمم المتحدة

أفادت منظمة الصحة العالمية بأن هذه الأرقام آخذة في الارتفاع، مما يجعل الخداج السبب الرئيسي لوفاة الأطفال دون سن الخامسة وقضية صحية عامة ملحة.

وعند تعلق الأمر بالبقاء على قيد الحياة، توجد فوارق كبيرة تعتمد على مكان ولادة هؤلاء الأطفال، ففي حين أن معظم الذين يولدون في الأسبوع 28 أو ما بعد في البلدان الغنية يستمرون في البقاء على قيد الحياة، إلا أن المعدل في البلدان الفقيرة يمكن أن يصل إلى 10% فقط.

المملكة