قصفت روسيا ليل الأحد – الاثنين، أوكرانيا بأكبر سرب من المسيّرات منذ شنّ الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، بحسب ما أعلنت كييف بعيد ساعات من انتقاد دونالد ترامب "جنون" فلاديمير بوتين وتشديد نبرته إزاء موسكو.

ويطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنهاية سريعة للحرب في أوكرانيا، لكن جهوده الدبلوماسية المكثّفة لم تفض بعد إلى أيّ نتائج تذكر مع موسكو.

وبالرغم من التفاؤل الذي أظهره الاثنين الماضي بعد مكالمة هاتفية لقرابة ساعتين مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كثّفت روسيا قصفها لأوكرانيا في الأيّام الأخيرة.

ولليلة الثالثة على التوالي، تعرّضت أوكرانيا لقصف روسي كثيف، فيما أنجزت الدولتان الجارتان عملية واسعة لتبادل الأسرى خلال نهاية الأسبوع.

وتسبّب القصف الروسي بمقتل 13 شخصا الأحد، وفق ما كشفت السلطات الأوكرانية.

وفي انتقاد نادر من نوعه للرئيس الروسي، كتب دونالد ترامب في ساعة متأخّرة من مساء الأحد على شبكته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال "كانت لديّ دائما علاقة جيدة جدا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنّ شيئا ما أصابه. لقد جنّ جنونه".

وأضاف "قلت دائما إنه يريد أوكرانيا كلها وليس جزءا منها فقط، وقد يتضح أن هذا صحيح، ولكنه إن فعل ذلك، فسيؤدي الأمر إلى سقوط روسيا".

وردّ الكرملين على انتقادات ترامب الاثنين، قائلا إن بوتين يتّخذ التدابير "اللازمة لضمان أمن روسيا".

وقال الناطق باسمه دميتري بيسكوف في إحاطة إعلامية "هي مرحلة حرجة جديدة مشحونة".

أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فاستنكر من جانبه حالة "الإفلات من العقاب" السائدة بالنسبة إلى روسيا.

وأكّد عبر شبكات التواصل الاجتماعي على ضرورة أن يقابل "تكثيف الضربات الروسية بتشديد للعقوبات".

واعتبر الرئيس الفرنسي من جهته أن ترامب "أدرك" أخيرا "كذب" بوتين بشأن نيّته التوصّل إلى هدنة في أوكرانيا.

وطالب إيمانويل ماكرون أن يترجم "استياء" ترامب من نظيره الروسي إلى "أفعال"، داعيا إلى تحديد "مهلة نهائية" مقرونة بـ"عقوبات ضخمة" لروسيا بغية دفعها إلى القبول بوقف لإطلاق النار في أوكرانيا.

بدوره، رأى المستشار الألماني فريدريش ميرتس بأن بوتين يرى المقترحات المقدمة إليه لوضع حد لحرب أوكرانيا "مؤشر ضعف".

وقال ميرتس لشبكة WDR العامة "من الواضح بأن بوتين يرى أن العروض لإجراء محادثات هي مؤشر ضعف.. إذا لم توافق (روسيا) على عرض للاجتماع في الفاتيكان، فعلينا أن نكون على استعداد لاستمرار هذه الحرب مدة أطول مما يمكننا تخيله".

وفي شباط/ فبراير 2022، شنّت روسيا هجومها العسكري واسع النطاق على أوكرانيا التي باتت اليوم تسيطر على قرابة 20% من أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو إلى أقاليمها بقرار أحادي عام 2014.

وتسبّب النزاع بمقتل أو إصابة عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين من الجانبين وفرار الملايين.

ودُمّرت مدن وبلدات في شرق أوكرانيا وجنوبها.

كما أثار النزاع أكبر أزمة في العلاقات بين الغرب وروسيا منذ الحرب الباردة.

ولم تعلن كييف عن أيّ وفيات مباشرة نتيجة الهجوم الروسي الأخير بالمسيّرات، لكن القصف الروسي في الساعات الماضية أسفر عن مقتل مدني في منطقة سومي (شمال شرق).

وفي هذه المنطقة المحاذية لروسيا حيث تريد موسكو إقامة منطقة عازلة لمنع توغّل الجيش الأوكراني في أراضيها، أعلن الجيش الروسي من جهته الاثنين الاستيلاء على بلدتين.

وأفادت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها اليومي بأن قوّاتها استولت على بلدتي فولوديميريفكا وبيلوفودي الواقعتين على مسافة بضعة كيلومترات عن الحدود مع روسيا.

وكانت الوزارة أعلنت السبت السيطرة على بلدة لوكنيا في المنطقة.

والأحد، أعرب ترامب عن "الاستياء" من الهجمات الروسية الأخيرة على أوكرانيا، غير أن تصريحات الرئيس الأميركي تبقى فضفاضة إزاء أيّ تدبير ملموس يستهدف روسيا واكتفى دونالد ترامب بكلمة "قطعا" ردّا على سؤال مساء الأحد حول إمكان تشديد العقوبات الأميركية.

وصبيحة الاثنين، سمع مراسلو وكالة فرانس برس دوّي انفجارات قويّة من الدفاعات الجوّية في العاصمة كييف.

وأفاد سلاح الجوّ الأوكراني في بيان الاثنين بأن "العدو شنّ هجوما ضدّ أوكرانيا باستخدام 364 قذيفة هجومية جوية"، بما فيها "355 مسيّرة من طراز شاهد" بينها مسيّرات تمويه، بالإضافة إلى تسعة صواريخ كروز، ليل الأحد الاثنين.

وقال الناطق باسمه يوري إيغنات لوكالة فرانس برس إنه أكبر هجوم بمسيّرات يستهدف أوكرانيا منذ بدء الهجوم الروسي لأراضيها في شباط/فبراير 2022.

ودوت صفّارات الإنذار الجوّي 6 ساعات، وفق ما أفاد مسؤولون.

وفي منطقة خملنيتسكي الغربية، ألحقت الضربات الجوية أضرارا بـ18 مبنى سكنيا، بحسب السلطات.

ومنذ منتصف شباط/ فبراير، تكثّف إدارة ترامب الدعوات إلى وقف لإطلاق النار.

وتقاربت من موسكو لكن من دون نتائج ملموسة تذكر حتّى الساعة.

وما زال التباين سيّد الموقف في مطالب الطرفين للتوصّل إلى هدنة، ففي حين تطالب كييف بوقف "غير مشروط" لإطلاق النار لمدّة ثلاثين يوما لإتاحة هامش لمباحثات السلام، تنطلق موسكو من مبدأ أن المفاوضات تقام "بالتوازي" مع المعارك.

والنتيجة الوحيدة الملموسة التي أفضت إليها المحادثات المباشرة بين الروس والأوكرانيين في منتصف أيار/ مايو في اسطنبول هي عملية واسعة لتبادل الأسرى على أساس ألف مقابل ألف.

والجمعة، أعلنت الخارجية الروسية أن موسكو تعمل على تحضير وثيقة تستعرض "شروط اتفاق دائم" لتسوية النزاع من المقرّر تسليمها إلى كييف.

أ ف ب