كسبت روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين رهان احتضان مونديال 2018، بعد شبهات فساد بالحصول على حق الاستضافة وانتقاد منظمات حقوق الانسان، فتُوّجت فرنسا بلقب عالمي ثان على حساب كرواتيا التي منحت البطولة نكهة جميلة.

أراد بوتين إظهار صورة جميلة لروسيا فيما تكاثرت أزماته الدبلوماسية مع الغرب.

بتصويت جدلي في كانون الأول/ديسمبر 2010، توازيا مع منح قطر حق استضافة نسخة 2022، نالت روسيا 13 صوتا أمام ملف مشترك للبرتغال وإسبانيا (7) فيما حلّت إنكلترا أخيرة.

واجهت روسيا حملة شديدة ومزاعم رشى وشراء اصوات. تعرّضت لانتقادات حيال تعاملها مع قضايا العنصرية وشغب الجماهير، حقوق الإنسان والتعامل مع المثليين وضلوعها في نزاع مع أوكرانيا.

لكن بكلفة 14 مليار دولار، كان التنظيم ناجحاً، الملاعب جميلة وعملية رغم بعد المسافة.

غابت الحوادث الكبرى وتقاطر مئات الآلاف من الزوار، مع بطاقات مشجعين كانت بمثابة جوازات سفر ترافق تذاكر المباريات وتعفي من تأشيرات الدخول.

تفاخر بوتين "يمكننا بالتأكيد أن نفخر كيف نظمنا هذه البطولة. جعلنا من هذا الحدث الكبير نجاحا في كل جانب".

وعن تلاشي الصورة النمطية حول روسيا، قالت رئيس تحرير قناة "روسيا اليوم" مارغريتا سيمونيان "لقد تمكنا من الوصول إلى القلب البارد للصحافة الغربية ورأوا من نحن حقاً".

- بعد المونديال -

"لقد انتهت الحرية، مرحباً بكم في روسيا الحقيقية" تغريدة لاقت انتشارا بعد المونديال، مرفقة بأسئلة عن سبب عدم إظهار روسيا هذا الوجه الجميل، سوى لدى استضافتها المواعيد الكبرى.

سأل الناشط المناهض للعنصرية روبرت أوستيان "هل ستكون لدينا شرطة مبتسمة بعد كأس العالم؟".

وأنهت فرنسا انتظار الأعوام العشرين، ورسمت على قميصها الأزرق نجمة ثانية، متفوقة في نهائي ملعب لوجنيكي في موسكو على منتخب كرواتي أبهر الجميع بأدائه، وكان قاب قوسين أو أدنى من إحراز اللقب للمرة الأولى في تاريخ البلد الصغير البالغ عدد سكانه نحو أربعة ملايين نسمة.

وقدّم المنتخبان واحدة من أجمل المباريات النهائية في العقود الأخيرة، بأداء هجومي انتهى بنتيجة 4-2، هو الأغزر من حيث الأهداف في النهائي منذ 1966، عندما فازت إنكلترا على ألمانية الغربية بالنتيجة عينها بعد التمديد.

- ديشان لاعباً ومدرباً -

جعل الفرنسيون من مدربهم ديدييه ديشان ثالث شخص في تاريخ اللعبة، يتوج باللقب كلاعب ومدرب، بعد البرازيلي ماريو زاغالو و"القيصر" الألماني فرانتس بكنباور.

قال لاعب الوسط ستيفن نزونزي عن ديشان "من أكبر نقاط قوته ذلك الجانب التنافسي الذي يمكن أن يشعر به الجميع، ما يعني أن لدينا مدربا يسعى للفوز، وليس لإرضاء أحد. فهو يفكر في الفوز دائماً".

تابع "أعتقد أنه يعرف كيف يدير مجموعة بشكل جيد للغاية. إنها أيضاً إحدى نقاط قوته. فهو قريب من اللاعبين. يتمازح معهم، لكنه يعرف أيضاً كيف يفرض احترامه".

المهنئ الأبرز للمنتخب الذي تسلم الكأس الذهبية تحت المطر الغزير، كان الرئيس إيمانويل ماكرو ن الحاضر في الملعب إلى جانب نظيريه الروسي بوتين والكرواتية كوليندا غرابار-كيتاروفيتش.

كانت فرنسا قد أقصت في طريقها لنهائي مونديال 1998، كرواتيا من نصف النهائي (2-1) بهدفين غير متوقعين من المدافع ليليان تورام، عندما شاركت كرواتيا للمرة الأولى كدولة مستقلة. كما عوّض "الديوك" خيبة الخسارة في نهائي كأس أوروبا 2016 على أرضهم أمام البرتغال.

- المراهق مبابي -

بعد أداء عادي في الدور الأول شهد فوزهم على أستراليا (2-1) والبيرو (1-0) وتعادلهم مع الدنمارك (كان الوحيد السلبي في البطولة)، تمكّن الفرنسيون عبر تشكيلة شابة من نيل لقبهم الثاني بعد 1998.

اعتمدت على مفاتيح لعب أهمها المهاجم اليافع كيليان مبابي أفضل لاعب شاب وزميله أنطوان غريزمان، إضافة لحارس المرمى القائد هوغو لوريس. فيما عوّلت كرواتيا على تشكيلة موهوبة يتقدمها القائد لوكا مودريتش أفضل لاعب في البطولة، إيفان راكيتيتش، إيفان بيريشيتش وماريو ماندجوكيتش.

كانت الأفضلية لكرواتيا التي بحثت بشكل مستمر عن الثغرة والضغط بقوّة على لاعبي فرنسا، بيد أن الفاعلية كانت لمنتخب الديوك فحسموا المباراة 4-2، بينها هدف لمبابي الذي أصبح بعمر التاسعة عشرة ثاني مراهق يسجل في النهائي بعد البرازيلي بيليه عام 58.

قال المدرب الكرواتي زلاتكو داليتش "أعتقد أننا ربما قدمنا أفضل مباراة لنا في هذا المونديال، لكن في مواجهة فريق قوي مثل فرنسا، يجب ألا نرتكب الأخطاء، نحن حزينون بعض الشيء ولكننا فخورون أيضا".

- "في ايه آر" -

ظهرت تقنية حكم الفيديو المساعد "في ايه آر" لأوّل مرّة لتحقيق العدالة والحد من أخطاء الحكام. شهدت الدقيقة 97 من مواجهة إسبانيا وروسيا أول تغيير رابع في تاريخ المونديال وكان من نصيب المنتخب الروسي.

أثارت تمثيليات البرازيلي نيمار بتعمد السقوط أرضاً طلباً للأخطاء السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي أولت اهتماماً بصور غرف ملابس منتخب اليابان النظيفة تماماً بعد مبارياته.

أحرز الإنكليزي هاري كاين لقب الهداف (6) لكنه علم به بطريقة غريبة "كنا قد عدنا للتو إلى إنكلترا في وقت إقامة النهائي، ولم أكن أشاهده. كنت أقود من برمنغهام إلى لندن. بدأت أتلقى رسائل نصية تقول +تهانينا لقد نلت الحذاء الذهبي+".

- صدمة ألمانيا -

كان الخروج الألماني صادماً من الدور الأول لبطل العالم أربع مرات، فتذيل مجموعة ضعيفة ضمت السويد والمكسيك وكوريا الجنوبية.

للمرّة الرابعة، أخفق النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي برفع اللقب مثلما فعل مواطنه مارادونا في 86، فودّع من ثمن النهائي أمام فرنسا (3-4) التي أقصت الأوروغواي (2-0) ثم بلجيكا (1-0) في طريقها إلى النهائي.

أما البرازيل حاملة اللقب، فتوقف قطارها في ربع النهائي أمام بلجيكا (1-2) واستمتعت إنكلترا في بلوغ نصف النهائي حيث خسرت بعد التمديد مع كرواتيا (1-2) قبل أن تحلّ رابعة وراء بلجيكا (0-2).

- مصر وصلاح من الباب الخلفي -

وفيما كان العالم العربي ينتظر مشاركة المصري محمد صلاح، أبعدته إصابة بكتفه تسبب بها سيرخيو راموس في نهائي دوري أبطال أوروبا بين ريال مدريد وليفربول، عن المباراة الأولى ضد الأوروغواي.

ورغم تسجيله ضد روسيا (1-3) ثم السعودية (1-2) ودّع الفراعنة بخُفّي حُنين، على غرار أربعة منتخبات إفريقية أخرى، في ظل انتقادات لزيارات فنانين مقر إقامتهم قبل مباراتهم الثانية في سان بطرسبورغ، ومعسكرهم في غروزني تحت مظلة الرئيس الشيشاني رمضان قديروف المتهم بانتهاك حقوق الإنسان.

ومن الإيجابيات القليلة في مشاركة مصر الثالثة في كأس العالم، تربّع حارسها عصام الحضري على لائحة أكبر اللاعبين في تاريخ المونديال، عندما خاض مباراة السعودية عن 45 عاماً و161 يوماً، في مواجهة تصدى فيها لركلة جزاء.

أ ف ب