يحتل تل مأدبا الأثري الذي يقع على هضبة مرتفعة وسط المدينة أهمية تاريخية ودينية، حيث تقع فيه كنيسة دير اللاتين التي تعد من أقدم الكنائس في الأردن وتقام فيه الشعائر الدينية منذ القرن السادس، وسيكون على مسار مأدبا السياحي قريبا.

ورغم أن تل مأدبا الأثري يقع وسط المدينة وقرب العمران، لم يلحق به أي ضرر، وذلك بفضل جهود دائرة الآثار العامة التي تنبهت لأهمية الموقع واستملكته وبدأت بعمليات التأهيل والتنقيب للكشف عن المعالم الأثرية والتراثية فيه.

وقال مدير آثار محافظة مأدبا خالد الهواري، إن تل مأدبا الأثري يحتوي على تراكمات أثرية ترجع إلى فترات مختلفة، منذ العصور البرونزية 3300 قبل الميلاد مرورا بالعصور الحديدية، حيث ذكرت مأدبا في مسلة الملك ميشع من ضمن المدن التي حررها، ثم استمر الاستيطان المتواصل في تل مأدبا في الفترة النبطية والرومانية والبيزنطية حتى العصور الإسلامية.

وأضاف، أن أهمية هذا التل الأثري تأتي لأنه اختزن العديد من الفترات التاريخية التي مرت على مدينة مأدبا، وسيكون مفتوحًا للزوار بعد انتهاء أعمال الترميم والتي يتوقع الانتهاء منها نهاية العام الحالي.

وبين، أن دائرة الآثار العامة بدأت بتأهيل تل مأدبا الأثري بهدف الحماية والحفاظ على عناصر الموقع الحضارية مثل المباني والأرضيات الفسيفسائية وتسويق الموقع ضمن محافظة مأدبا، كجزء مكمل وداعم للسياحة داخل المحافظة والربط مع المواقع المحيطة لإطالة مدة إقامة السائح.

وأشار إلى أن عمليات التأهيل للموقع تبرز أهمية المباني التراثية وتأهيلها والمحافظة على التراث العمراني والهوية العمرانية في تطوير السياحة ودعم الاقتصاد المحلي والوطني واستخدام الشواهد التاريخية المتمثلة في المباني التراثية في المدينة لتكون جاهزة لاستخدامها كمكان لعرض تاريخ مدينة مأدبا خلال الفترة التراثية.

وزاد، أنه تم الانتهاء من صيانة وترميم أحد البيوت التراثية في هذا التل وكذلك تمت أعمال الترميم والصيانة لعدد من المعالم الأثرية في هذا الجزء والبدء بتجميل الجدران الخارجية والمشتركة مع السكان المجاورين لإزالة التشوهات التي تحيط بالموقع.

وأكد الهواري، أن دائرة الآثار تقوم بأعمال التأهيل للموقع وعمل مسارات سياحية داخلية بالإضافة إلى وضع لوحات تعريفية وتفسيرية للعناصر الأثرية داخل الموقع واستحداث خدمات سياحية لاستقبال السياح للتعريف بتاريخ مدينة مأدبا.

من جهته، أكد مدير سياحة مأدبا وائل الجعنيني، أن موقع تل مأدبا الأثري يحتل مكانة متميزة على خارطة المواقع التاريخية والدينية في محافظة مأدبا الذي يحكي تاريخ المدينة عبر العصور، وسيكون بعد الانتهاء من أعمال التأهيل إضافة كبيرة لمسار مأدبا ويسهم في زيادة أعداد الزوار للمحافظة.

وأضاف، أن موقع تل مأدبا وسط المدينة ونظير ما يحتوي من مواقع تاريخية ودينية يعد متحفا شاملا للحضارات البشرية، منوها أن وزارة السياحة بانتظار انتهاء أعمال التأهيل للموقع من قبل دائرة الآثار العامة لإضافته على مسار مأدبا السياحي لتقوم بعملية الترويج والتسويق للموقع كأحد كنوز محافظة مأدبا.

يذكر، أن محافظة مأدبا تزخر بالمواقع الأثرية والتاريخية، ففيها أقدم موقع أقيم فيه طقوس دينية، وهو موقع المريغات، وأقدم مدينة مسورة، وهي خربة إسكندر في منطقة الوالة بلواء ذيبان التي تعود للعصر البرونزي، وأقدم نقش، وهو نقش مسلة ميشع في ذيبان، والأرضيات الفسيفسائية التي رسمت بكل براعة وفن على أيدي فناني مأدبا عبر العصور، وأطول برج في مأدبا الذي يقع في موقع أم الرصاص الأثري.

كما تتميز مأدبا بتراثها الديني وقصص الأنبياء والصحابة بدءًا من قصة موسى في جبل نيبو، وقصة النبي يحيى "يوحنا المعمدان" في مكاور، وقصة التقاء محمد عليه السلام في أم الرصاص بالراهب بحيرة، ومرور أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من بلدة الخطابية في مأدبا بطريقه إلى القدس، ومقام أبو ذر الغفاري في السحيلة بلواء ذيبان.

بترا