استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بالوقف الفوري والدائم وغير المشروط لإطلاق النار في غزة، قدمته الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس.

وصوت لصالح مشروع القرار 14 عضوا في المجلس المكون من 15 عضوا. لكن المشروع لم يُعتمد بسبب استخدام الولايات المتحدة - وهي واحدة من 5 أعضاء دائمي العضوية بمجلس الأمن - لحق النقض.

مشروع القرار أشار إلى مطالبته بالإفراج فورا وبدون شروط وبشكل كريم عن جميع المحتجزين من قبل حماس وغيرها.

وطالب بالرفع الفوري وبدون شروط لجميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها بصورة آمنة وبدون عوائق على نطاق واسع، بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني عبر أنحاء قطاع غزة.

الولايات المتحدة

القائمة بأعمال المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا، قالت قبل التصويت إن رفض بلادها لمشروع القرار "يجب ألا يكون مفاجأة"، مضيفة: "الولايات المتحدة كانت واضحة، لن ندعم أي إجراء لا يدين حماس".

وأضافت أن "أي قرار يقوض أمن إسرائيل، هو قرار مرفوض تماما".

وشددت على أن أحدا لا يريد أن يرى المدنيين الفلسطينيين في غزة يعانون من الجوع أو العطش، داعية الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على دعم ما يعرف باسم "مؤسسة غزة الإنسانية"، ومساعدتها على إيصال المساعدات بأمان دون أن تحولها حماس.

وأوضحت أنه في هذه الأثناء "يحاول مفاوضونا على الأرض التوصل إلى اتفاق حقيقي لإطلاق سراح المحتجزين، ووقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية".

وطلبت شيا الكلمة بعد التصويت ردا على تصريح "إحدى الدول الأعضاء في المجلس"، وكررت التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأشارت إلى أن إسرائيل اتخذت إجراءات عديدة للحد من إلحاق الضرر بالمدنيين وتلبية الاحتياجات الإنسانية.

وأضافت: "خسارة أرواح المدنيين في غزة أمر مأساوي. جميعنا نحزن على هذا، لكن مسؤولية ذلك تقع على عاتق حماس".

وأوضحت أن إلقاء اللوم على إسرائيل وتوجيه اتهامات "بالإبادة الجماعية" ليس فقط غير دقيق، بل هو أمر خطير أيضا.

المملكة المتحدة

السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد قالت إنها صوتت لصالح مشروع القرار لأن "الوضع الذي لا يُحتمل في غزة يجب أن ينتهي".

وأعربت عن عزم بلدها للعمل على إنهاء هذه الحرب وضمان الإفراج عن المحتجزين من قبل حماس وتخفيف الوضع الإنساني الكارثي للفلسطينيين في غزة.

وأضافت أن قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع عمليتها العسكرية في غزة وفرض قيود مشددة على الإغاثة، غير مبرر وغير متناسب وغير مجد.

وأشارت إلى ما ذكرته الحكومة الإسرائيلية عن نظامها الجديد لتوزيع المساعدات، وقالت إن "الفلسطينيين اليائسين لإطعام أسرهم"، قُتلوا أثناء محاولة الوصول إلى المساعدات. ووصفت ذلك الوضع بأنه غير إنساني.

وأيدت دعوة الأمم المتحدة لإجراء تحقيق فوري ومستقل في هذه الحوادث، ومحاسبة الجناة. وشددت على ضرورة أن تنهي إسرائيل الآن القيود التي تفرضها على المساعدات وأن تسمح للأمم المتحدة وعمال الإغاثة بالقيام بعملهم لإنقاذ الأرواح.

الجزائر

السفير الجزائري عمار بن جامع، قال إنّ مشروع القرار الإنساني، "حتى في عرقلته من خلال حق النقض، يمثل مرآة تعكس معاناة التعددية والحاجة الملحة لإحيائها".

وأضاف أن مشروع القرار يمثل "إرادة جماعية للعالم أجمع ورسالة إلى الشعب الفلسطيني أنكم لستم وحدكم، وإلى المحتل الإسرائيلي بأن العالم يراقبهم".

وأكد على ضرورة سقوط "درع الإفلات من العقاب"، مضيفا أن التصويت اليوم "يكشف لماذا يُواصل المحتل الإسرائيلي جريمته: لأنه لم يواجه العدالة قط، ولأنه شعر دائما بالحماية، بينما يُدفن الضحايا دون أسماء، ولا عناوين رئيسية، ولا تحقيق، ولا محاسبة".

وأكد أنه كان ينبغي على مجلس الأمن أن يتحرك "لكي لا يصبح قتل الأطفال الفلسطينيين مجرد هواية، وكان ينبغي أن يتحرك لفرض وقف إطلاق النار في غزة حتى لا يشرع التجويع كسلاح".

وقال بن جامع إن الجزائر ستقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وستعود إلى المجلس مرارا وتكرارا من أجل "الجياع الذين يرفضون مقايضة الكرامة بالخبز تحت الحصار والعطشى الذين يقتلون بحثا عن المياه النظيفة، ولأن الفلسطينيين يستحقون العيش في حرية وكرامة".

الصين

لفت مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة فو تسونغ، إلى أن نتيجة التصويت تكشف مرة أخرى أن السبب الجذري لعجز المجلس عن تهدئة الصراع في غزة هو العرقلة المتكررة من جانب الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن واشنطن أساءت مرة أخرى استخدام حق النقض، "لتطفئ بصيص الأمل لسكان غزة".

وقال: "إن استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل عضو دائم واحد لا يمكن أن يوقف مسيرة السلام".

ونبه إلى أن ذلك الصراع تجاوز حدود عملية إنقاذ المحتجزين لفترة طويلة، داعيا إسرائيل إلى وقف العمليات العسكرية فورا وإعادة وصول الإمدادات الإنسانية بالكامل.

وقال فو تسونغ، إنّ احترام القانون الدولي الإنساني التزام يجب على جميع الأطراف الوفاء به، مضيفا: "أي معايير مزدوجة أو تطبيق انتقائي لن يؤدي سوى إلى تآكل أسس سيادة القانون الدولي، ويجب رفضه رفضا قاطعا".

روسيا

قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن تصويت اليوم كان فرصة "لرؤية من يريد السلام حقا في الشرق الأوسط ومن يريد مواصلة المناورات الجيوسياسية".

وأضاف أنها فرصة أخرى ضاعت لإثبات "استعداد مجلس الأمن لتحمل مسؤولية صون السلم والأمن الدوليين عمليا في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ 8 عقود".

وفي ظل الظروف الراهنة، قال نيبينزيا إن روسيا تعلق آمالا خاصة على المؤتمر رفيع المستوى حول عملية السلام في الشرق الأوسط المزمع عقده الشهر الحالي، والذي سترأسه السعودية وفرنسا.

وأضاف: "من المهم التأكد من أن تكون نتائجه ملموسة وأن يهدف إلى بث روح جديدة في فكرة حل الدولتين"، مشددا على أن المجتمع الدولي يجب أن يُظهر إرادة جماعية وأن يبذل قصارى جهده لضمان تهيئة الظروف اللازمة لاستئناف هذه العملية.

فرنسا

الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة جيروم بونافون، وصف ما يحدث في غزة بأنه "مأساة تحدث تحت أنظارنا"، معربا عن الأسف لعدم اعتماد مشروع القرار، وقال: "مُنع مجلس الأمن من تحمل مسؤوليته على الرغم من توافق أغلبيتنا على موقف واحد".

وجدد دعوته للوقف الفوري والدائم لإطلاق النار. وقال إن توفير المساعدات الإنسانية يجب ألا يكون مشروطا بوقف إطلاق النار أو أن يُستخدم لأغراض سياسية.

ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى الامتثال لالتزاماتها الدولية لضمان توفير المساعدات الإنسانية فورا وعلى نطاق واسع وبشكل آمن وبدون قيود للناس بأنحاء غزة. وجدد دعم فرنسا لوكالات الأمم المتحدة وشركائها في مجال العمل الإنساني، وقال إنهم أثبتوا قدرتهم على تقديم المساعدات.

وشدد على ضرورة الإفراج عن جميع المحتجزين بدون تأخير أو شروط. كما أكد ضرورة نزع سلاح حماس وقال إنها لا يمكن أن تكون جزءا من الحل في غزة.

وقال إن على مجلس الأمن العمل باتجاه تطبيق حل الدولتين: إسرائيل وفلسطين.

سلوفينيا

قبل التصويت، استعرض المندوب الدائم لسلوفينيا لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار مشروع القرار بالنيابة عن الدول العشر المنتخبة غير دائمة العضوية.

وقال: "نؤمن إيمانا راسخا بضرورة أن يتحرك هذا المجلس بشكل عاجل وحازم لمعالجة الوضع الإنساني في غزة، بما يتماشى مع ولايته في صون السلم والأمن الدوليين. ومشروع القرار هو ثمرة مشاورات بين جميع أعضاء المجلس".

وأوضح أن نص مشروع القرار يعكس الإجماع الذي اتفق عليه جميع أعضاء المجلس، "على ضرورة وقف الحرب في غزة على الفور، وإطلاق سراح جميع المحتجزين على الفور ودون قيد أو شرط، ومنع تجويع المدنيين في غزة، وتمكينهم من الوصول الكامل وغير المقيد إلى المساعدات".

مشروع القرار طالب أيضا باستعادة جميع الخدمات الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية المتمثلة في "الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال"، وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب نص مسودة القرار عن القلق البالغ بشأن الوضع الإنساني الكارثي في غزة، بما في ذلك خطر المجاعة كما ورد في تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.

وشدد على ضرورة امتثال جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. وأعرب عن التقدير لجهود مصر وقطر والولايات المتحدة المتعلقة بتنفيذ الأطراف لوقف إطلاق النار.

الدول العشر المنتخبة في مجلس الأمن - التي تُنتخب لعضوية المجلس لمدة عامين - هي الجزائر، باكستان، بنما، جمهورية كوريا، الدنمرك، سلوفينيا، سيراليون، الصومال، غيانا، اليونان.

والدول الخمس دائمة العضوية بالمجلس، التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) هي الصين، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، وروسيا.

وأعرب نص مسودة القرار عن القلق البالغ بشأن الوضع الإنساني الكارثي، بما في ذلك خطر المجاعة كما ورد في تقرير التنصيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.

وشدد على ضرورة امتثال جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويعرب عن التقدير لجهود مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية المتعلقة بتنفيذ الأطراف لوقف إطلاق النار.

المملكة