أفادت دراسة مسحية نفذتها الأمم المتحدة ونُشرت مؤخرا، أن 1.1% من اللاجئين السوريين في أربع دول عربية يريدون العودة لبلادهم خلال الـ12 شهرا المقبلة، في الوقت الذي تتزايد فيه الجهود الرامية لمحاولة تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين.

وتفيد الدراسة المنفذة من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في مصر ولبنان والأردن والعراق بين كانون الثاني وشباط 2023، أن 1.1% من اللاجئين السوريين الذين شملهم الاستطلاع ينوون العودة في الأشهر الاثني عشر المقبلة، مقارنة بنسبة 1.7% في 2022 و2.4% في 2021.

وأفاد 93.5% من اللاجئين المستجيبين للدراسة بعدم الرغبة بالعودة إلى سوريا خلال العام المقبل، مقابل 92.8% في 2022، فيما تعلن المفوضية عدم تشجيعها على العودة في الوقت الحالي.

وأظهرت الدراسة أن 97% من اللاجئين السوريين في الأردن المشاركين في الدراسة لا ينوون العودة إلى بلادهم خلال الـ12 شهرا المقبلة، مقابل 2.4% لم يقرروا بعد.

أما النسبة الإجمالية، لرغبة اللاجئين السوريين للعودة لبلادهم في أي وقت، فكانت 56.1%، وكانت نسبة اللاجئين الرافضين للعودة لسوريا في غضون عام واحد هي الأعلى في الأردن بواقع 96.8% فيما كانت العام الماضي 94.2%، مقابل 95% في مصر، و94% في العراق، و91% في لبنان.

في الأردن، أشار 65٪ من اللاجئين الذين شملهم الاستطلاع إلى رغبة عامة في العودة إلى سوريا في وقت ما، وهي النسبة الأعلى تليها لبنان والعراق، وكان أكبر تغيير في النوايا مقارنة باستطلاع العام الماضي في الأردن، بعد انخفاض نية العودة في الأشهر الـ12 المقبلة من 2.4% إلى 0.8% العام الحالي.

مخاوف أمنية

وشارك في دراسة "تصورات اللاجئين السوريين ونواياهم بشأن العودة إلى سوريا" الصادرة مؤخرا وهي الثامنة من نوعها 2984 لاجئا.

وعند سؤال المشاركين في الدراسة عن أسباب عدم نيتهم العودة إلى سوريا خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة، كانت العوامل الأكثر ذكرًا هي المخاوف بشأن الافتقار إلى السلامة والأمن ونقص فرص كسب العيش وفرص العمل، وعدم كفاية الخدمات الأساسية، ونقص السكن الملائم، وكذلك مخاوف مرتبطة بممتلكاتهم في سوريا، فضلاً عن المخاوف بشأن الخدمة العسكرية أو التجنيد الإجباري.

وأوضح المشاركين في الدراسة والذين أبدوا تخوفهم بشأن الأمن والسلامة، أن لديهم مخاوف تتعلق على وجه التحديد بـالصراع النشط ووجود جهات مسلحة وعدم إنفاذ القوانين والصراع القبلي أو الاجتماعي والخوف من استئناف الصراع ومخاطر المتفجرات والألغام والذخائر غير المنفجرة.

كما أن الافتقار إلى الوصول إلى الخدمات الأساسية الملائمة مثل الصحة والمياه والطاقة ونقص السكن اللائق من بين أهم العقبات التي تحول دون العودة، وفق الدراسة.

مصادر المعلومات

بشكل عام، لا يزال معظم اللاجئين السوريين يأملون في العودة يومًا ما على الرغم من التحديات الحالية داخل سوريا، بعد أن أعرب 56.1% من اللاجئين عن رغبتهم بالرجوع لسوريا في يوم ما.

ودعت المفوضية إلى دعم قدرة اللاجئين السوريين على اتخاذ قرارات حرة ومستنيرة بشأن مستقبلهم.

وأفاد 61.5% من المشاركين بالدراسة أن لديهم معلومات كافية لاتخاذ قرار العودة من عدمه خلال الأشهر الـ12 المقبلة، وكان مصدر المعلومات الأساسي لهم العائلة في سوريا ثم الإعلام.

وتشير الاتجاهات في السنوات القليلة الماضية إلى أن المصادر الرئيسية للمعلومات المتعلقة باتخاذ قرارات اللاجئين هي الأسرة أو الأقارب في سوريا، ووسائل الإعلام (مثل التلفزيون والصحف ووسائل الإعلام عبر الإنترنت) ومنصات التواصل الاجتماعي.

وقد تفسر زيادة الوصول إلى المعلومات عبر التقنيات الرقمية والاتصال على مر السنين قدرة اللاجئين على الحصول على موقف أكثر تحديدًا بشأن نيتهم في العودة، وفق المفوضية.

"لا نشجع حاليا"

ويأتي رفض العودة المتزايد من قبل اللاجئين السوريين وفق أرقام الأمم المتحدة، في الوقت الذي تتزايد فيه الجهود الرامية لمحاولة تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين.

وبناءً على نتائج الدراسة، أكدت المفوضية على أهمية استمرار المجتمع الدولي في الحفاظ على نهج شامل للحماية وتقديم الحلول للأزمة السورية، وهو ما يستلزم مساعدة البلدان والمجتمعات المضيفة في الحفاظ على بيئة لجوء وحماية ملائمة، وتعزيز الدعم للبلدان المضيفة، وزيادة تمكين اللاجئين من الاعتماد على أنفسهم، وتوسيع الوصول إلى حل إعادة التوطين وغيرها من "المسارات الآمنة" إلى بلد ثالث.

وقالت المفوضية في التقرير، إنها "لا تقوم حاليًا بتسهيل أو تشجيع عودة اللاجئين إلى سوريا، ولجميع اللاجئين حق إنساني أساسي في العودة إلى بلادهم".

وأكدت على أهمية اتخاذ قرار العودة على أساس طوعي من قبل اللاجئين وبناءً على معلومات محدثة وموثوقة، وليس قسرًا إما بشكل علني من خلال العودة القسرية، أو بشكل غير مباشر من خلال السياسات التي تقيد حقوق اللاجئين، أو عن طريق الحد من المساعدة للاجئين في البلد المضيف.

وكان بيان عمّان، الذي صدر بعد اجتماع وزراء خارجية الأردن والسعودية ومصر والعراق مع وزير الخارجية السوري الشهر الماضي، أكّد أهمية العمل على إطلاق عملية تجريبية للعودة الطوعية لحوالي ألف لاجئ سوري إلى بلدهم تحت إشراف الأمم المتحدة، للبناء عليها في إيجاد الظروف اللازمة لتسهيل العودة الطوعية للاجئين.

وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، في أيار الماضي، إنّ الأردن تجاوز طاقته الاستيعابية في استضافة اللاجئين الذين يجب أن تكثف الجهود لتأهيل البنية التحتية في سوريا لتسهيل عودتهم الطوعية إليها.

وأكد اجتماع عمان على أن العودة الطوعية والآمنة للاجئين إلى بلدهم هي أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً.

وأكدوا على ضرورة أن تبدأ الحكومة السورية، وبالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة، بتحديد الاحتياجات اللازمة لتحسين الخدمات العامة المقدمة في مناطق عودة اللاجئين للنظر في توفير مساهمات عربية ودولية فيها، مع توضيح الإجراءات التي ستتخذها لتسهيل عودتهم، بما في ذلك في إطار شمولهم في مراسيم العفو العام.

وبحث الصفدي مع مسؤولين أمميين التعاون الشهر الماضي التعاون لتوفير الظروف الأمنية والحياتية اللازمة للعودة الطوعية للاجئين، وأكد ضرورة اتخاذ خطوات فاعلة لمساعدة اللاجئين، الذين يختارون العودة، لناحية ضمان أمنهم وسلامتهم وتوفير متطلبات العيش الكريم لهم.

ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة السورية في 2011، بينهم 660 ألف لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية، وذلك حتى نهاية أيار 2023.

المملكة