عزز الأردن أمن حدوده مطلع عام 2022، بتغيير قواعد قواته المسلحة في الاشتباك، لمواجهة أي تهديد لأمنه الوطني وما أسماه بـ "حرب مخدرات" على واجهتيه الشمالية والشرقية، في ظل ارتفاع محاولات التسلل والتهريب.

يأتي ذلك بعد إطلاق مجموعة مهربين، النار على قوات حرس الحدود، أدت إلى استشهاد النقيب محمد الخضيرات، وإصابة عدد من زملائه، حيث قال مدير الإعلام العسكري العقيد مصطفى الحياري لـ "المملكة" حينها، إنّ السنوات الأخيرة شهدت زيادة مضاعفة لعمليات التهريب والتسلل، وبشكل رئيسي تهريب المخدرات.

ووفق ما رصدت "المملكة"، فإن القوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي، تمكنت خلال العام 2022، من ضبط أكثر من 40 مليون حبة كبتاغون، 5.5 مليون منهم في الأسبوعين الأولين فقط من العام.

وضبطت وحدات حرس الحدود أكثر من 33 ألف كف حشيش، وأكثر من 40 ألف حبة ترامادول، وأكثر من ألفي حبة مخدرة من نوع لاريكا، وأكثر من 4.5 كيلو غرام من مادة الماريغوانا.

- تغيير قواعد الاشتباك -

القوات المسلحة، بدأت في 17 كانون الثاني/ يناير 2022، بتغيير قواعد الاشتباك المعمول بها في القوات المسلحة وملاحقة العناصر كافة التي تسعى للعبث بالأمن الوطني.

و"قواعد الاشتباك" هي القواعد التي يلتزم بها الجيش في استعماله القوة أثناء أي عملية عسكرية، وتلجأ لها الجيوش للدفاع عن الوطن والأنفس ومساعدة أشخاص في حالة خطر، أو في رد عدوان خارجي.

ووجه رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف الحنيطي بتغيير قواعد الاشتباك، انطلاقا من الثوابت الأردنية المستندة إلى أقدس رسالة ربانية، والتي تؤكد على أن أولوية القوات المسلحة هي الدفاع عن سياج الوطن وحفظ كرامته واستقراره.

وحسب قواعد الاشتباك "يمنع منعا باتا تحرك أي كائن حي داخل المنطقة الحرام"، والمقصود بها الساتر الحدودي على الواجهتين الشمالية والشرقية، الذي جرى تعزيزهما بقوات خاصة وقوة رد فعل سريع وبإسناد طائرات من سلاح الجو الملكي.

ومنذ تطبيق قواعد الاشتباك، نجحت القوات المسلحة في التعامل "مع من يقترب من الحدود كهدف مشروع للقتل والتدمير"، في ظل زيادة عمليات التهريب، حيث استطاعت في العام 2022، قتل أكثر من 36 متسللا، وضبط عدد كبير من الأسلحة والذخيرة، وعدد من المهربين والمتسللين، ومحاولات تهريب من خلال طائرات مسيّرة (درون).

وتواجه قوات حرس الحدود التابعة للقوات المسلحة، تحديات أمنية نوعية مستجدة على الواجهتين الشمالية والشمالية الشرقية، مرتبطة بـ "غياب جيش نظامي، ووجود ميليشيات وجماعات إرهابية وعصابات أسلحة ومخدرات، بعضها تستخدم طائرات مسيرة".

وتخوض قوات حرس الحدود مواجهات شبه يوميّة، مع مهربي مخدرات وأسلحة، في ظل ارتفاع محاولات التسلل والتهريب إلى الأردن، حيث تستمر القوات المسلحة بدورها الدائم في طمأنة الأردنيين أن الحدود آمنة بهمة نشامى قواتها، بتوجيهات من القيادة العليا.

ومع بداية العام الحالي، منع نشامى القوات المسلحة محاولات تسلل ومهربين حاولوا توسيع نطاق التهريب على المناطق الحدودية الشمالية الأردنية، إلا أن القوات المسلحة دائما تضرب بيد من حديد وتتعامل بكل قوة وحزم مع أي محاولات تسلل أو تهريب لحماية الحدود، ومنع كل من تسول له نفسه العبث بالأمن الوطني الأردني.

"عين حمرا"

ويحرص جلالة الملك عبدالله الثاني دائما، على تسخير الإمكانات كافة للقوات المسلحة والتعامل بشكل حازم مع أي خطر يهدد المملكة؛ ما يحفظ أمن واستقرار المناطق الحدودية.

وقدر مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2023، نفقات الجهاز العسكري بقرابة 1.56 مليار دينار، فيما يحصل الأردن على قرابة 500 مليون دولار كدعم عسكري سنوي من الولايات المتحدة الأميركية.

ويؤكد جلالته، ثقته وكل الأردنيين بدور حرس الحدود في حماية حدود الوطن، مشددا على ضرورة التعامل بقوة وحزم لمنع محاولات التسلل والتهريب بهدف حماية المجتمع الأردني وشبابه، حيث خاطب حرس الحدود، في 14 شباط/ فبراير 2022، قائلا "بدي عين حمرا منكم جميعا والمعنوية عالية".

وشاهد الأردنيون نتائج تغيير قواعد الاشتباك من خلال التعامل الحازم والشديد مع المهربين وأعوانهم، ووجهت القوات المسلحة رسالة للمهربين: "لن يروا منا سوى عيون حمراء تقضي على كل من تسول له نفسه باجتياز الحدود".

"الجيش على المستوى العملياتي والمستوى التكتيكي جاهز لتغيير قواعد الاشتباك إلى أي قواعد اشتباك تخدم وتحمي المملكة، بالتعامل مع أي تحدٍ أو تهديد، مقابل ألا نسمح لأي من تسول له نفسه بالمساس بأي ذرة من ذرات الوطن"، وفق القوات المسلحة، مضيفة أن "أي عنصر يدخل الساتر الحرام هو عرضة لهدف القوات المسلحة".

ويخوض الأردن حربا غير معلنة على الحدود مع تجار المخدرات ومن يقف خلفهم، وهو يخوضها نيابة عن دول المنطقة والعالم بأسره، لأن المخدرات لا تعرف الحدود والأقاليم، وتهدم الأسر والأخلاق والقيم وتهدد الأمن الاجتماعي العالمي.

وبين اللواء الحنيطي، أن القيادة العامة تولي قوات حرس الحدود الأولوية القصوى في دعمها وإسنادها بقوات منتخبة من القوات الخاصة وقوات رد الفعل السريع مسندة بطائرات من سلاح الجو الملكي، وتذليل المعاضل اللوجستية كافة ضمن مناطق المسؤولية، والتي كان لها الدور الكبير في إحباط العديد من عمليات التسلل والتهريب بمختلف أشكاله.

وتعمل أيضا على الحد من دخول المواد المخدرة والممنوعة إلى الأراضي الأردنية في إطار الخطة الأمنية التي تنفذها القيادة العامة للمحافظة على أمن واستقرار حدود المملكة الأردنية الهاشمية.

وشدد على أن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي ستقف بالمرصاد أمام من تسول له نفسه المساس بالأمن الوطني الأردني، وأنها مستمرة في بذل أقصى الجهود لحماية الوطن ومقدراته والوقوف صفاً واحداً في وجه كل من يحاول العبث بأمنه واستقراره بكل قوة وحزم.

العقيد الركن زيد الدباس من القيادة العامة للقوات المسلحة، قال في تصريح سابق، إنّه تم رصد العديد من الجماعات؛ أنشأت شبكات تهريب للمخدرات، بهدف إدخالها إلى الأردن ودول مجاورة، حيث جرى رصد 160 شبكة تعمل داخل العمق السوري.

وأكّد أن الجيش، رصد العديد من نشاطات الجماعات وحصل على معلومات كافية عنها، من ضمنها آليات التصنيع ومواقعها ومواقع التخزين، حيث تعتمد الجماعات القيام بتكتيكات جديدة هي أقرب ما تكون إلى حركات منظمة، إلى جانب تجهيز مركبات بمعدات عالية الخطورة، واستخدام الطائرات المسيرة.

وأضاف أنه جرى رصد تنفيذ عمليات تسلل وهمية لغايات التمويه، لتنفيذ عمليات حقيقية في الوقت ذاته أو مواقع أخرى، مؤكدا جاهزية قوات حرس الحدود للتعامل مع أي عملية تسلل وتهريب.

وضبطت القوات المسلحة قرابة 1.4 مليون حبة كبتاغون في 2020، وأحبطت تهريب أكثر من 15 مليون حبة مخدرة "كبتاغون" عام 2021، كما أحبطت خلال هذه العامين محاولة تهريب قرابة 27.5 ألف كف حشيش، وتهريب قرابة 6643 كف حشيش خلال النصف الأول من شهر كانون الثاني/ يناير 2022.

وضبطت القوات المسلحة أيضا في العامين الماضيين 167 قطعة سلاح مُعدّة للتهريب، وضبطت في 2020 قرابة 340 نوعاً من الذخائر، لترتفع إلى 3236 نوعاً خلال 2021.

المملكة