تصاعدت التوترات الاثنين، في جامعة كولومبيا في نيويورك بين المتظاهرين الداعمين للقضية الفلسطينية وإدارة الجامعة، ورفض طلاب إخلاء الخيم حيث يحتجون "إلا بالقوة" على الرغم من إنذار يهدّد بفصلهم في حال لم يتفرّقوا.

وتُعتبر جامعة كولومبيا في نيويورك نقطة انطلاق شرارة التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين قبل انتشارها على نطاق واسع في جامعات الولايات المتحدة.

وحضّت رئيسة جامعة كولومبيا، مينوش شفيق، في بيان، الطلاب المتظاهرين، إلى إخلاء خيامهم بعد فشل مفاوضات بين المحتجين وإدارة الجامعة.

وطلبت الجامعة في وثيقة وزعت على المتظاهرين بعنوان "إشعار للمخيم" إخلاء المكان بحلول الساعة 14:00 (18:00 بتوقيت غرينتش)، وإلا "سيتم فصلكم في انتظار تحقيق"، بحسب النص.

وتعهد الطلاب بالدفاع عن خيامهم المنصوبة في الحديقة الرئيسية لحرم الجامعة في نيويورك، على الرغم من تهديد الكلية بفصلهم.

ودعوا فوراً إلى تظاهرة تلاها مؤتمر صحافي "لحماية المخيم".

وقالت إحدى قيادات الحركة الطلابية سويدا بولات، من على منصة، "لن يتم طردنا إلا بالقوة".

ومع انتهاء مهلة الإنذار سار عشرات الشباب مرتدين كمّامات تغطي وجوههم حول الحرم الجامعي وصفقوا بأيديهم وهتفوا "فلسطين حرة" حسبما أفادت وكالة فرانس برس، مؤكدةً أن نحو خمسين شخصاً بقوا في المخيم.

وأكدت شفيق أن الجامعة تجري محادثات منذ الأسبوع الماضي مع قادة الاحتجاجات بشأن إخلاء الخيم لكن "للأسف لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق". ورأى الأستاذ في جامعة كولومبيا جوزيف هولي، أن بيان الجامعة يرقى إلى "الاستسلام للضغوط السياسية الخارجية".

وقال إن إدارة المؤسسة تختار الانطلاق من "افتراض بأن مجرد وجود خطاب سياسي باسم فلسطين يشكل تهديداً لليهود مثلي"، وهو أمر "سخيف وخطير".

منذ نحو 10 أيام انطلقت الحركة الطالبية من جامعة كولومبيا المرموقة في نيويورك. واتّسع نطاقها إلى حرم جامعية عدة في الولايات المتحدة بعدما اعتقلت الشرطة الأميركية نحو مئة طالب مؤيد للفلسطينيين كانوا قد بدأوا احتلال مروج الجامعة غداة مداخلة لرئيستها في الكونغرس، دافعت فيها عن نفسها من اتهامات بمعاداة السامية في المؤسسة التعليمية.

ومنذ ذلك الحين، أوقف مئات الأشخاص من طلاب وأساتذة وناشطين لفترة وجيزة، واحتجز بعضهم ورُفعت شكاوى قضائية ضدهم في جامعات عدة في مختلف أنحاء البلاد.

وانتشرت في أنحاء العالم صور لشرطة مكافحة الشغب أثناء تدخلها في حرم جامعات، بعدما استدعاها رؤساء هذه الجامعات، ما أعاد إلى الأذهان أحداثاً مماثلة في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام.

توتر

وشكلت الاحتجاجات ضد الحرب على غزة التي أسفرت عن سقوط عدد كبير من الشهداء الفلسطينيين، تحدياً لرؤساء الجامعات الأميركية الذين يحاولون الموازنة بين الحق في حرية التعبير وشكاوى من أن التظاهرات انحرفت نحو معاداة السامية والتهديد بالعنف.

وأدت التظاهرات إلى تصاعد حدة النقاش حول حرية التعبير، ومعاداة الصهيونية، وما هي معاداة السامية.

ويتّهم جزء من المجتمع الأميركي، الجامعات الأميركيّة، بعدم بذل جهود كافية لمكافحة معاداة السامية ما أدّى إلى استقالة رئيستَي جامعة هارفرد وجامعة بنسلفانيا هذا الشتاء.

ويتهم طلاب وأساتذة جامعتهم من جهة بالسعي إلى فرض رقابة على خطاب سياسي، وتؤكد شخصيات عديدة من جهة أخرى وبينها أعضاء في الكونغرس، أن الناشطين يؤججون معاداة السامية.

وأكدت جامعة كولومبيا أنّ العديد من الطلاب اليهود غادروا حرمها الجامعي.

وقالت رئيسة جامعة كولومبيا مينوش شفيق في بيانها، "العديد من طلابنا اليهود وغيرهم من الطلاب أيضًا وجدوا أن الأجواء لا تطاق في الأسابيع الأخيرة. وغادر كثيرون الحرم الجامعي، وهذه مأساة".

وتابعت "نحض الموجودين/ات في المخيم على التفرق طوعاً، ونحن ندرس بدائل داخلياً لإنهاء هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن".

وأضافت "إن اللغة والأفعال المعادية للسامية غير مقبولة، والدعوات إلى العنف بغيضة بكل بساطة".

وقالت "إن حقوق مجموعة ما في التعبير عن آرائها لا يمكن أن تأتي على حساب حق مجموعة أخرى في التحدث والتدريس والتعلّم".

وينفي منظمو الاحتجاجات في الجامعات الاتهامات بمعاداة السامية، مؤكدين أن تحركاتهم تستهدف الحكومة الإسرائيلية وتطالب بمحاكمتها بسبب الحرب على غزة.

كما يشدّدون على أن الأحداث الأكثر تهديدًا في الجامعات يقف وراءها محرضون من غير الطلاب.

وأكدت مينوش شفيق في بيانها، أن جامعة كولومبيا لن تقطع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل، وهو مطلب رئيسي لهذه الحركة الطلابية، لكنها أعلنت أن كولومبيا "اقترحت أن تستثمر في مجال الصحة والتعليم في غزة".

وقالت الجامعة إنها عرضت تسريع مراجعة مقترحات الطلاب لسحب استثمارات وتحسين الشفافية.

واعتبرت عضو الكونغرس الجمهورية إليز ستيفانيك، التي استجوبت رئيستي الجامعتين المستقيلتين خلال جلسة استماع لهما في الكونغرس، أن بيان شفيق "مخزٍ".

وكتبت على منصة "إكس"، "لم تذكر ولا حتى مرة واحدة حماية الطلاب اليهود من معاداة السامية التي تحتدم في كولومبيا".

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، "نحترم الحق في الاحتجاج السلمي". وتابع "لكننا ندين بشدة التصريحات المعادية للسامية التي سمعناها في الآونة الأخيرة و... كل خطابات الكراهية والتهديدات بالعنف المتداولة".

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أوقف 100 شخص في حرم جامعي في بوسطن وتم تفكيك مخيم المتظاهرين هناك، وأوقف 80 آخرون في كلية في ميزوري، و72 في حرم جامعي في أريزونا، و23 آخرون في جامعة إنديانا.

أ ف ب