أعلنت إيران الخميس، عزمها على بناء منشأة جديدة وزيادة وتيرة انتاجها من اليورانيوم المخصب، ردا على قرار بإدانتها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصعيد يأتي قبيل جولة جديدة من المباحثات مع واشنطن، وفي ظل تقارير عن هجوم إسرائيلي وشيك.

واتهم قرار طرحته دول غربية وأقره مجلس محافظي الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة، إيران بـ"عدم الامتثال" لالتزاماتها. وأثار القرار والرد الايراني عليه، انتقادات دولية واسعة، بينما دعت إسرائيل، دول العالم إلى الرد بـ"حزم".

واتّهمت الولايات المتحدة وإسرائيل وبلدان غربية أخرى إيران مرارا بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي، وهو اتهام نفته طهران بشكل قاطع.

وباتت مسألة تخصيب اليورانيوم قضية جدلية رئيسية في المباحثات بين طهران وواشنطن، والتي أعلنت عُمان أن جولتها المقبلة ستُعقد في مسقط الأحد.

وجاء في بيان مشترك صادر عن منظمة الطاقة الذرية ووزارة الخارجية الإيرانيتين "أصدر رئيس المنظمة الأوامر اللازمة لإطلاق مركز جديد لتخصيب اليورانيوم في مكان آمن".

وقال الناطق باسم المنظمة بهروز كمالوندي بأن إيران ستستبدل "كل هذه الأجهزة من الجيل الأول بأخرى متطورة من الجيل السادس" في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم جنوب طهران، مضيفا في تصريحاته إلى التلفزيون الرسمي بأن ذلك يعني أن "إنتاجنا من المادة المخصّبة سيزداد بشكل كبير".

تهديدات للقواعد الأميركية

وفي وقت لاحق، ندد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي بقرار الخميس، الذي اعتبره "متطرف" و"غير قانوني"، مشيرا إلى أنه نتيجة لـ"النفوذ" الإسرائيلي.

وأضاف بأن التخصيب سيبدأ في الموقع "المنيع"الجديد" فور نصب الأجهزة الجديدة".

عقدت الولايات المتحدة وإيران خمس جولات من المحادثات منذ نيسان، للتوصل إلى اتفاق نووي جديد يحل مكان اتفاق العام 2015، الذي تخلى عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الرئاسية الأولى.

والخميس، أكّد وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي أن "الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية الأميركية ستعقد في مسقط الأحد".

ولوّح ترامب باحتمال اللجوء إلى الخيار العسكري ضد طهران في حال فشل التفاوض. من جهتها، هددت إيران الأربعاء باستهداف القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة حال فشلت المحادثات واندلع نزاع بين البلدين.

وتبدّلت هذا الأسبوع لهجة ترامب التي طبعها التفاؤل في السابق، إذ قال إنه "أقل ثقة" بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق وأمر بنقل موظفين أميركيين من الشرق الأوسط الذي قد يصبح "خطيرا".

والخميس، قيّدت السفارة الأميركية في القدس تنقلات موظفيها اثر مخاوف أمنية، مشيرة إلى "التوترات الإقليمية المتزايدة".

وفي وقت سابق، قال مسؤول أميركي إنه يتم تقليص عدد الموظفين في سفارة واشنطن في بغداد بسبب مخاوف أمنية.

آلية لإعادة فرض العقوبات

حذّرت إسرائيل مرارا من أنها قد تهاجم المواقع النووية الإيرانية، متعهدة منعها من حيازة قنبلة ذرية. وأكدت إيران بأنها سترد على أي هجوم، مكررة نفي السعي الى تطوير سلاح نووي.

وقال وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده ردا على التهديدات الأميركية بالتحرك عسكريا حال فشل المفاوضات "لدينا القدرة على الوصول إلى كل قواعدها (الولايات المتحدة). سنستهدفها كلها من دون تردد في البلدان المضيفة لها".

وأضاف "لن تصل الأمور إلى هذا الحد وستنجح المحادثات"، مضيفا بأن الجانب الأميركي "سيتكبد المزيد من الخسائر" إذا اندلع نزاع.

وتشهد المفاوضات الأميركية الايرانية تباينا معلنا بشأن تخصيب اليورانيوم، اذ تريد واشنطن وقف أنشطة طهران في هذا المجال، بينما تعتبر الأخيرة ذلك "حقا" غير قابل للتفاوض.

وتخصّب إيران حاليا اليورانيوم حتى نسبة 60%، وهي أعلى بكثير من السقف الذي فرض في اتفاق 2015 والبالغ 3,67%، علما بأن النسبة ما زالت أقل من 90% التي يتطلبها تطوير رأس حربي نووي.

والخميس، اعتمد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا يدين "عدم امتثال" إيران لالتزاماتها النووية. وأيدت النص 19 دولة من أصل 35، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية عدة وكالة فرانس برس.

ويمكن للقرار أن يمهّد لتفعيل الدول الأوروبية "آلية الزناد" المدرجة في اتفاق 2015 النووي، والتي يتم بموجبها إعادة فرض العقوبات الأممية ردا على عدم امتثال إيران، وهو خيار تنقضي مهلته في تشرين الأول.

وبعد تعهّد إيران زيادة التخصيب، دعا الاتحاد الأوروبي طهران إلى "ممارسة ضبط النفس وتجنّب أي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الوضع".

كما دانت فرنسا "بشدة" الإعلان الإيراني، معتبرة على لسان المتحدث باسم الخارجية ذلك مؤشرا على سعي طهران "المتعمد للتصعيد النووي".

وأفاد مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني الأربعاء، بأن طهران ستفكر في "ردود متناسبة" حال إطلاق "آلية الزناد"، طارحا إمكانية "بدء عملية الانسحاب" من معاهدة الحد من الانتشار النووي.

أ ف ب