قررت الولايات المتحدة إلى جانب اليابان ودول أوروبية عدة، فرض ضوابط على المسافرين الوافدين من الصين، في ظل إجراءات احتياطية اعتبرها رئيس منظمة الصحة العالمية "مفهومة"، بالنظر إلى نقص المعلومات من بكين بعد رفع القيود المفروضة على مكافحة كورونا.

غير أنّ السلطات الصحية في الصين أكدت الخميس أنها دأبت على نشر البيانات "حرصاً منها على الانفتاح والشفافية"، وفق تصريحات نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".

وأعلن المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها الجمعة عن 5515 حالة جديدة فقط ووفاة واحدة.

ويبدو أنّ هذه الأرقام لم تعد تعكس الواقع، لأن الفحوص على نطاق واسع لم تعد مطبقة.

واجتمع وفد من منظمة الصحة العالمية مع مسؤولين صينيين الجمعة لمناقشة الارتفاع الهائل في عدد الإصابات بفيروس كورونا في بلادهم، داعيا إياهم إلى مشاركة البيانات في وقتها الفعليّ حتى تتمكن الدول الأخرى من الاستجابة بفعالية.

وقالت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة في بيان إن "اجتماعا رفيعا عقد في 30 كانون الأول/ ديسمبر بين منظمة الصحة العالمية والصين بشأن الزيادة الحالية في حالات كورونا، بهدف الحصول على مزيد من المعلومات عن الوضع وتقديم خبرة ودعم من منظمة الصحة العالمية".

وأشار البيان إلى أن "منظمة الصحة العالمية طلبت مجددا المشاركة المنتظمة لبيانات محددة يشأن الوضع الوبائي، في الوقت الفعليّ، بما في ذلك المزيد من البيانات عن التسلسل الجيني وتأثير المرض... والحالات التي تستلزم الدخول إلى المستشفى وإلى وحدات العناية المركزة وكذلك بشأن الوفيات".

في هذه الأثناء، أعربت وكالة الصحة التابعة للاتحاد الأوروبي عن اعتقادها بأن فرض فحوص كورونا إلزامية على المسافرين الآتين من الصين "غير مبرر".

وقال المركز الأوروبي لمراقبة الأمراض والوقاية منها، إنه لا يعتقد أنّ ارتفاع عدد الإصابات في الصين سيؤثر على الوضع الوبائي في التكتل "نظرا للمناعة السكانية الأعلى ضمن بلدان الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، إضافة إلى أنه سبق أن ظهرت وتبدلت لاحقاً المتحوّرات المنتشرة حالياً في الصين".

بعد ثلاث سنوات على ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في ووهان (وسط)، ألغت الصين فجأة في 7 كانون الأول/ ديسمبر سياستها الصارمة المعروفة بـ"صفر كورونا".

وكانت هذه السياسة المعتمدة منذ العام 2020، سمحت بحماية السكان إلى حد كبير من الفيروس، بفضل الاختبارات المعمّمة، والمراقبة الصارمة للتحرّكات وأيضاً للحجر الإلزامي والصحّي بمجرّد اكتشاف الحالات.

غير أنّ هذه الإجراءات القاسية التي أبقت البلاد معزولة إلى حدّ كبير عن بقية الكوكب، وجّهت ضربة قاسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم وأثارت سخطاً غير عادي في تشرين الثاني/ نوفمبر.

منذ رفع القيود، غصّت المستشفيات بالمرضى، وغالبيتهم من كبار السن والضعفاء بسبب عدم التطعيم، في حين يفتقر العديد من الصيدليات إلى أدوية خفض الحمى.

"تدابير مُكيَّفة"

أبقت الصين حدودها مغلقة إلى حد كبير أمام الرعايا الأجانب منذ العام 2020.

وأوقفت الدولة إصدار التأشيرات السياحية منذ قرابة 3 سنوات، بينما تفرض الحجر الصحي الإلزامي عند الوصول.

وسيتم رفع إجراء الحجر هذا في الثامن من كانون الثاني/ يناير، ولكن لا يزال يتعيّن إجراء اختبار "بي سي آر" قبل 48 ساعة.

رداً على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى بينها إيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية، أنها ستفرض إظهار فحوص كورونا سلبية على جميع الوافدين من البر الرئيسي للصين.

وفرضت الحكومة الإسبانية الجمعة على المسافرين الوافدين من الصين إجراء "فحوص" في مطاراتها للتأكد من عدم إصابتهم بكورونا.

وقالت وزيرة الصحة الإسبانية كارولينا دارياس في مؤتمر صحفي إنه سيُطلب من هؤلاء الوافدين "الدليل على أن فحوصهم سلبية (...) أو شهادة تطعيم بالكامل" من دون أن تذكر موعد دخول الإجراء حيز التنفيذ.

وطلب وزير الصحة أرييه درعي من مصالح الوزارة إنشاء مركز فحص "طوعي" للأشخاص العائدين من الصين، وأوصى المواطنين "بتجنّب" السفر إلى هذا البلد.

وأعلنت الحكومة الفرنسية مساء الجمعة فرض إلزامية إبراز اختبار كورونا نتيجته سلبية على المسافرين المتّجهين إلى فرنسا قبل إقلاعهم من الصين.

في المملكة المتحدة أيضًا، أعلنت الحكومة فرض إجراء مماثل على الوافدين من الصين، حسبما أفادت الجمعة وسائل إعلام بريطانية.

وفي دلالة على الانقسامات في أوروبا بشأن الاستجابة للوضع الجديد في الصين، تطالب ألمانيا من جانبها بمراقبة انتشار متحورات كورونا في المطارات الأوروبية دون الذهاب إلى حد فرض إجراء اختبارات كورونا.

وفي بروكسل، لم يؤدّ اجتماع غير رسمي عقدته المفوضية الأوروبية، بهدف وضع "نهج منسّق" للدول الأعضاء، إلى اتخاذ قرار.

في مطار العاصمة بكين الدولي، أبدى معظم الصينيين الذين قابلتهم وكالة فرانس برس الخميس تفهّمهم للإجراءات المتخذة تجاه الصين.

"غير مجدية"

وقال هوانغ هونغ شو الذي يبلغ 21 عاماً، إنّ "لكلّ دولة مخاوفها وطريقتها الخاصة في حماية نفسها"، مشيراً إلى أنّ الانتشار المحتمل لمتحوّرات جديدة كان مدعاة قلق. وقال مسافر إنّ هذه الإجراءات "غير مجدية".

وأوضح "هو" الذي رفض كشف اسمه الكامل "إنّه تمييز نوعاً ما".

وأشار الشاب البالغ من العمر 22 عاماً إلى إنّه في الصين "يتم تطبيق سياسة كورونا الخاصة بنا على الوافدين الدوليين بالطريقة نفسها كما الجميع"، متسائلاً "لماذا تعامل الدول الأخرى القادمين من الصين بشكل خاص؟".

على جبهة الوباء، تكافح المستشفيات طفرة في الحالات التي تصيب كبار السن بشكل أكبر.

في شنغهاي، شاهد صحافيو فرانس برس الخميس مرضى يضعون أقنعة يُنقلون على نقّالات إلى مستشفى في المدينة.

في داخل المستشفى، اشتكى أحد المرضى من أنه انتظر 4 ساعات للحصول على أدوية.

أ ف ب