استعرض منتدى الاستراتيجيات الأردني عددًا من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعكس تطور الأردن منذ إعلان استقلال المملكة في 25 أيار 1946 وحتى اليوم، وتُبيّن قدرة الاقتصاد الوطني على تجاوز كافة التحديات والمعيقات، وترسيخ مناعته ومتانته على مدى السنوات.

في الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، يحتفل الأردنيون بمنجزات دولة سعت منذ تأسيسها إلى بناء اقتصاد وطني متين، وتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، رغم الظروف والتحديات الإقليمية والعالمية التي واجهها الأردن على مرّ عقود من الزمن.

فعلى صعيد القطاع الصحي، أشار منتدى الاستراتيجيات الأردني إلى التطور الملحوظ في عدد من المؤشرات الصحية، والتحسن العام في جودة الأنظمة والخدمات الصحية، وهو ما انعكس إيجابًا على ارتفاع متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 52.6 سنة في عام 1960 إلى 77.8 سنة مع نهاية عام 2023.

أما في قطاع التعليم، فقد أوضح المنتدى أن الارتفاع في عدد المؤسسات الأكاديمية – من مؤسسة واحدة فقط في عام 1962 إلى 41 مؤسسة في عام 2025 – يعكس تنامي الاهتمام بالتعليم العالي في مختلف أنحاء المملكة. ويُعدّ هذا التوسع مؤشرًا إيجابيًا على تنوّع التخصصات الأكاديمية واتساع نطاقها، مما أسهم في تزويد السوقين المحلي والإقليمي بالكفاءات المؤهلة في شتى القطاعات والأنشطة الاقتصادية.

وعلى صعيد القطاع الصناعي، أكد منتدى الاستراتيجيات الأردني أن الصناعة الأردنية شهدت توسعًا كبيرًا منذ انطلاقتها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حين اقتصرت على صناعات خفيفة مثل الأغذية والمحيكات وبعض المنتجات الكيماوية، لتصل اليوم إلى مستويات متقدمة تشمل مجالات متنوعة كالصناعات الهندسية، والمعادن، والصناعات الدوائية وغيرها. كما أشار المنتدى إلى أن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي تضاعفت من 11.6% عام 1976 إلى 22.6% في عام 2024، ما يعكس تحوّلًا هيكليًا مهمًا في بنية الاقتصاد الوطني.

وفي السياق ذاته، شهد عدد المنشآت الاقتصادية المسجّلة لدى الضمان الاجتماعي في مختلف القطاعات نموًا ملحوظًا، حيث ارتفع من نحو 9,950 منشأة في عام 2004 إلى حوالي 69,800 منشأة في عام 2023. وقد أسهم هذا التوسع في تعزيز مستويات التشغيل، إذ ارتفع عدد منتسبي الضمان الاجتماعي من 366 ألف فرد في عام 2000 إلى 1.55 مليون فرد في عام 2023، مما يعكس أيضًا اتساع قاعدة الحماية الاجتماعية في المملكة.

كما أشار المنتدى إلى التحسّن الملحوظ في قطاع الزراعة، حيث ارتفعت القيمة المضافة للقطاع من 42.2 مليون دينار في عام 1976 إلى نحو 1.9 مليار دينار في عام 2024. ويعكس هذا النمو تعزيزًا في مستويات الأمن الغذائي، إذ تمكّن الأردن من تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات الزراعية والحيوانية، إلى جانب تصدير الفائض إلى الأسواق الإقليمية والدولية.

وأوضح المنتدى الدور المحوري الذي لعبه قطاع التعدين في تعزيز منعة الاقتصاد الوطني ورفده بالعملات الأجنبية، وذلك من خلال التوسع في قاعدته الإنتاجية ووصول منتجاته إلى أسواق إقليمية وعالمية. وقد تضاعفت القيمة المضافة لهذا القطاع من 16.2 مليون دينار في عام 1976 إلى نحو 1.25 مليار دينار في عام 2024.

كما نوّه أيضًا إلى الدور المهم لقطاع النقل والتخزين وتكنولوجيا المعلومات في دعم القطاعات الاقتصادية، من خلال توفير الخدمات المساندة التي تُسهم في تعزيز كفاءتها الإنتاجية. فقد ارتفعت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 60.8 مليون دينار في عام 1976 إلى نحو 3.1 مليار دينار في عام 2024.

وفي إطار التوجّه نحو اقتصاد أخضر ومستدام، أظهر المنتدى التحوّل المتزايد في اعتماد المملكة على مصادر الطاقة المتجددة، إذ ارتفعت نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في إجمالي استهلاك الطاقة في الأردن من 0.7% في عام 2014 إلى نحو 13% في عام 2019، وصولًا إلى 27% في عام 2024. ويعكس هذا التحوّل التزام الأردن بتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية، وتعزيز أمن الطاقة، والتقليل من كلف الإنتاج، وتحقيق أهداف الاستدامة البيئية التي تضمن استمرارية التنمية على المدى الطويل.

وأشاد المنتدى بالجهود المبذولة، التي نجحت في تعزيز مكانة الأردن على الساحتين الإقليمية والدولية، ما أسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع مختلف دول العالم. وقد تكللت هذه الجهود بتوقيع 23 اتفاقية تجارة حرة وثنائية بحلول عام 2024، ما ساهم في توسيع قاعدة الشركاء التجاريين، حيث ارتفع عدد وجهات التصدير من 99 دولة في عام 1994 إلى 146 دولة في عام 2024. وبلغت قيمة الصادرات السلعية الوطنية نحو 8.6 مليار دينار، مقارنة بـ146.9 مليون دينار عام 1976، لتُشكّل الصادرات السلعية والخدمية معًا نسبة 43.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد المنتدى في هذا السياق أن الاحتفال بعيد الاستقلال هذا العام يأتي في ظل التزام وطني متجدّد بمواصلة مسيرة التحديث الاقتصادي وتحقيق أهداف الرؤية الوطنية 2033، من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واستثمار الإمكانات البشرية والطبيعية للمملكة بأفضل شكل ممكن.

المملكة