قالت دراسة جديدة إن 47% من نساء الأردن يعزفن عن دخول سوق العمل بسبب عدم توفر مواصلات عامة فاعلة، داعية إلى تحسين النقل العام للإسهام في تعزيز انضمام المرأة إلى القوى العاملة.

وأوصت الدراسة، التي أطلقتها مؤسسة صداقة ومؤسسة فريدريش إيبرت، أن تأخذ سياسات وإجراءات الحكومة معدّل مشاركة المرأة المنخفض في سوق العمل بعين الاعتبار، نحو تحسين التواصل بين المدن لتعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة لدعم النمو الاقتصادي للمدن والبلديات النائية.

ودعت الدراسة صانعي سياسات إلى النظر في وضع إطار لدمج النهج الجندري والاجتماعي في نظام النقل العام لإزالة حواجز وتعزيز خدمات وتحسين خبرات نساء في نظام النقل، إضافة إلى مراعاة منافع اقتصادية تعود على المرأة نتيجة زيادة إمكانية وصولها إلى وسائل النقل العام.

الدراسة، التي صدرت بعنوان "المواصلات من وجهة نظر المرأة المستخدمة للنقل العام"، أوضحت أن 55% من النساء المستطلعات اللواتي يستخدمن نقلا عاما يرين أنه يؤثر سلبياً على حياتهن ويضعهن تحت ضغوط نفسية بسبب عدم فاعليته كمنظومة، مما يأخرهن عن عملهن وأماكن دراستهن وقد يؤدي إلى انسحابهن من العمل والدراسة.

وطالبت الدراسة بتوفير تدابير سلامة أفضل في محطات توقف حافلات لتشمل إضاءة أفضل ومراقبة مستمرة.

مستطلعات، اقترحن عدة خيارات أبرزها؛ وضع جداول زمنية واضحة ومحددة مسبقا تظهر أوقات وخطوط النقل، وخدمات على مدار الساعة، وتحسين البنية التحتية وتخصيص مقاعد ومداخل للنساء، إضافة إلى زيادة التدابير الأمنية من خلال تركيب كاميرات في حافلات ومحطات وتوظيف عناصر أمن.

بلغت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل الأردني 14.9%، ومشاركة الرجل 67.1%، لتبلغ نسبة الفجوة بين الجنسين في سوق العمل 22%، فيما بلغت فجوة الأجور 63%المنتدى الاقتصادي العالمي، تقرير 2018

وزير النقل أنمار الخصاونة، قال إن الدراسة "تتناول مفهوما جديدا، وهو (النوع الاجتماعي والنقل)، حيث قلّما يتمّ إدراج النقل في أجندة سياسة النوع الاجتماعي كما لا تتوفر إجراءات منهجية لدمج النوع الاجتماعي على صعيد النقل".

وأضاف أنه "من أهم المؤشرات التي وردت في التقرير أن زيادة استخدام النقل العام من قبل المرأة سيؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي ككل".

رندة نفّاع، عضو مؤسّس في صداقة، قالت إن "رفع مشاركة المرأة الاقتصادية هدف أساسي دفعنا لدراسة أسباب تجعل المواصلات العامة عقبة هيكلية أمام دخول المرأة سوق العمل بالإضافة إلى عدم توفر حضانات وعدم تكافؤ أجور وتدنيها".

وتسعى الدراسة، التي شملت 500 امرأة مستخدمة للمواصلات من 11 محافظة، إلى جعل النقل العام قضية رأي عام تحتاج إلى فهم واستجابة فوريين من خلال وضع واعتماد استراتيجيات للتنقل تراعي فوارق مبينة على النوع الاجتماعي. 

وترى 80.5% من نساء مستطلعات أن النقل العام جزء لا يتجزأ من مشاركة المرأة الاقتصادية، وقالت 48.1% منهن أنهن ينفقن من دينار إلى دينارين للذهاب إلى العمل، في حين أن 42% يدفعن أكثر من دينارين.

ووفق دائرة الإحصاءات العامة، ينفق الأردنيون بقدر ما ينفقونه على السكن (ما متوسطه 360 دينارا للأسرة، بين 20 و25% من دخل الأسرة الأردنية).

سهر العالول، مؤلفة للدراسة من مؤسسة صداقة، قالت إن الدراسة "تعتبر الأولى من نوعها في الأردن من وجهة نظر استخدام النساء للنقل العام تدعم إدماج النوع الاجتماعي في النقل ضمن إطار منهجي".

"الدراسة أظهرت أثر جودة المواصلات على توظيف المرأة ومشاركتها الاقتصادية والمخاوف الخاصة بالسلامة والأمان التي تمنع النساء وفئات مهمّشة من استخدام النقل العام"، أضافت العالول، موضحة أن الدراسة تدعو الحكومة لإدراج النقل العام ضمن أولوياتها لتحسين قدرة المرأة على التنقّل وتعزيز مشاركتها الاقتصادية والسياسية.

الأردن أعلن التزامه برفع معدل مشاركة النساء في القوة العاملة إلى 24% خلال مؤتمر عقد في لبنان نظّمه البنك الدولي، كما التزم بتعديل قانون العمل وتشريعات تدعم زيادة مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية.

وقالت الدراسة إن مخاوف خاصة بالسلامة والأمان تمنعهن من استخدام النقل العام، حيث أن 46% من المستطلعات لم يكن لديهن خيار آخر غير النقل العام، و27% فضّلنه بسبب قدرتهن على تحمل تكلفته.

ويتركز استخدام النساء للمواصلات في ساعات الذورة الصباحية بنسبة 51.7%، فيما تقل في الفترة المسائية إلى 23.3%، حيث تتراجع هذه الأرقام مع اقتراب المساء وساعات الليل المتأخرة نظراً إلى ازدياد مخاوف مرتبطة بالسلامة الشخصية والأمان

وقالت 41.2% من المستطعات إن عدم امتلاك سيارة خاصة كان سبباً لاستخدام وسائل النقل العام، فيما فسرّت 31.6% منهن عدم امتلاك خيار آخر لاختيارها، 18.6% بسبب الكلفة الأدنى، 4.4% بسبب السرعة، و4.2% للأمن.

وتعتقد 59% من نساء مستطلعات أن تجربتهن مع النقل العام مختلفة عن تجربة الرجال، بينما ذكرت 62% أنهن تعرضن لشكل التحرش خلال تنقلهن.

وبيّنت الدراسة أن العمل كان السبب الأكثر شيوعا لاستخدام النقل العام بنسبة 27.7%، فيما كان التسوق سبباً بنسبة 24.4%، و18.3 لزيارة أصدقاء وأقارب، و11.5% للعلاج، 11.1 للدراسة، 3.5% لمرافقة الأطفال، و3.4% لأسباب أخرى كالأنشطة التوعوية وجلسات التدريب.

وقالت نتائج الدراسة إن النساء العاملات يسلكن وسيلة واحدة فأكثر للوصول إلى عملهن، حيث تسلك 31% من المستطلعات وسيلة واحدة، فيما تسلك 45% منهن وسيلتان، و16.4% ثلاثة وسائل، و6.8% تسلكن أكثر من 3 وسائل.

تستخدم 31.7% من نساء مستطلعات حافلة كبيرة للوصول إلى العمل، فيما تستخدم 18.9% حافلة صغيرة، و24.6% تستخدمن سيارة أجرة مشتركة، و24.8% تستخدمن سيارة أجرة (صفراء)دراسة المواصلات من وجهة نظر المرأة المستخدمة للنقل العام

فرانسيسكا فيهنجر، منسقة برامج إقليمية في مؤسسة فريدريش إيبرت، قالت إنه "بعد عمل مستمر استغرق عامين في بحث وإعداد، حيث نشعر بالفخر أننا استطعنا إخراجها بشكل يبحث في جوانب متعددة لتنقل المرأة في وسائط نقل عام ومن بينها التكلفة والأمان والفعالية".

"ما زال عدد كبير من النساء لا يعملن بسبب ارتفاع كلفة التنقل أو صعوبة الوصول إلى أماكن العمل عبر المواصلات العامة، هناك الكثير أمامنا لنذيل هذه العقبة وستشكل الدراسة أساسا ننطلق منه ونبني عليه في هذا المجال"، وفق فيهنجر.

مؤسسة صداقة، تأسست عام ٢٠١١ كحملة تنظيم مجتمعي تسعى لخلق بيئة عمل داعمة للنساء من حيث المطالبة بحقوق المرأة الاقتصادية وإزالة عقبات دخولها إلى سوق العمل، ومؤسسة فريدريش إيبرت، منظمة ألمانية غير ربحية، تعمل على دعم التقدم نحو العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين.

المملكة