أعلنت هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية، الأربعاء، عن الاتفاق على تشكيل لجنة فنية مشتركة تضم ممثلين عن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، ودائرة الجمارك، بهدف إجراء دراسة آلية إصدار الفواتير، وتجنب الازدواجية في التقييم، بما يحفز بيئة الاستثمار داخل المناطق الحرة ويعزز التزامها بأنظمة الدولة.

جاء ذلك خلال اجتماع موسع استضافته الهيئة في مقرها الرئيسي في محافظة الزرقاء، بحضور مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي، ومدير عام دائرة الجمارك اللواء أحمد العكاليك، ومدير عام المجموعة الأردنية للمناطق الحرة عبدالحميد الغرايبة، ورئيس الهيئة النائب محمد البستنجي وأعضاء مجلس إدارة الهيئة .

وتهدف اللجنة إلى إعداد صيغة تنفيذية واضحة وملزمة لآلية إصدار الفواتير داخل المناطق الحرة، تتواءم مع متطلبات نظام الفوترة الوطني من جهة، وتراعي خصوصية التقييم الجمركي المعتمد من جهة أخرى، بما يضمن الانضباط المالي دون الإضرار بالبيئة الاستثمارية في هذه المناطق الحيوية.

وتم الاتفاق خلال الاجتماع على أن تبدأ اللجنة المشتركة عملها فورًا، وأن تقدم توصياتها العملية خلال فترة قصيرة، تمهيدًا للاتفاق على معالجة يتم تعميمها.

وقال النائب محمد البستنجي، رئيس الهيئة، إن هذا التحرك يأتي بعد رصد ملاحظات وشكاوى من المستثمرين، خصوصًا في قطاع السيارات، بشأن تضارب القيم المعتمدة بين الضريبة والجمارك، مشيرًا إلى أن المستثمرين يلتزمون بإصدار فواتير تتضمن القيمة الحقيقية التي تقاضوها، ولكنهم قد يُعرضون للمساءلة لاحقًا إذا تبيّن أن هذه القيم أقل من التقديرات الجمركية.

وأكد البستنجي أن "وجود مرجعية واضحة وقرار رسمي يُنظّم هذه الآلية بات ضرورة ملحّة لحماية المستثمر من المساءلة القانونية، وضمان انسجام البيانات المالية مع الأنظمة المعمول بها"، مضيفًا أن تشكيل اللجنة خطوة متقدمة لمعالجة هذا الإشكال المزمن بطريقة مؤسسية وعملية.

من جانبه، أكد المدير العام لدائرة ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي أن نظام الفوترة الوطني ليس نظامًا ضريبيًا بالمفهوم الضيق، بل هو نظام وطني توثيقي يهدف إلى إظهار حجم الاقتصاد الأردني بصورة دقيقة، وتحقيق الشفافية في التعاملات المالية.

وقال أبو علي: "نظام الفوترة لا يفرض ضرائب جديدة، بل يُثبت العمليات المالية ويُعتمد عليه في التقييم العام للاقتصاد، لافتا النظر إلى أنه ولغايات هذا النظام، يتم اعتماد القيمة الفعلية التي يتقاضاها التاجر عند إصدار الفاتورة، وليس القيم التقديرية الجمركية".

وشدد على أن "اللجنة المشتركة ستعمل على إصدار تعليمات تنفيذية رسمية يتم تعميمها على المدققين، بحيث تكون الفاتورة الصادرة في المناطق الحرة مستندة فقط إلى القيمة الفعلية المقبوضة، دون أي التزام بقيمة البيان الجمركي لغايات الضريبة".

وأضاف: "الجمارك لها أدواتها الخاصة في التقييم لأغراض الرسوم الجمركية، لكن نظام الفوترة لا علاقة له بهذه القيم، وإنما يرتبط مباشرة بالقيمة الحقيقية للصفقة، سواء كانت أعلى أو أقل من قيمة التخمين الجمركي".

وحول المصانع داخل المنطقة الحرة، أكد أبو علي أن الاستثمار داخل المناطق الحرة له غاية محددة ومبينة بوضوح في قانون البيئة الاستثمارية، ولا يمكن المساواة بين مصنع يعمل فعليًا في سحاب ويدفع ضريبة بنسبة 20%، وآخر يُسجل في المنطقة الحرة فقط للاستفادة من الإعفاءات دون أن يكون له نشاط صناعي حقيقي.

وقال: "الأردن اختار نهجًا استثماريًا واضحًا منذ عام 2018، يقوم على تشجيع الصناعة والتنمية، ولذلك منح المشاريع الصناعية التنموية ضريبة مخفضة بنسبة 5%، لكن لا يمكن تعميم هذه المزايا على من لا يمارس النشاط الصناعي فعليًا".

وأضاف: "إذا كانت المنشأة لا تُصدر بضائع، أو لا تصنع محليًا، وإنما تكتفي بالتخزين داخل المناطق الحرة، فلا يجوز لها الاستفادة من معاملة المصانع الصناعية، فالحكومة الأردنية واضحة في هذا النهج، ولن تقبل بتحويل المناطق الحرة إلى ملاذ ضريبي دون نشاط إنتاجي أو تصديري حقيقي".

بدوره، أكد المدير العام لدائرة الجمارك اللواء أحمد العكاليك على أهمية التنسيق بين الجهات الرسمية والمستثمرين، مشيرًا إلى أن الجمارك تعتمد على آلية تخمين تستند إلى الممارسات الدولية والمعايير المعتمدة في اتفاقية التقييم الجمركي التابعة لمنظمة الجمارك العالمية.

وأوضح أن "ما تم التوصل إليه اليوم من تفاهمات بشأن تشكيل لجنة مشتركة هو إنجاز مهم لتوحيد المرجعيات وتخفيف العبء عن المستثمر، دون المساس بأدوات التقييم السيادي لكل دائرة". وبيّن أن "اللجنة ستنظر في الحالات الخاصة وتقدم حلولًا عملية قابلة للتطبيق، على أن تبقى القيمة الجمركية المعتمدة مستقلة لأغراض الرسوم".

وفي مداخلة له، أكد المدير العام للمجموعة الأردنية للمناطق الحرة، عبدالحميد الغرايبة، أن هذا الاتفاق يأتي في وقت حاسم يشهد فيه القطاع زيادة في التحديات التنظيمية، داعيًا إلى تحويل المناطق الحرة إلى بيئة نموذجية للاستثمار من خلال تسهيل الإجراءات وتوضيح المرجعيات القانونية.

وأضاف أن "20% من المبيعات في المناطق الحرة تتم مباشرة مع المواطنين، و80% مع شركات، مما يُبرز الحاجة لتوازن دقيق في السياسات الضريبية والجمركية".

ولفت النظر إلى أن المناطق الحرة الأردنية من الركائز الاقتصادية الأساسية، حيث تؤدي دورًا مهمًا في دعم الصادرات، واستقطاب الاستثمارات، وتوفير فرص العمل، حيث يأتي هذا التوجه ضمن سلسلة إصلاحات تتبناها الحكومة لتعزيز الحوكمة المالية ودمج الاقتصاد غير الرسمي ضمن المنظومة الاقتصادية الرسمية.

ودار نقاش موسع بين الحضور داخل الاجتماع، حيث طُرحت العديد من الاستفسارات حول عدد من الأمور المتعلقة بالعمل الضريبي والجمركي التي تتقاطع مع العمل داخل المنطقة الحرة.

المملكة