بعد تفوّقها على أكبر عجلات المشاهدة في العالم عند افتتاحها أواخر 2021، توقّفت "عين دبي" بعد أشهر قليلة عن الدوران وباتت مجسّما يقدّم عروضا ضوئية ليلا فحسب.

وتكثر التساؤلات عن سبب إغلاق العجلة البالغ ارتفاعها 250 مترا ما يوازي ضعف حجم عجلة "لندن آي" تقريبا، منذ الصيف الماضي، وسط تكتّم رسمي يثير تكهّنات كثيرة وتشكيكا بإعادة تشغيلها قريبا.

وأكّد مؤخّرا الموقع الالكتروني للعجلة أن العجلة مغلقة "لاستكمال أعمال التحسينات التي بدأت خلال الأشهر الماضية".

وجاء ذلك بعد إعلان إغلاقها لبضعة أشهر وتمديد المدة مرات عديدة.

وبحسب الموقع، سيتم الإعلان عن تاريخ إعادة الافتتاح "في حينه"، واعدا بـ"تقديم عروض جديدة ومميّزة للزوار" عند إعادة فتحها".

على جزيرة "بلوواترز" الاصطناعية حيث تتربّع العجلة التي يقول المعنيون إن بناءها استغرق أكثر من 9 ملايين ساعة عمل، تبدو أبواب المعلم السياحي موصدةً والأنوار مطفأة، لا موظّفين يبيعون تذاكر، ولا زوّارَ ينتظرون دورهم للصعود، فقط بعض المارّة يلتقطون صورا للألعاب الضوئية التي تظهر على الدولاب العملاق وتلوّن السماء.

وقال السائح المصري مروان محمد "سألت عنصر أمن هنا، أجابني: كلا لا تعمل. سألته عن السبب لكنّه لم يعطني جوابا".

"مشاكل تقنية"

وروى مروان، وهو مستشار أعمال يبلغ 33 عاما، أنه ركِب العجلة في السابق "وكان المنظر جميلا جدا من فوق"، مع أنّه شعر "ببعض القلق" آنذاك لأنها كانت تدور ببطء شديد.

وتستغرق كل دورة من العجلة نحو 38 دقيقة وهي تضمّ 48 مقصورة بين عادية وفاخرة، تتسّع كل منها لأربعين شخصا بحدّ أقصى، لتصل السعة الإجمالية إلى 1750 شخصا في آن.

وتتراوح أسعار بطاقة الصعود بين مئة درهم (نحو 27 دولارا) و4700 درهم (نحو 1280 دولارا).

ورفض معظم العاملين على جزيرة "بلوواترز" الذين حاولت فرانس برس التواصل معهم، التحدّث، أو شاركوا ما سمعوه لكن اشترطوا عدم كشف أسمائهم.

وأعطى عدد منهم سيناريوهات مختلفة عن سبب الإغلاق، فقال أحدهم إن فيها تصدّعا من الداخل، فيما أكّد آخر أن الجزيرة الاصطناعية تغرق بسبب وزن العجلة، وأجمعوا على أن هناك "مشاكل تقنية".

وتقع جزيرة "بلوواترز" الاصطناعية التي افتتحت أواخر عام 2018، في منطقة مرسى دبي، وتضمّ شققا سكنية فخمة ومتاجر ومرافق ترفيهية إضافة إلى فنادق خمس نجوم ومنتجعات سياحية، ويربطها بالساحل جسر مروري وجسر للمشاة بطول 265 مترا.

وذكر نادل من جنسية آسيوية في مطعم مجاور أنه كان يسمع أصواتا عندما كانت تدور "وكأنّ شيئا ما ينكسر في الداخل".

"فقط للعرض"

ويتفاخر الموقع الإلكتروني للعجلة بأنّها "تحفة تتخطى الأرقام القياسية (...) وتُعيد تحديد المفاهيم في الهندسة والتقنية والسلامة".

والعجلة العملاقة التي تمّ تشييدها بالاستعانة "بأضخَم رافِعَتيْن في العالم"، مصنوعة من حوالي 11200 طن من الفولاذ، أي ما يزيد بنسبة 33% عن كمية الفولاذ المستخدم في بناء برج إيفل.

على الشاطئ المقابل، تعجّ المطاعم بالزبائن الذين يتفرّجون على العروض الضوئية.

وقال عامل في متجر شرط عدم الكشف عن اسمه "العام الماضي قيل إنه سيُعاد تشغيل العجلة في الشتاء، لكن ذلك لم يحصل... الآن يُقال الأمر نفسه... الآن يُقال الأمر نفسه، لكننا لسنا واثقين من ذلك، نحن ننتظر فحسب".

وكان من المفترض أن تكون العجلة مشروعا يدرّ أموالا طائلة مقابل ركوبها وإقامة الفعاليات داخلها وفي محيطها، وأيضا بفضل إيرادات خدمة إضاءتها بإعلانات.

وتابع العامل "طالما العجلة لا تعمل، نحن أيضا لا نجني المال، فالمبيعات منخفضة"، مشيرا إلى أن الجزيرة كانت تعجّ بالناس عندما كانت العجلة مشغّلة.

وفي عام 2022، استقبلت الإمارة التي تحتضن أيضا برج خليفة، أطول مبنى في العالم، 14 مليون سائح، بزيادة قدرها 97% مقارنة بـ2021 (7,28 مليون زائر)، العام الذي افُتتحت العجلة في أواخره بعد انتشار فيروس كورونا، وفق أرقام رسمية.

ويرى كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية في واشنطن روبرت موغيلنيكي أنّ "عجلة مشاهدة مغلقة أو معطّلة لن تتمكن من إغراق قارب دبي الاقتصادي".

ويشير مدير الأبحاث في معهد واشنطن المتخصص في شؤون الخليج باتريك كلاوسن من جهته "مهما كانت المشكلة، أفترض أن السلطات ليست واثقة من أن لديها حلا".

ويضيف "عدم الاعتراف بالمشاكل برأيي، أسوأ من الاعتراف بها. لكن يبدو أن سلطات دبي لا تؤيّد ذلك".

أ ف ب